البن الإثيوبي.. قصة تاريخية تتجاوز حدود الدخل القومي للبلاد
إثيوبيا صدرت 270 ألف طن من البن (أكبر كمية في تاريخ إثيوبيا) خلال السنة المالية المنتهية في يوليو، بأرباح بلغت 854 مليون دولار.
ليس مجرد سلعة أو حتى منتج زراعي يساهم بنسبة كبيرة في الدخل القومي للبلاد، بل هو قصة وحكاية ثقافية وتاريخية كبيرة، هكذا ينظر الشعب الإثيوبي للبن الذي يزرعونه في أراضيهم.
وتشتهر إثيوبيا بين الدول الأفريقية بكونها "أرض البن والسمن والعسل"، واكتشف البن في البلاد على يد راعي أغنام من قبيلة "الأورومو"، الذي توصل للأثر المنشط لنبات حبوب القهوة.
ولاحظ الراعي في إحدى هضاب إثيوبيا أن قطيع الماعز يقفز بنشاط غير معهود ويتسلق الصخور بسرعة غير مألوفة، كلما أكلت من ثمار شجيرات، فبادر إلى تذّوقها وشعر بعدها بحيوية زائدة وطاقة قوية لم يعهدها من قبل.
وتعد إثيوبيا الأولى في أفريقيا في إنتاج البن، ونجح المنتج في تحقيق نجاحات كبيرة خلال هذا العام رغم جائحة كورونا.
وأعلنت هيئة القهوة والشاي الإثيوبية (حكومية) أنها حققت 854 مليون دولار أمريكي من تصدير البن في السنة المالية المنتهية، (السنة المالية تبدأ في 8 يوليو/تموز من كل عام).
جاء ذلك خلال احتفال أقامته الهيئة الأحد لتكريم مصدري القهوة والشاي والتوابل لأدائهم المتميز خلال العام الماضي.
وقالت الهيئة إنه تم تصدير 270 ألف طن من البن (أكبر كمية في تاريخ إثيوبيا) خلال السنة المالية التى انتهت الشهر الماضي، بأرباح بلغت 854 مليون دولار.
وأضافت الهيئة: "مقارنة بالسنة المالية السابقة، فقد زاد الإنتاج بنسبة 17%، فيما ارتفعت الإيرادات بنسبة 12%، مشيرة الى أن دول ألمانيا والسعودية وبلجيكا وكوريا الجنوبية تعد أكبر مستوردي القهوة الإثيوبية".
ويعتبر البن من أهم مصادر الدخل في الاقتصاد الإثيوبي الذي يعتمد على الزراعة، حيث يعمل نحو 15 مليون نسمة بزراعة البن في إثيوبيا وفق إحصائيات غير رسمية.
كما أن القهوة تمثل إحدى ثقافات الشعب الإثيوبي، فهي مصدر فخر تفرد لها طقوس خاصة داخل كل بيت إثيوبي وإن اختلفت من قومية لأخرى، لكنها ذات دلالة مهمة، تبدأ من تحضيرها حتى تقديمها وتناولها.
ولم يقتصر صمود البن الإثيوبي أمام كورونا بتلك النجاحات المتمثلة في تقرير الهيئة فقط، ففي نهاية يونيو/حزيران الماضي حققت القهوة الإثيوبية أرقاما قياسية ضمن مزاد تحالف القهوة العالمي للجودة للعام 2020، بمسابقة تمت عبر الإنترنت، وحطم البن الإثيوبي الرقم القياسي في 2020.
وبلغ إجمالي مبيعاته 1،348،690 دولارا متجاوزًا الرقم القياسي السابق البالغ 830،245 دولارا من السلفادور في عام 2011.
وذكر تحالف القهوة العالمي للجودة في تقرير له، أن القهوة ذات الجودة العالية في مسابقة إثيوبيا لعام 2020 بيعت بسعر 185.10 دولار أمريكي للرطل الواحد أو 407 دولارات للكيلوجرام معتبرا هذه الأسعار هى أعلى سعر تم تسجيلها للقهوة الإثيوبية.
وخلال التقرير أوضح تحالف القهوة العالمي للجودة أن الإثيوبي "نغوسي غمدا " هو صاحب القهوة الفائزة بهذا السعر الذي تم إعلانه في المزاد.
والإثيوبي "غمدا" هو مزارعًا للقهوة بمنطقة "السيداما" جنوب إثيوبيا لفترة طويلة.
وأشار التقرير الى أن المشترون المسجلون والبالغ عددهم 168 مشتريًا من 33 دولة، قدموا 4137 عرضا لأكثر من 5 ساعات لتأمين القهوة الفائزة المطلوبة.
واتحاد القهوة العالمي الذي تأسس قبل 20 عاما، دأب على تنظيم مسابقات للبن الأجود تحت اسم (Cup of Excellence) في أكثر من 12 دولة تشتهر بهذا المحصول حول العالم.
وفي مسابقة 2020، فاز 28 نوعا من أنواع البن الإثيوبي بعد منافسة حادة بين 1459 نوعا قدمها عدد من منتجي ومزارعي ومصدري البن الإثيوبي.