تونس تطلق مشروعاً لإحياء «سبخة السيجومي»

أطلقت تونس، مشروعاً جديداً لتثمين واحدة من أهم المناطق الرطبة في البلاد، "سبخة السيجومي"، التي تُعد رابع أغنى منطقة من حيث التنوع البيولوجي في شمال إفريقيا، في محاولة جادّة لإعادة دمجها في النسيج العمراني وحمايتها من التدهور البيئي المتسارع.
جاء الإعلان عن المشروع خلال مؤتمر صحفي عقده وزير التجهيز والإسكان التونسي، صلاح الزواري، بمناسبة انطلاق الدراسة الاستراتيجية للتنمية المندمجة لضفاف بحيرة السيجومي، وذلك في إطار هبة مقدّمة من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة 3 ملايين دينار تونسي.
الوزير أوضح أن هذه المرحلة تمثل الجزء الثاني من مشروع التهيئة الشاملة للمنطقة، وتركز على دراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، إلى جانب تصور تدخلات التهيئة في المناطق السكنية المجاورة، مؤكداً على إطلاق الدراسة التي ستستغرق 24 شهراً بعد منح الإذن لمكتب الدراسات المختص.
المشروع يهدف إلى حماية سبخة السيجومي من الفيضانات، وتطهيرها من النفايات وفضلات البناء، وتحسين ارتباطها الحضري بالمدينة. وسيتم اعتماد تقنيات هندسية تشمل إنشاء نظام لتصريف مياه الأمطار، وبناء برك ترسيب، وتطوير منظومة احتواء للمواد الملوثة، إضافة إلى إعادة تأهيل الأراضي الرطبة المحيطة بالسبخة.
تبلغ المساحة الأصلية لسبخة السيجومي نحو 3500 هكتار، إلا أنها تقلصت إلى 2600 هكتار نتيجة التوسع العمراني العشوائي وتراكم النفايات. وتكمن أهمية هذه المنطقة في احتضانها سنويًا لآلاف الطيور، أبرزها طائر النحام الوردي، إلى جانب أنواع مثل البط، والغرة السوداء، والنورس، واللقلق. وقد تم تسجيلها رسميًا ضمن قائمة "رامسار" للمناطق ذات الأهمية العالمية في مجال التنوع البيولوجي.
وتفيد المعطيات التي قدمتها نادية قويدر الطرابلسي، المديرة العامة للمصالح الجوية والبحرية، بأن الكلفة الجملية للمشروع تُقدّر بحوالي 400 مليون دينار (نحو 120 مليون دولار)، مشيرة إلى أن نجاح مشروع بحيرة الضاحية الشمالية للعاصمة يشكل تجربة مرجعية تسعى الوزارة إلى تكرارها في السيجومي، رغم التحديات التمويلية التي تتطلب شراكة مع مستثمرين من القطاع الخاص.
وأكدت الطرابلسي أن المشروع لا يمكن تنفيذه من قبل الدولة فقط، مشيرة إلى ضرورة وجود تمويل خارجي، وعند توفره سيتم الشروع الفوري في التنفيذ.
ويعتمد المشروع على دراسة سابقة بعنوان "تثمين وتهيئة سبخة السيجومي"، خلصت إلى حلول فنية لإزالة التلوث، وإنشاء مسطحات عقارية تصل إلى 700 هكتار، لحماية المناطق المتاخمة للسبخة من الفيضانات، وفتح آفاق للتنمية الحضرية المنظمة.
وقد تم إعداد الدراسة بتنسيق بين وزارة التجهيز ووزارتي البيئة والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، على اعتبار أن السبخة مصنّفة منطقة رطبة ذات أهمية عالمية بموجب اتفاقية رامسار. كما صادقت الوكالة الوطنية لحماية المحيط على المخطط العام في تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
وبين الطموح البيئي والتحديات الحضرية، تستعد تونس لاستعادة روح السيجومي، ليس فقط كمسطح مائي أو ممر للطيور، بل كفضاء حيّ يعيد التوازن بين الطبيعة والمدينة، بين الحاجة للعيش والحق في التنوع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز