إثيوبيا في أسبوع.. طائرة منكوبة وزيارة فرنسية وميثاق عمل سياسي

الأحداث الأبرز في إثيوبيا خلال الأسبوع المنصرم كانت مأساة تحطم طائرة ركاب وزيارة تاريخية للرئيس الفرنسي وتوقيع ميثاق للعمل السياسي.

أحداث عديدة ميزت الأسبوع الماضي في إثيوبيا، كانت أبرزها الفاجعة المؤلمة التي تلقت فيها إثيوبيا والعالم أجمع، نبأ تحطم طائرة بوينج 737 ماكس 8 بمنطقة "دوبي" شرق ببيشفتو بإقليم أوروميا، ليلقى 157 شخصاً مصرعهم جراء تحطم الطائرة الإثيوبية التي كانت متجهة من أديس أبابا إلى نيروبي، بينهم 33 جنسية مختلفة.

تحطم طائرة بوينج 737 ماكس 8 جعل إثيوبيا مركزاً للأخبار لكونها حادثة من أكثر حوادث الطيران إثارة للجدل، وعمت البلاد حالة من الحزن، كما أعلنت إثيوبيا الحداد الوطني وخيمت ما يشبه الصدمة على الشعور الوطني العام.

• ترامب يعزي آبي أحمد في ضحايا الطائرة الإثيوبية المنكوبة
• إثيوبيا تحظر تحليق بوينج "737 ماكس" في أجوائها

وعزى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، عائلات ركاب الطائرة المنكوبة، وقال مكتبه على صفحته الرسمية على تويتر "نيابة عن الحكومة والشعب الإثيوبي، وتفقد موقع تحطم الطائرة"، معرباً عن حزنه العميق لتحطم الطائرة.

كان هذا هو اليوم الأول للأسبوع الماضي الذي يعتبر أسوأ أسبوع يمر على إثيوبيا سيترك آثارا محزنة يسجلها التاريخ كأسوأ حادثة من حوادث الخطوط الجوية الإثيوبية التي تعرف بأنها رائدة الطيران في القارة السمراء.

وعلى الرغم من الأثر الكبير الذي خلفه تحطم الطائرة الإثيوبية فإن الخطوط الجوية الإثيوبية تظل متماسكة وتقوم بعملها دون تأثير.

تولدي جبرماريام، المدير التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية، قال إن التحقيقات التي ستجرى لمعرفة ملابسات تحطم الطائرة الإثيوبية المنكوبة ستتم وفقاً لقوانين منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو - ICAO) التي تنص على أن يتم إجراء مثل التحقيقات من قبل الدولة المصنعة للطائرة والدولة المالكة، وسيقوم خبراء فنيون من الولايات المتحدة كدولة مصنعة وإثيوبيا الدولة المالكة للطائرة بالتحقيقات.

وأوضح "تولدي" أن سير رحلات الخطوط الجوية الإثيوبية من مطار "بولي" الدولي بأديس أبابا تسير بشكل عادي.

قال: "الخطوط الإثيوبية تسير أكثر من 300 رحلة في اليوم داخلية وخارجية، وهو ما تم صباح يوم الحادث ومساءه"، مشيراً إلى أنه على الرغم من الحزن الكبير الذي يخيم على الشركة وموظفيها إلا أن الأمور هادئة وتسير بشكل عادي.

ويرى الصحفي والمهتم بالشؤون الأفريقية محمد عيسى أن الخطوط الجوية الإثيوبية لها تاريخ ناصع عالمياً، وهي شركة طيران رائدة، وتتمتع بسجل في السلامة والأمن وطيارين مشهود لهم دولياً.

وأضاف عيسى في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الحادثة "كارثة إنسانية كبرى ستثبت التحقيقات نتائج الخلل التي أدى لسقوط الطائرة الإثيوبية، ثم بعدها يمكن الحكم والتعليق".

لكن خبير الشؤون الأفريقية أشار إلى أن الحادثة لم تؤثر على سير عمل الخطوط الإثيوبية التي هي مشهود لها بالكفاءة، وقال إنه على مدار سبع سنوات فازت الخطوط الجوية الإثيوبية بجائزة أحسن طيران في أفريقيا وتحولت إلى مصدر فخر حقيقي للإثيوبيين والأفارقة.

وتابع أن الخطوط الإثيوبية ليست مجرد ناقل وطني تقليدي، فهذه الشركة التي انطلقت بسرعة فائقة منذ عشرين عاماً، أصبحت تجوب 118 وجهة في العالم شرقاً وغرباً بأسطول طائرات بلغ 111 طائرة، وهو ما يجعلها من الشركات الرائدة عالمياً.

زيارة ماكرون لإثيوبيا

أما الحدث الثاني الأبرز الذي شهدته البلاد، فكان توقيع إثيوبيا وفرنسا، 4 اتفاقيات تعاون شملت المجالات العسكرية والاقتصادية والاستثمارية، إلى جانب ترميم الآثار المهددة بالتآكل، وذلك خلال زيارة تاريخية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إثيوبيا، بحث فيها العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

وتوجت زيارة ماكرون لإثيوبيا بتوقيع عدة اتفاقات كان أبرزها تحديث وتدريب القوات الجوية الإثيوبية والبحرية التي سيتم إنشاؤها لاحقاً، على أن يمتد التعاون مع فرنسا في المجال النووي.

وزار ماكرون كنائس "لا ليبيلا" المنحوتة بإقليم أمهرا شمالي إثيوبيا.

وينظر مراقبون إلى زيارة ماكرون لإثيوبيا بأنها استراتيجية وتأتي بعد التقارب الحميم الذي كونه كل من آبي أحمد، وماكرون، الأمر لا سيما بعد زيارة، الأول، لفرنسا، أكتوبر الماضي، والذي سيمهد دخول فرنسا بثقلها نحو إثيوبيا في مجالات تم الاتفاق حولها وهي: الفضاء، والاقتصاد، والبنى التحتية والطاقة، والتصنيع الزراعي واللوجستيات، وتحديث الجيش والقوات الجوية والبحرية، في خطوة تعد الأولى من نوعها بالمنطقة.

في المقابل يرى بعض المراقبين بالمنطقة، أن فرنسا تسعى إلى تعزيز نفوذها بمنطقة القرن الأفريقي الحيوية التي تثير أطماع القوى العظمى، لا سيما بعد دخول دول مثل الصين، كما تسعى إلى تأمين موطئ لها بعد التحولات التي شكلتها المصالحة الإريترية الإثيوبية التي وضعت خارطة جديدة لمنطقة القرن الأفريقي.

ميثاق شرف العمل السياسي

كذلك شهدت إثيوبيا الأسبوع الماضي تطورات على المشهد السياسي؛ حيث وقع الائتلاف الحاكم وأكثر من مائة من الأحزاب والتنظيمات السياسية في إثيوبيا، على "ميثاق شرف" ينظم العمل السياسي بالبلاد، ويشكل ثمرة مناقشات استمرت أشهر بين الأحزاب.

ووقّع الميثاق رئيس الائتلاف الحاكم رئيس الوزراء آبي أحمد، بحضور رئيسة مجلس الانتخابات برتكان ميديكسا، وقادة 107 من الأحزاب والتنظيمات السياسية.

وتعد هذه الخطوة الأولى من نوعها في البلاد، وتهدف إلى المحافظة على التداول السلمي للسلطة، ونبذ العنف وسياسة الإقصاء والتهميش، وتوسيع الحريات السياسية وضبط العمل السياسي.

وجدت ترحيباً منقطع النظير من السياسيين والمراقبين، وقال الخبير في الشأن الإثيوبي محمود عمر إن توقيع ميثاق شرف عمل سياسي بين جميع أحزاب القوى السياسية في إثيوبيا يعد خطوة مهمة لبناء نظام سياسي تعددي ينهي سياسة المكايدات والمؤمرات والرؤية الحزبية الضيقة.

وأوضح عمر في حديث مع "العين الإخبارية" أن وجود ميثاق عمل سياسي متوافق عليه بين المكونات السياسية يعتبر تحولاً كبيراً وإدراكاً من القوى السياسية بالمخاطر التي تحدق بالبلاد، بعد أعمال العنف التي شهدتها عدة أقاليم إثيوبية، تحولت إلى استهداف قبلي بعد أن استغلتها بعض القوى التي تريد الوصول إلى السلطة عبر أقصر الطرق من خلال إشعال الفتنة القبلية والفوضى.