خلال حقبة أردوغان.. أكثر من 53 ألف منتحر تركي
كشفت تقارير للمعارضة التركية ارتفاع معدلات الانتحار خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية، بشكل غير مسبوق.
التقرير أعده تكين بينغول، نائب العاصمة أنقرة عن الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة بالبلاد، ونشرها، السبت، وفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "أفرنسال" التركية، وتابعته "العين الإخبارية".
وأشار التقرير إلى أن شهر يناير/كانون الثاني الماضي شهد انتحار 94 شخصًا على الأقل، و99 في فبراير/شباط، و112 في مارس/آذار، و129 في إبريل/نيسان.
وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية المتردية، والتي زادت سوءًا بعد تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد، كانت هي الدافع الرئيسي لحالات الانتحار، لافتًا إلى أن "الغالبية العظمى ممن انتحروا تركوا خلفهم رسائل تبين أنهم اتخذوا قرار إزهاق الروح لعدم قدرتهم على المعيشة".
وتابع تقرير المعارض بينغول: "نحن الآن أمام معطيات انتحار هي الأعلى في حقبة العدالة والتنمية، وتركيا بشكل عام".
وأشار إلى أنه خلال الفترة من العام 2002، الذي وصل فيه العدالة والتنمية لسدة الحكم، وعام 2019، انتحر 53 ألفًا و425 شخصًا، لافتًا إلى أن عدد المنتحرين في 2002 كان 2301، ليرتفع هذا الرقم في 2012 ليصبح أكثر من 3 آلاف حالة، وفي 2019 يسجل 3406.
وتابع التقرير "بحسب البيانات الرسمية فإنه من بين حالات الانتحار التي سجلت بين 2002 و2019، توجد 4801 حالة الدافع وراءها، صعوبة العيش، وفق بيانات رسمية، وهناك 22645 حالة غير معروفة السبب".
التقرير لفت إلى أنه "وفقًا لمجلس الصحة والسلامة المهنية التركي، انتحر خلال السنوات الثمانية الأخير 127 عاملًا بسبب ديونهم، و68 بسبب البطالة، و53 بسبب المضايقات".
وأوضح التقرير أن من بين من انتحروا عام 2019، 321 شخصًا كان الدافع لانتحارهم "صعوبة العيش"، مبينًا أن هذا يعد الرقم القياسي الأعلى في هذا الصدد على مدار 17 عامًا.
ولفت التقرير إلى أنه "اعتبارًا من العام 2017 بدأت الجهات المعنية ترفع إحصائيات الانتحار من على المنصات الرسمية، لتكتفي في نقل هذه الإحصائيات عبر النشرات الإخبارية، وبشكل مقتضب، بعد أن أخذت تلك المعدلات في الارتفاع بشكل بات يشكل ظاهرة".
التقرير أشار كذلك إلى أن الخبراء يقولون إن محاولات الانتحار تزيد ما بين 10 و40 ضعفا عن حالات الانتحار التي سجلت بالفعل، لتتراوح في السنة الواحدة بين 40 ألفا و150 ألف محاولة.
أرقام "صادمة" تدفع الأتراك للانتحار.. فقر وديون
وفي أبريل/نيسان الماضي كشفت المعارضة التركية عن كارثة إنسانية تشهدها البلاد بسبب الأرقام الاقتصادية السلبية، والتي تسببت في ارتفاع نسب الاكتئاب بين الأتراك.
جاء ذلك بحسب ما ذكره برهان الدين بولوط، النائب البرلماني عن الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، حيث قال في تصريحات له آنذاك "في العام 2019 تم بيع 49 مليونًا و857 ألف علبة من العلاج المضاد للاكتئاب بتركيا، ليرتفع هذا الرقم إلى 54 مليونًا و625 ألفًا في 2020، وفي 2021 تم خلال الأشهر الثلاث الأولى بيع 15 مليونًا علبة، وسيصل هذا الرقم إلى 60 مليونا بحلول نهاية العام لجاري".
واعتبر أن هذه الزيادة الكبيرة في استخدام مضادات الاكتئاب أمر مثير للقلق بالنسبة للصحة العامة، لافتًا إلى أن 5806 أشخاص انتحروا بين عامي 2002 الذي وصل فيه العدالة والتنمية لسدة الحكم، و2019 بسبب الصعوبات المالية.
في سياق متصل، أشار بولوط إلى أن المواطنين باتوا يلجأون للأدوية من أجل الحفاظ على حالتهم النفسية كي لا يساقون للجنون، على حد تعبيره.
وأوضح أنه وفقًا لتقرير السعادة العالمي الخاص بالعام الماضي، تراجعت تركيا من المركز الـ93 إلى الـ104 من بين 149 دولة، لافتًا إلى ارتفاع معدلات الانتحار في تركيا بشكل ملحوظ خلال السنوات الـ20 الماضي، أي مدة وجود العدالة والتنمية بالسلطة.
أزمات أردوغان السبب
وأوضح البرلماني المعارض "أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تسبب فيها نظام الرجل الواحد (في إشارة للنظام الرئاسي المعمول به منذ عام 2018) دفع الناس إلى الاكتئاب، وهو ما تعمق بعد تفشي جائحة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية".
ولفت إلى أن "الرئيس رجب طيب أردوغان ونظامه يبيعون الوهم للشعب بتصريحاتهم المتكررة التي يزعمون فيها تحقيق أرقام قياسية اقتصادية، وأنهم ناجحون للتصدي لفيروس كورونا وكافة التداعيات الناجمة عنه".
وأضاف بولوط، قائلا "جائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية، وصعوبة العيش، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل لأكثر من 10 ملايين، والديون، والقلق المتعلق بالمستقبل، كلها أمور كفيلة بدفع الناس للجنون وليس الاكتئاب فقط".
وبيّن أن "الفقر تعمق بتركيا في سرداب الأزمة الاقتصادية، وأن المواطنين من عمال وموظفين وحرفيين ومزارعين، أي شريحة كبيرة من المجتمع باتوا لا ينظرون بأمل للمستقبل، لقد فقدوا الأمل في كل شيء بسبب النظام الحاكم وسياساته التي تعمق الأزمة الاقتصادية"
واستطرد قائلا "أما الرئيس أردوغان فيعيش في عالمه الخيالي، ويقول إنه لا توجد بطالة، وأنه إن كان هناك شباب لا يعملون فهذا يرجع إلى مشكلة في إمكانياتهم".
وذكر بولوط كذلك أن "تركيا تحتل المركز الأول أوروبيا من حيث عدد الإصابات اليومية بفيروس كورونا، ورغم هذا يزعم النظام نجاحهم في التصدي للوباء، كما يزعم تحقيقه أرقامًا اقتصادية قياسية في الوقت الذي يعجز فيه المواطن عن شراء الخبز لمنزله".
وأكد المعارض التركي أن "النظام منعزل في قصر عن الشارع تمامًا، لا يدرك حقيقة الأمور لأنه يعيش في رغد من الحياة بدون أية مشاكل أو صعوبات".
البطالة وإغلاق المتاجر
وفي سياق متصل، أوضح بولوط أن "المؤشرات الاقتصادية كفيلة بتوضيح الحقيقة دون خداع"، مضيفًا "زاد عددد غير المندرجين بالقوى العاملة خلال العام الأخير بمقدار 930 ألف شخص، ليبلغ العدد الإجمالي 31 مليونًا و728 ألف شخص".
وتابع "أما العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل فبلغ 10 ملايين و209 أشخاص خلال العام الأخير بعد أن زاد بمقدار مليونين و909 آلاف شخص خلال العام الأخير".
ولفت إلى أن "معدل البطالة بين الشباب (15-24) سجل بمارس/آذار الماضي 27.1% بزيادة بلغت أكثر من 3 نقاط مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي"
المعارض نفسه ذكر أن هناك 99 ألفًا و588 محل تجاري أغلق في العام 2020، إلى جانب 40 ألف و735 شركة، وأن ديون الشركات الصغيرة والمتوسطة للبنوط بلغت 873.7 مليار ليرة.
واستطرد قائلا "هذا فضلا عن أن 3 ملايين و896 شركة صغيرة ومتوسطة لديها ديون قروض للقطاع المصرفي، 291 ألفًا و925 شركة منها عجزت عن دفها ديونها للمصارف في موعدها فخضعت للملاحقة القضائية، حيث بلغت ديونها 57.5 مليار ليرة".
كما أوضح بولوط كذلك أن "ديون المواطنين للبنوك تبلغ 863 مليار ليرة، منها 708.5 مليار ديون قروض استهلاكية، و154.3 مليار ديون قروض ائتمان".
أسوأ المراحل
وكانت تقارير إعلامية سابقة ذكرت أنّ المجتمع التركي يمرّ بمرحلة من بين أسوأ المراحل التي شهدها على مرّ التاريخ، في ظل ارتفاع معدلات الانتحار بين العمال والأطباء وموظفي العموم والمدرسين والعاملين في الشرطة، في أعقاب اضطرابات اجتماعية وسياسية واقتصادية.
وذكر الدكتور جوشقون جَنَوار، عضو في مجلس الصحة والسلامة المهنية في تركيا، أن أحداثاً واسعة النطاق تؤثر على المجتمع بأكمله يمكنها أن تؤدي إلى الانتحار.