أردوغان والنفط السوري.. أطماع تنسف أسطوانة الإرهاب
متاجرة أردوغان بمعاناة السوريين وأطماعه في بلدهم لا تنتهي، وعينه هذه المرة على ذهبها الأسود
حين عجز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تسويق مزاعم مكافحة الإرهاب في سوريا وخطره على أمن بلاده، وأمام عزوف إقليمي ودولي لافت على ابتلاع مؤامراته ومخططاته، لم يجد بدا من المرور إلى مرحلة المساومة المباشرة.
ففي سوريا، لم تكن أعين أردوغان يوما على مكافحة الإرهاب كما يزعم في شعاراته الكاذبة في كل مرة أراد فيها اجتياح الأراضي السورية، وإنما تركيزه الأوحد كان - ولا يزال- النفط السوري، وهو ذات الهدف الذي يرنو إليه بمقترحه الأخير على روسيا، أو المنطقة الآمنة التي أراد إقامتها شمال شرقي سوريا أو ما يُعرف بمناطق شرقي نهر الفرات والتي تسيطر عليها حاليا وحدات حماية الشعب الكردية.
ولأن المتآمر غالبا ما يحاول عدم التطرق إلى هدفه الحقيقي، فإن أردوغان لم يأت على ذكر النفط إلا في مناسبتين أعقبتا إحباطه في الملف السوري، وأجبرتاه على طرق أبواب موسكو أو واشنطن طمعا في دعمهما لضرب الأكراد المسيطرين على آبار النفط، ومن ثمة تحقيق هدفه الحقيقي.
متاجرة بالنفط
في تصريحات أدلى بها على متن طائرته أثناء عودته من العاصمة البلجيكية بروكسل، قال أردوغان للصحفيين إنه طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين تبادل إدارة حقول النفط في دير الزور بسوريا بدلا من "الإرهابيين"، في إشارة إلى الوحدات الكردية التي تصنفها أنقرة بهذا الوصف.
وأضاف "عرضت على بوتين أنه إذا قدم الدعم الاقتصادي فبإمكاننا عمل البنية ومن خلال النفط المستخرج هناك، يمكننا مساعدة سوريا المدمرة في الوقوف على قدميها".
ولم يكتف بذلك، إنما أشار أيضا إلى أنه يمكنه تقديم عرض مماثل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في دعوات ملغومة تهدف إلى تنفيذ أجندته في المنطقة عبر الاستثمار في تضارب مصالح موسكو وواشنطن في سوريا.
نفط سوريا
تسيطر وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من واشنطن على معظم مناطق حقول النفط شرقي سوريا، وهذا ما يثير غيظ أنقرة التي فشلت حتى الآن في إقناع القوى الكبرى بأن هذه الوحدات "إرهابية".
تركيا التي كانت تأمل في الاستفادة من سيطرة الميليشيات المسلحة على بعض حقول النفط السورية، سواء في 2012 أو في 2013 حين انتزعها تنظيم داعش، سرعان ما فقدت دفة توجيه الأحداث بعودة معظم تلك الحقول إلى الإدارة الكردية، وهذا ما يفسر تصريحات أردوغان الأخيرة، في محاولة للدفع نحو نزاع بين الروس والأكراد على إدارة حقول النفط.
وحين أعلن أردوغان قبل أشهر قليلة أنه يريد إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا، كانت خطته تشمل تصميم المنطقة على مساحة تضمن مناطق إنتاج النفط.
بدا هدفه واضحا وهو ضرب القوات الكردية المسيطرة على تلك الحقول، خصوصا عقب انسحاب قوات أمريكية، في خطوة اعتبرها الرئيس التركي ضوء أخضر لضرب الأكراد، قبل أن تنسف آماله موازين القوى على الأرض، وتعيده إلى المربع الأول.
ووفق تقديرات خبراء، فإن الأكراد يسيطرون على 75 بالمئة من النفط السوري، سواء في منطقة حقول الحسكة بما فيها رميلان والسويدية وكراتشوك، أومنطقة الشدادي أو حقول الجبسة، والأخيرة تضم جبسة وغونة وكبيبة وتشرين.
"ذهب أسود" كامن – في معظمه- في مناطق خاضعة للأكراد، لم تفارقها أعين أنقرة مذ وطأت قواتها الأراضي السورية، حيث تعتبر الوصول إلى تلك المنطقة والسيطرة عليها وسرقة نفطها، بمزاعم مكافحة الإرهاب، مسألة حيوية.
أطماع لا تنتهي
إفصاح الرئيس التركي عن أطماعه في نفط سوريا لا يعتبر الأول من نوعه، ففي ديسمبر/ كانون أول الماضي، وجه نداء إلى من أسماها بـ"القوى العالمية الفاعلة" دعا فيه إلى استخراج النفط السوري وإنفاق عائداته على اللاجئين الذين يريد توطينهم شمالي سوريا.
بدا من الواضح أن أردوغان يوجه حديثه بشكل خاص إلى واشنطن التي أعلنت قبل أشهر قليلة من ذلك، سحب قواتها من سوريا، وبالتزامن مع تصاعد التوتر بين الجانبين على خلفية استهداف تركيا للأكراد حليف الولايات المتحدة.
ساوم أردوغان حينها –ضمنيا- من أجل دفع واشنطن إلى رفع حمايتها ودعمها للأكراد، خصوصا في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، محاولا التلويح بورقة النفط، لتحقيق ذات الهدف وهو خلق مواجهة بين الأكراد والقوات الأمريكية من أجل السيطرة على النفط.
وبعكس توقعات أردوغان، جاء رد ترامب جافا حاسما وينضح تحدّ، قائلا إن "النفط السوري بأيدينا وسنفعل به ما نشاء" ليقطع الطريق على الأطماع التركية، ما دفع بأردوغان إلى التوجه نحو روسيا يستجدي رضاها، بحثا عن تسوية سياسية تحفظ ماء وجهه بثبات نقاط المراقبة التركية على الحدود.
aXA6IDMuMTUuMjM5LjE0NSA=
جزيرة ام اند امز