انهيار الليرة والتدهور الاقتصادي يفضحان أكاذيب أردوغان
استمرار هبوط العملة التركية وطريقة تعاطي أردوغان مع الأزمة يدفعان الشعب التركي للتساؤل حول سياساته الاقتصادية الحالية والسابقة.
أدى استمرار الهبوط الحاد للعملة التركية وطريقة تعاطي رجب طيب أردوغان مع الأزمة إلى دفع الشعب التركي لوضع كثير من علامات الاستفهام والتعجب حول السياسات الاقتصادية الحالية والسابقة للرئيس، ما يجعل البلاد في حالة استقطاب سياسي كبير.
وقبل شهر من الانتخابات المبكرة التي يسعى أردوغان للفوز بها، تتصاعد أزمة العملة التركية بوتيرة تدفع الأتراك ليتساءلوا عن الادعاءات التي طالما تغنى بها الرئيس التركي المستبد بأنه "يعرف الطريق إلى الرخاء الاقتصادي"، بحسب تقرير نشرته، الأربعاء، صحيفة "وول ستريت جورنال".
ويرى محللون تحدثوا للصحيفة أن أردوغان يتحمل المسؤولية عن الليرة المدمرة والتضخم المرتفع، لأنه أعرب علنا عن معارضته لرفع أسعار الفائدة، وهي الوسيلة المتبعة اقتصاديا لدعم العملة المتعثرة.
وبحسب الصحيفة، يرى العديد من خبراء الاقتصاد أن على تركيا أن تشير إلى أنها ملتزمة بدعم الليرة، أو المخاطرة بتعرضها لعمليات مضاربة ضخمة من قبل المستثمرين الأجانب.
من جانبه يعارض أردوغان علنا ارتفاع أسعار الفائدة لأن ذلك –بحسبه- من شأنه أن يبطئ وتيرة الاستثمار، وبدلاً من ذلك، حث أردوغان الشعب التركي "الذي لديه اليورو والدولارات تحت الوسائد" على دعم العملة الوطنية بشراء الليرة.
وترصد الصحيفة أنه في الأشهر الأخيرة، "ارتفعت المخاوف بشأن الاختلالات الاقتصادية مع ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى11٪ في أبريل/نيسان الماضي، كما تعاني تركيا من توسع في العجز في الحساب الجاري، وهو مؤشر رئيسي على ضعف الاقتصاد في البلاد".
وتعاني العملة التركية، منذ أكثر من عام تقريبا، من انخفاضات وتقلبات حادة أمام سعر صرف الدولار، ما أدى إلى فقدانها أكثر من 20 بالمئة من قيمتها في الأسابيع الأخيرة.
في هذا السياق، عدلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها للنمو التركي في عام 2018 إلى 2.5%، خافضة من توقعاتها السابقة البالغة 4 بالمئة.
استقطاب داخلي
ونقلت الصحيفة عن فينيكس كالين الخبير الاستراتيجي في مؤسسة سوسيتيه جنرال في لندن قوله، إن "السؤال الحاسم في هذا المنعطف، هو ما إذا كان السقوط الحالي للليرة التركية، قد أضر بمعدلات تأييد الرئيس أردوغان في استطلاعات الرأي أم لا".
وأضافت الصحيفة "تبدو تركيا مستقطبة للغاية"، مشيرة إلى استطلاع أجرته مؤسسة "ميتروبول" لاستطلاع الرأي في 18 مايو/أيار الجاري، حيث أفاد 47.8٪ من المشاركين في الاستطلاع بأنهم لا يوافقون على سياسات أردوغان، مقابل 46.3٪ يوافقون عليها, وهي المرة الأولى منذ شهر يوليو/حزيران عام 2016 , التي تجاوز فيها نسبة الآراء السلبية نظيرتها الإيجابية حيال سياسات أردوغان.
وتشير الصحيفة إلى أن"ثمة استطلاعات أخرى خلصت إلى أن الأتراك أصبحوا أكثر تشاؤماً بشأن التوقعات الاقتصادية، وإلى انخفاض ثقة المستهلكين، وهي المحرك الرئيسي للاقتصاد التركي، إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر في أيار/ مايو الحالي".
وعادة ما يشكك المعارضون السياسيون الأتراك في مصداقية أغلب استطلاعات الرأي، على خلفية فرض السلطات حكم الطوارئ في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016، وقمعها المتواصل وسائل الإعلام المستقلة والجيش والقضاء.
وبحسب الصحيفة، من المتوقع أن يستغل المنافسون لأردوغان في السباق الرئاسي، انهيار الليرة في انتقاد سجل الرئيس الاقتصادي.
ونقلت الصحيفة عن محرم إينجه، مرشح حزب الشعب الجمهوري العلماني، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البرلمان في الانتخابات المقبلة، قوله خلال اجتماع انتخابي حاشد لمناصريه، إن "الانخفاض في الليرة سيعود إلينا في صورة تضخم أعلى وأسعار فائدة أعلى".
في سياق متصل، كتب كمال كيريشي، مدير برنامج تركيا في مؤسسة "بروكينجز" البحثية، في مقال له أمس أنه "ثمة مؤشرات متزايدة على أن الهيمنة السياسية التي سمحت لفترة طويلة لأردوغان بتحديد مسار الحياة السياسية التركية، في طريقها إلى الذبول".
ونوه كيريشي إلى أن" استطلاعات الرأي التركية التي أجريت مؤخرا يجب أن تُقرأ بحذر، حيث إن العديد منها يشير الآن إلى احتمال كبير بأن الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تحسم إلا في جولة الإعادة، وأن حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان سيفشل في الاحتفاظ بأغلبية في البرلمان".
وأضاف المحلل أن ما يحدث الآن ليس مفاجئا، حيث "كان العديد من المحللين عبروا عن قناعتهم أن قرار أردوغان المضي قدما في الانتخابات قيل أكثر من 16 شهرا من موعدها، كان خطوة استباقية من جانبه لتفادي المشكلات التي كان من المرجح أن ينزلق إليها الاقتصاد التركي المتقلب، وأن يؤثر ذلك السقوط الاقتصادي على معدلات الدعم الشعبي له".
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 يونيو/حزيران، التي سوف تشهد البلاد بعدها النظام الرئاسي الجديد الذي أقره استفتاء أجري في أبريل/نيسان 2017، يؤكد معارضوه أنه يمنح الرئيس سلطات استبدادية.
aXA6IDE4LjExOC4wLjQ4IA== جزيرة ام اند امز