يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم زيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، تستمر ليومين في تأكيد واضح على عودة العلاقات بين البلدين إلى مسارها التعاوني الصحيح.
والذي بدأ بالزيارة التاريخية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، إلى تركيا في نوفمبر الماضي، والتي أسست لمرحلة جديدة من التعاون القوي بين البلدين الصديقين، بما يخدم جهود تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي ومصالح الشعبين الإماراتي والتركي في التنمية والازدهار.
لا خلاف على أن وجود علاقات قوية واستراتيجية بين دولة الإمارات والجمهورية التركية هو أمر مهم وحيوي لاستقرار وتنمية المنطقة برمتها، وليس فقط البلدين وشعبيهما، وذلك بالنظر إلى ما تمتلكه كل دوله منهما من عناصر قوة إقليمية واقتصاديات متطورة، فدولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت في غنى عن التعريف بوصفها قوة استقرار وتنمية في محيطها والعالم كله، كما أنها أصبحت تمثل اليوم وجهة اقتصادية حيوية وفاعلة على خريطة الاقتصاد والتجارة والاستثمار دولياً، وتواصل جهودها ومشاريعها الاستراتيجية والتنموية الطموحة لترسيخ مكانتها الاقتصادية العالمية وفق ما رسمته وثيقة "مبادئ الخمسين" ورؤية "مئوية الإمارات 2071".
أما تركيا، فقد فهي قوة إقليمية مهمة، لها دورها المؤثر في العديد من الملفات الإقليمية، وتمثل جسرا للتواصل الثقافي بين أوروبا والعالم الإسلامي من جهة، وبين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط من جهة أخرى، كما أنها عضو في حلف شمال الأطلسي، وتمتلك اقتصادا قويا يضعها ضمن أكبر عشرين اقتصادا في العالم، ورغم الهزات التي تعرض لها هذا الاقتصاد في السنوات الأخيرة، ولا سيما فيما يتعلق بتذبذب قيمة الليرة التركية، فإنه حافظ على مكانته ضمن قائمة الاقتصادات العشرين الأكبر عالمياً.
من هنا، فإن وجود علاقات تعاونية بين البلدين سيخدم بالضرورة مصالحهما المشتركة، ويعزز من عوامل الاستقرار والتعاون الإقليمي بشكل عام.
الإمارات دولة تسامح وتعمل من أجل أن تسود علاقات السلام والتعاون بين جميع دول المنطقة والعالم، وهي صديق وفيّ لجميع دول العالم وتمد يدها دائماً بالخير والسلام لكل دولة، ومن هنا جاءت الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين شعارها التعاون والصداقة ضمن معادلة "رابح-رابح"، وهي المرحلة التي ستتعزز وتترسخ بزيارة الرئيس أردوغان للإمارات اليوم وغداً لتعود العلاقات من جديد إلى طبيعتها الاستراتيجية القوية التي تمتد لنحو أربعين عاماً.
ويدرك البلدان بطبيعة الحال أهمية المضي قدما في تطوير العلاقات فيما بينهما، ولا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتي تتميز بقوتها، حيث تأتي تركيا في المرتبة الحادية عشرة بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثل الإمارات الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالمياً.
وبحسب معطيات وزارة التجارة التركية لعام 2019، بلغت صادرات الإمارات إلى تركيا 4.3 مليار دولار، كما بلغت صادرات تركيا إلى الإمارات 3.5 مليار دولار، وبلغ حجم التجارة البينية ذروته عام 2017 بقيمة 14.7 مليار دولار.
أما تدفقات الاستثمار الإماراتي إلى تركيا فبلغت نحو 18.4 مليار درهم في نهاية 2020، فيما بلغ رصيد الاستثمارات التركية في دولة الإمارات حتى بداية عام 2020 أكثر من 1.3 مليار درهم.
ومن شأن عودة العلاقات القوية بين البلدين من جديد أن تدفع بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستويات أعلى تخدم مصالح البلدين.
على صعيد التعاون في حل المشكلات الإقليمية، فلا شك أن وجود علاقات قوية بين البلدين سيسهم في التوصل إلى حلول لكثير من الأزمات الإقليمية التي تملك أنقرة تأثيراً فيها، فمن خلال الحوار المباشر والتفاهمات المشتركة يمكن الوصول إلى تسويات تخدم تحقيق الاستقرار الإقليمي بما يعود بالنفع على جميع الأطراف، وهو بلا شك أمر يتفق تماماً مع المبدأ العاشر من "مبادئ الخمسين"، والذي ينص على أن "السعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة