تملك الحوثيين لصواريخ بعيدة المدى، وجُرأتهم على استخدامها، يهددان الملاحة في المضيق والبحر الأحمر
في الأول من أكتوبر، أطلقت الميليشيات الحوثية صاروخاً مضاداً للسفن، أصاب السفينة الإماراتية (سويفت)، وهي سفينة مدنية تشغلها شركة إماراتية خاصة، وتستخدم لنقل المساعدات إلى اليمن والمصابين للعلاج في مستشفيات الإمارات.
وفي يوم 8 أكتوبر، هاجم الحوثيون السفينة الحربية الأميركية (ماسون)، ولكنها تمكنت من صد الهجوم، كما فشل هجوم مماثل عليها يوم 12 أكتوبر. وفي يوم 13 أكتوبر، قامت الولايات المتحدة بتدمير ثلاث محطات رادار استخدمت في توجيه الصواريخ، ولكن الحوثيين عاودوا الهجوم على السفينة مساء يوم السبت 15 أكتوبر.
هذه الاعتداءات هي الأخيرة في سلسلة هجمات قامت بها الميليشيات ضد الملاحة في مضيق باب المندب، ويُعتقد أن الصواريخ التي استخدمت هي صواريخ موجهة من صنع إيراني، يتطلب استخدامها تدريباً عسكرياً من المرجح أن عناصر من الحرس الثوري أو حزب الله – الذي يمتلك صواريخ مشابهة – قد وفروه للحوثيين.
وتأتي الاعتداءات قرب باب المندب في الوقت الذي تضاعفت فيه استفزازات القوات البحرية العائدة للحرس الثوري ضد السفن في الخليج العربي ومضيق هرمز، حيث رصدت البحرية الأميركية عدداً أكبر من تلك العمليات يقوم بها الحرس الثوري في زوارق مسلحة صغيرة وسريعة تقوم بملاحقة السفن في تلك المياه.
اعترف الحوثيون بإطلاقهم الصاروخ على السفينة الإماراتية، وبثوا فيلماً عن الاعتداء يُظهر كيف تعقبوها خلال النهار، قبل إطلاق النار عليها خلال الليل واشتعال النار فيها، وذلك على غرار الهجمات السابقة التي شنت خلال الليل لتفادي تعقبهم.
وكانت السفينة الإماراتية على بعد نحو 25 كلم من ميناء المخا و60 كلم من باب المندب. ولذلك يُرجّح احتمال أن يكون الحوثيون قد استخدموا صاروخاً موجهاً بالرادار، يشبه الصواريخ الإيرانية الصنع التي يستخدمها حزب الله.
ولا يقتصر تواجد الحوثيين على الساحل الشرقي للبحر الأحمر والمياه الإقليمية اليمنية، بل تجاوزوها إلى المياه الدولية والساحل الغربي للبحر الأحمر، وينتشرون في بعض الجزر اليمنية القريبة من باب المندب.
وفي الوقت نفسه، اعترفت إيران بعد الأحداث الأخيرة بأنها عززت تواجدها العسكري قبالة السواحل اليمنية. ومن الواضح أن إيران، بهذا التصعيد، تسعى إلى زيادة رقعة الحرب وعرقلة جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي. إذ تعتقد إيران أن جرّ التحالف إلى حرب بحرية يعطيها ميزة أكبر من الحرب على الأرض اليمنية. كما تهدف من تزويد الحوثيين بالصواريخ المضادة للسفن إلى تجاوز حظر السلاح الذي فرضه مجلس الأمن ضد الحوثيين وعلي عبدالله صالح.
ومما يقوي هذا الاعتقاد هو تزايد وتيرة الاستفزازات الإيرانية في الخليج العربي ومضيق هرمز، حيث تضاعفت في عام 2016 عما كانت عليه في عام 2015.
وقد دفع العدوان الحوثي الأخير البحرية الأميركية إلى إرسال ثلاث سفن بحرية إضافية على الأقل إلى المنطقة، ولكن الخبراء يعتقدون أن المزيد يجب عمله، فباب المندب ممر حيوي للاقتصاد العالمي، يمر فيه نحو أربعة ملايين برميل من النفط يومياً، فضلاً عن جزء كبير من التجارة بين آسيا وأوروبا، ومعظم التجارة التي تمر بقناة السويس.
ولا شك بأن تملك الحوثيين لصواريخ من هذا النوع بمداه البعيد، وجُرأتهم على استخدامها، يهددان الملاحة في المضيق والبحر الأحمر، ويتطلب رداً دولياً، فتأمين الممرات مسؤولية دولية، لضمان حرية الملاحة من جهة، وتطبيق حظر السلاح المفروض على الحوثي وصالح.
ويتطلب الرد على هذه الاستفزازات المستمرة إجراءات حازمة، دولية وإقليمية، يمكن إيجازها في أربعة محاور:
أولاً، اتخاذ إجراءات سياسية في مجلس الأمن ضد إيران لوضع حد لهذه الاستفزازات في البحر الأحمر والخليج ومضيقي باب المندب وهرمز.
ثانياً، أن يتم توفير حماية للسفن في باب المندب، باصطحابها بسفن حربية إلى أن تتجاوز المضيق ومناطق الخطر. وذلك على غرار العملية Operation Active Endeavor التي يقوم بها حلف الناتو في مضيق جبل طارق، مثلاً.
ثالثاً، مساعدة الحكومة اليمنية (الشرعية) على بناء قدراتها للسيطرة على سواحل اليمن ومنع الحوثيين من تهديد الملاحة.
رابعاً، أن تقوم دول التحالف العربي بتعزيز تواجدها البحري قرب السواحل اليمنية، لإحكام تنفيذ حظر السلاح وتفتيش السفن، المنصوص عليهما في قرارات مجلس الأمن.
وبدون ذلك، فإن الحوثيين والحرس الثوري الإيراني سيستمرون في التصعيد، وستكون التبعات العسكرية والاقتصادية بالغة الخطورة إذا لم يتم إيقافهم.
نقلا عن / الوطن أونلاين
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة