خسارة رجب طيّب أردوغان لجزيرة سواكن السّودانية، التي أرادها قاعدة عسكريّة في أفريقيا، هي ضربة قاتلة في الوقت الحالي.
توالت الضربات للنّظام التركي مؤخراً، وجاءت ضربات داخلية وخارجيّة لم يحسب لها الإمبراطور الحالم حسابا.
خسارة رجب طيّب أردوغان لجزيرة سواكن السّودانية، التي أرادها قاعدة عسكريّة في أفريقيا، هي ضربة قاتلة في الوقت الحالي، خاصّة بعد تراجع قوات حلفه مع القطريين والإرهابيين على الأرض في ليبيا، وهو تشتيت غير متوقّع لاستراتيجية بدأها النّظام التركي، وبالتالي ضاعت سنوات من العمل على تدمير دول للاستفادة من أطلالها.
بعد أن بدأ الرّئيس التركي يشعر ببداية الأمل لتحقيق استعادة "أمجاد الأجداد"، وأن يرتدي شخصية السّلاطين التي أراد أن ينسجها بخيوط عقول شباب الأمة الإسلامية ودماء شعوبها، أصبح "سلطان" في خياله لا صديق له، الكلّ أعداء إلى حين، والبعض أصدقاء إلى حين.
النّقد غير مسموح في المنظمة الأردوغانية ولو بكلمة، سواء كانت هذه الكلمة على وسائل الإعلام العادية، أو على صفحات الأشخاص الفردية، من يتكلّم يسجن، ومن يتذمّر يسجن، وغالبية الشعب من الأكراد يقتل، والبقية يتم ملاحقتهم حيثما ذهبوا، يتبعهم إرهاب الحاكم التّركي
خير دليل على هذا هو استغلاله للأنظمة المعزولة المعادية لمصالح المنطقة، والذي ركض نحوهم ووضع يده في أياديهم، رغم اختلاف الأيديولوجيات، ورضوخ بعضها لعقوبات ومواقف دولية واضحة حولها.
لقد جاء الرّئيس التركي بفكره المغرور منذ البداية ليبدأ سلسلة من التعنّت، غاياتها فتح الطرق للإخوان المسلمين وحجز مساحات لهم على الأراضي التي كانت تتصف بقابلية الفرقة والنّزاع.
وقد قدم له الحليف "الصديق/العدو" إيران، ثم تنظيم داعش الدّعم الأكبر بفتح الحدود للمنتمين للتنظيم من الإرهابيين للدّخول عبر بلاده إلى سوريا، التي نهب ثرواتها وامتص دماء أبنائها، ولم تكن المصالح مع إيران وحدها، بل وجد فريسة جديدة فكشّر عن أنيابه مبتسما واحتضن الأمير الصّغير حمد مطمئنا، ورسالته: "نحن هنا فلا تخف، وإليكم جنودنا ونريد على أرضكم قواعدنا، فأنتم جزء من حلمنا التّوسّعي، وكل ما يأتي منكم خيرا سواء على المدى البعيد أو القريب، وحتّى كأس العالم يمكننا حمل عبئ التنظيم عنكم فقط اتركوا لنا إدارة الأمور والبنوك".
وقد عمل على الأسلوب نفسه مع عمر البشير الرئيس السوداني السابق الذي يحمل ذات الفكر والدكتاتورية.
لقد بدأت الخسائر المتتالية من الدّاخل بالأزمة الاقتصادية الحادة التي تتعرّض لها تركيا، ثم هزيمة رجب طيّب أردوغان في الانتخابات البلديّة، وهي هزيمة حاول الرئيس التركي أن يقاتل بعدها خصومه بشراسة، وكان الظن في البداية أن قتال أردوغان يتعلق بالمناصب والمصالح فحسب، لكن وبعد فترة قصيرة كشف الفائزون في البلديّات الفساد الكبير الذي كان ينخرها، والدّيون الثقيلة التي ترزح تحتها كلّ بلديّة والتي سعى أردوغان بكامل جهده لأن يحجبها عن شعبه، بعد عجزه عن حجب الأزمة الاقتصادية بتضخم الليرة الذي كان الموسم الأوّل من مواسم التّعرية للنّظام الإخونجي.
إنه نظام سعى لعقود على تكميم الأفواه وسلب حرّيات الشعب التركي في الدّاخل والخارج، بدأه أردوغان بالالتفاف على صديقه وشريك كفاحه الأيديولوجي فتح اللّه غولن، والذي شعر بأنه أكثر شعبيّة منه، لثرائه وأعماله "الخيرية" في تركيا وخارجها، والآن يلعب على طاولات المفاوضات ويستهدف رأس صديقه في "النضال"، وهنا نرى أوّل بوادر الخيانة في شخصية الرئيس التركي الذي لا يقبل منافسا ولا ناقدا. النّقد غير مسموح في المنظمة الأردوغانية ولو بكلمة، سواء كانت هذه الكلمة على وسائل الإعلام العادية، أو على صفحات الأشخاص الفردية، من يتكلّم يسجن، ومن يتذمّر يسجن، وغالبية الشعب من الأكراد يقتل، والبقية يتم ملاحقتهم حيثما ذهبوا، يتبهم إرهاب الحاكم التّركي حتى وإن وجدوا في سوريا والعراق ولم يكونوا أتراكاً في الأصل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة