إثيوبيا.. تاريخ من الممالك الإسلامية على أرض الحبشة
تعتبر إثيوبيا والتي كانت تعرف قديما بأرض الحبشة من أكثر دول شرق أفريقيا التي تذخر بالعديد من الحضارات الدينية الإسلامية والمسيحية
تعتبر دولة إثيوبيا، والتي كانت تعرف قديما بأرض الحبشة، من أكثر دول شرق أفريقيا التي تذخر بالعديد من الحضارات الدينية الإسلامية والمسيحية، لما لا وهي التي استقبلت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الهجرتين الأولى والثانية.
ومع بداية الدعوة الإسلامية وفي مراحلها السرية، أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) صحابته في السنة الخامسة من البعثة (615 ميلادية) بالهجرة إلى الحبشة، في ظل تعذيب الكفار لهم، حيث أحسن ملكها "أصحمة بن أبجر النجاشي" معاملتهم، ورفض تسليمهم إلى قريش.
وبقرية النجاشي بإقليم تجراي شمالي إثيوبيا، على بعد نحو 770 كم من العاصمة أديس أبابا، شيد أول مسجد في أفريقيا، كأول أرض أفريقية عرفت الإسلام.
وترك ذلك الموقف الإنساني الذي قدمه أهل الحبشة، في احتضانهم وإيوائهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، الذين فروا بدينهم من جزيرة العرب، أثرا كبيرا، ليس على الصحابة والرسالة الإسلامية فحسب، وإنما على البشرية كلها كموقف إنساني أصيل ينمي عن كرم وشجاعة صاحبه.
ويقول حسن محمد كاو، محاضر بجامعة أديس أبابا، إن تلك الحقبة مهدت لتجربة إسلامية عريقة في أرض الحبشة، وتكونت الممالك الإسلامية إلى جانب الممالك المسيحية في بوتقة جمعت العديد من الديانات.
وأوضح كاو، لـ"العين الإخبارية"، أن من بين تلك المملك الإسلامية في أرض الحبشة كانت مملكة "شوا الإسلامية" كأول مملكة بالحبشة سجلتها كتب التاريخ حتى قبل مملكة إيفات الإسلامية بإثيوبيا، وقال إن مملكة شوا الإسلامية كانت لها علاقة بأسرة مخزومية من العالم العربي والتي هاجرت إلى إثيوبيا وتصاهرت مع المجتمع الإثيوبي المحلي.
وأسست مملكة شوا الإسلامية دولة قوية في إثيوبيا ملكت كل أركان الحكومة، وهو ما وثقه كتاب تاريخ هذه المملكة من عام 286 هـ، وفق إفادة الباحث الإثيوبي، كاو.
وقال كاو إن هذا الكتاب أورد حكام المملكة وأمراءها وقضاتها مما يدل على أن مملكة شوا الإسلامية كان لديها فقيه باسم قاضي القضاة، وهو ما يؤكد أن الدولة بها مؤسسات متكاملة الأركان من رأس الهرم حتى القاعدة.
ولفت كاو إلى أن من مميزات مملكة شوا الإسلامية أنها تأسست في وسط البلاد كمركزية، كما كان الكثيرون يتخيلون بأن الإسلام أسس ممالكه في إثيوبيا في أطراف البلاد، لكن كانت المملكة الإسلامية في قلب الحبشة.
وتابع كاو، أن حكم المملكة الإسلامية انتقل من شوا إلى إيفات، وهو ما كتبه المؤرخ الكبير الموسوعي ابن فضل الله العمري، وقال إن مملكة "إيفات" هي الأخرى كانت دولة قوية تمتلك جنودا ومؤسسات مختلفة، وأشار المؤرخ إلى وجود 7 ممالك بإثيوبيا وقتها وكانت مملكة "إيفات" أقوى تلك الممالك.
وتطرق الكاتب الإثيوبي إلى العديد من الممالك الإسلامية التي شهدتها إثيوبيا، وقال إن إثيوبيا شهدت عددا من الممالك الإسلامية عرفت باسم ممالك الطراز الإسلامي، موضحا أنها 7 ممالك إسلامية منها مملكة (بالي، شركا، دارا، أرابابيلي، ومملكة دوارو) إلى جانب مملكتي شوا وإيفات.
ونوه الكاتب والباحث الإثيوبي بأن كتاب المقريزي حول الإسلام في الحبشة وضح الممالك الإسلامية التي كانت في إثيوبيا في القرون الوسطى.
وأوضح كاو أن هذه الممالك كانت تعتمد على التجارة بصورة كبيرة إلى جانب الزراعة، وقال إن اعتمادها على التجارة هو الذي ربطها بالعالم الخارجي، وكان المسلمون على وجه الخصوص يتاجرون عبر ممرات كثيرة.
وأشار إلى أن أهم الممرات كان عبر الجنوب من خلال "زيلع"، التي ترتبط بالعالم العربي عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي، فيما كان الممر الشمالي باستخدام "مصوع" وجزر دهلك في إريتريا.
وأضاف أن الحكم انتقل من مملكة إيفات الى مملكة أخرى تعرف باسم مملكة عدل الإسلامية، وكان آخر أمرائها أحمد بن إبراهيم الغازي، والذي حكم إثيوبيا لأكثر من 12 سنة من شرق إثيوبيا إلى غربها، ومن وجنوبها حتى البحر الأحمر.
وأشار إلى أنه بعد مملكة عدل الإسلامية تراجع حكم الممالك الإسلامية في الحبشة، وأثرت هزيمة الإمام أحمد كثيرا على الممالك حتى القرون الوسطى.
وقال كو إن العالم العربي وقتها شهد نهضة رغم تراجع الممالك الإسلامية في إثيوبيا، موضحا أن النهضة التي شهدها العالم العربي وصلت إلى إثيوبيا وبدأ الناس يهتمون بالإسلام في مختلف مناطق إثيوبيا.
وأوضح أنه في القرن الـ18 بدأت الحركة نحو العلم ودفع ذلك لنشأة ممالك إسلامية جديدة في إثيوبيا، وشهدت حينها إثيوبيا 5 ممالك في مناطق حوض"جيبي" هي ممالك "جيما، غوما، جوما، ليمو، وجيرا"، في منطقة غرب إثيوبيا.
وأضاف أن منطقة جنوب إثيوبيا، كان بها حركة لـ"حسن انجاموا"، فيما نجد في شرق إثيوبيا مدينة هرر التي هي منطلق مملكة عدل، والتي ربطت العالم العربي بالحبشة، كما كان هناك أيضا مملكة أوسا في منطقة عفار شرق إثيوبيا.
وقال إن الفترة الثانية من الممالك الإسلامية في إثيوبيا كانت تعتبر عصر النهضة العلمية، وشهدت كتابة عدة مؤلفات في البلاد.
aXA6IDMuMTQ1LjU5Ljg5IA==
جزيرة ام اند امز