أردوغان المقامر يدمر قطاع السكر بسياسات الخصخصة "المسعورة"
مع انطلاق قطار الخصخصة تراجع السوق التركي في مجال إنتاج السكر من موقع المصدر إلى المستورد وبسرعة فائقة.
تسببت عمليات البيع المحمومة لمصانع ومنشآت تركيا الاقتصادية المملوكة للشعب، في تورط اقتصاد أنقرة أكثر فأكثر في وحل الأزمة، بسبب سياسات حكومية مقامرة حتى بالسلع الأساسية للأتراك.
وكشف ديوان المحاسبة التركي عن المعاناة الكبيرة التي يعاني منها قطاع إنتاج السكر في البلاد، مشيرًا إلى أن مصانع القطاع التي تمت خصخصتها، انخفض إنتاجها للنصف، وباتت تركيا تعتمد على الاستيراد في تلبية احتياجات السوق المحلي.
جاء ذلك وفق تقرير صادر عن الديوان التركي، أمس الإثنين، نقله الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة، التي ذكرت أن "مصانع السكر تعد من الثروات القومية لتركيا، وتحمل أهمية استراتيجية كبيرة".
التقرير الذي وصفته الصحيفة بـ"الصادم"، كشف النقاب عن أوضاع مصانع السكر التي تمت خصخصتها العام الماضي.
وكما توقع الخبراء مع انطلاق قطار الخصخصة تراجع السوق التركي في مجال إنتاج السكر من موقع المصدر إلى المستورد وبسرعة فائقة، وتحولت لمجرد مستهلك دولي للمنتجات الزراعية التي تأتيها من الخارج، بداية من القمح إلى الحمص.
وذكر التقرير أن "الإنتاج في تلك المصانع انخفض للنصف بسبب الخصخصة"، مشيرًا إلى أن "تركيا باتت تعتمد على الاستيراد من الخارج لتلبية احتياجات السوق المحلي".
وشدد على أنه "إذا لم تجد تركيا الحلول المناسبة فإن الأزمة ستزداد تعقيدًا"، لافتًا إلى أن العام الماضي شهد بيع 10 مصانع للسكر، وخصخصة 14 آخرين.
وأوضح التقرير أن القدرة على معالجة بنجر السكر التي كانت تقدر في العام 2017 بـ11 مليون و610 أطنان، انخفضت بعد الخصخصة إلى 5 ملايين و525 طنًا، فيما تراجع إنتاج السكر من 1.5 مليون طن إلى 685 ألف طن فقط.
وحذر من إمكانية إفلاس هذه المصانع في أي وقت، لتزايد احتمال عجزها عن دفع ديونها بسبب انخفاض الإنتاج وارتفاع التكلفة.
يأتي ذلك بفعل أزمة اقتصادية طاحنة تشهدها تركيا، تتزايد يوما تلو الآخر، وسط فشل نظام أردوغان في إيجاد حلول لها.
ووصلت هذه الأزمة إلى مستوى خطير من ارتفاع معدلات البطالة، وتواصل نزيف العملة التركية مقابل العملات الأجنبية.
ويرى خبراء واقتصاديون أتراك أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الارتفاع في أسعار المنتجات والسلع المختلفة سواء في القطاع الخاص أو العام؛ مرجعين ذلك إلى ارتفاع نفقات الإنتاج، وازدياد عجز الموازنة.
وعلى وقع هذه الأزمة تتزايد يوما بعد الآخر أعداد الشركات العاملة في تركيا والتي تعلن إفلاسها يوميا، وسط تراجع مؤشرات الاقتصاد وتكبّد هذه الشركات خسائر فادحة وغموض مستقبل الاقتصاد.
وفي يوليو/تموز الماضي، كشفت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان عن إغلاق أكثر من 15 ألف شركة محلية وأجنبية في تركيا خلال عام 2018.
جاء ذلك في رد من الوزيرة التركية على استجواب قدمه النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض بتركيا عمر فتحي غورَر، حول عدد الشركات المحلية والأجنبية المغلقة، وفق ما ذكرته وسائل إعلام محلية، آنذاك.
وقالت الوزيرة إن 2018 شهد إغلاق 14.277 شركة تركية من أصل 85.552، وإغلاق 983 شركة أجنبية من أصل 17.973 شركة جميع شركائها يحملون الجنسيات الأجنبية، بينما بلغ عدد الشركات التي حوّلت نشاطها 1.857 شركة، مقابل 1.252 شركة تم دمجها.
وفي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، كشف تقرير دولي عن الإفلاس أصدرته مؤسسة "يولر هيرميس" الائتمانية المتخصصة في مجال التأمين على الائتمان التجاري عن أن أعداد الشركات المفلسة في تركيا خلال عام 2019 إلى ستصل 16.4 ألف شركة، في دليل جديد على فشل السياسات الاقتصادية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.