في قمة "إسكات البنادق".. ملف الإرهاب يفرض نفسه على قادة أفريقيا
عدد من الملفات تفرض نفسها على القمة الأفريقية الـ33، إلى جانب موضوعها الرئيسي "إسكات البنادق لتهيئة الظروف المواتية لتنمية أفريقيا"
تستضيف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على مدار يومي 9 و10 فبراير/شباط الجاري، القمة الـ33 لرؤساء الدول والحكومات الأفريقية، حيث تتصدر أجندتها العديد من الملفات الشائكة، في مقدمتها "السلم والأمن والنزاعات والإرهاب".
وتتصل هذه الملفات بموضوع القمة الرئيسي التي تقام تحت شعار "إسكات البنادق لتهيئة الظروف المواتية لتنمية أفريقيا".
وتشهد فعاليات القمة، اليوم السبت، عقد ثلاث قمم جانبية من بينها قمة مجلس الأمن والسلم الأفريقي الذي يناط به قضايا النزاعات والصراعات والإرهاب بالقارة الأفريقية، إلى جانب قمتي الإيجاد حول الوضع في جنوب السودان، وقمة النيباد، واجتماعات ومؤتمرات جانبية أخرى.
- أديس أبابا تحتضن فعاليات القمة الأفريقية الـ33
- إثيوبيا مستعدة للقمة الأفريقية.. 31 رئيسا و8 آلاف مشارك
ويعد ملفا التصدي للإرهاب وحل النزاعات من الملفات التي ظلت حاضرة باستمرار في جميع القمم الأفريقية، وإن اختلفت مستويات حضورها ضمن أجندة القمم الماضية، فإنها ستكون في القمة الحالية أكثر حضورا وإلحاحا أمام العديد من الملفات التي تحاصر القادة الأفارقة، بعد أن استباحت الجماعات الإرهابية مناطق عدة بالقارة السمراء.
وعبر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، خلال كلمته بافتتاحية اجتماع المجلس التنفيذي، عن قلقه إزاء الهجمات الإرهابية التي تشهدها بعض دول القارة، قائلا: "إن ازدياد عدد الإرهابيين والمتطرفين والهجمات المتكررة تسبب في زيادة المُهجّرين، وأصبح مصدر قلق للقارة، ما يجعل من موضوع عام 2020 (إسكات السلاح) أمرا مهما وفي غاية الضرورة".
وأشار إلى الأوضاع التي تشهدها القارة من بينها الصراع في ليبيا، وتهديدات حركة الشباب الإرهابية في الصومال ومنطقة الساحل، وحول حوض بحيرة تشاد.
من جانبها أعربت مفوضة الشؤون السياسية بالاتحاد الأفريقي ميناتا سيسوما، الجمعة، عن رفض الاتحاد الأفريقي التدخل العسكري في شؤون الدول، مضيفة أن التدخلات الخارجية تفاقم مشكلات القارة وتعقد طرق إيجاد الحلول لها.
وتخشى دول القارة من إرسال تركيا عناصر إرهابية من سوريا إلى ليبيا، في وقت أكد فيه الجيش الليبي أن الآلاف منهم تدفقوا إلى البلاد خلال الأسابيع الماضية.
بدورها، أكدت فيرا سونغوي، المديرة التنفيذية للجنة الاقتصادية الأفريقية التابعة للأمم المتحدة، ضرورة مساندة المجتمعات المتضررة من الحروب والصراعات.
وقالت، خلال كلمتها، إن المشوهين بأدوات الحرب والوحشية والإهمال يحتاجون إلى مساندة حقيقية وأن نكون لهم صوتا.
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن عدد الدول المتأثرة بالصراعات ارتفع من 6 دول فقط بالقارة قبل 15 عاما إلى 17 دولة، أي ما يقرب من 300% زيادة، وفقا لمعهد أبحاث السلام في أوسلو.
فبعد أن كانت هذه الجماعات الإرهابية في أفريقيا محصورة في جماعة القاعدة الإرهابية بوجهيها حركة الشباب بشرق القارة وبوكوحرام بوسطها، وتمددت مؤخرا في الساحل الأفريقي، ظهرت التنظيمات الموالية لـ"داعش" وحركات إرهابية أخرى عديدة بغرب القارة.
بحسب تقارير محلية ودولية فإن القارة الأفريقية تحتضن ما يزيد على 64 تنظيما وجماعة إرهابية، لها صلات مباشرة مع تنظيمي داعش والقاعدة إن لم تكن جزءا منهما.
وشنت هذه التنظيمات الإرهابية - بعد أن وجدت لها موطئ قدم بعدة مناطق بالقارة - عمليات راح ضحيتها أكثر من 4 آلاف شخص، وفق تقارير أممية والمئات من الجرحى وعشرات المهجرين والنازحين في دول "مالي، النيجر، حوض تشاد، بوركينا فاسو، نيجيريا، ليبيا، الصومال، كينيا".
ووفق بيان لمؤشر الإرهاب الدولي، احتلت دول من غرب أفريقيا مراكز متقدمة في مؤشر الإرهاب هذا العام، حيث كان لنيجيريا المركز الثالث بـ2040 قتيلا.
وتظل حركة الشباب الإرهابية بالصومال تشكل خطرا مستمرا لشرق أفريقيا، حيث يخوض الصومال حربا منذ سنوات ضدها، ويواجه هجمات متكررة من وقت لآخر على الرغم من الجهود الإقليمية والدولية والمحلية لإعادة الأمن والاستقرار بهذا البلد الواقع بشرق القارة السمراء، كما طالت عمليات الحركة دولة كينيا المجاورة.
حل دائم للنزاعات والصراعات
وأظهرت القارة الأفريقية مؤخرا بوادر مستقبل مضيء في إيجاد الحلول لمشكلات القارة، حيث تمثلت هذه البارقة في تعاظم دور الوساطات الأفريقية لنزع فتيل الأزمات في مختلف بقاع القارة السمراء، وظهر ذلك جليا بقيام الوساطات الأفريقية التابعة للاتحاد الأفريقي والمجموعات الاقتصادية في غرب القارة "إيكواس" التي مثلت نموذجا مضيئا للمجموعات الإقليمية الأخرى.
كما حزت شرق أفريقيا خطوات متطورة مماثلة في إيجاد الحلول للنزاعات والخلافات، حيث أظهر الدور الإثيوبي، سواء في مسألة المصالحة مع إريتريا أو وساطة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد لنزع فتيل الأزمة في السودان، تطورا لتعاظم إيجاد حلول النزاعات إلى جانب دور الخرطوم مع جنوب السودان والعكس جنوب السودان والسودان في الاتفاق بين مختلف الفصائل المعارضة السودانية، بما يعزز دور دول القارة كقوة سياسية فاعلة في إحلال الأمن والسلم.
وعلى الرغم من هذا التطور الذي تشهده أفريقيا في إيجاد الحلول الأفريقية لمشكلاتها لا تزال الصراعات والنزاعات والتدخلات الخارجية التي تزيد منها تشكل حضورا كالعادة بقمة قادة الدول الأفريقية والمتمثلة في "تنفيذ اتفاق السلام جنوب السودان، والوضع في ليبيا، وأفريقيا الوسطى، والفترة الانتقالية في السودان".
وتظل النزاعات أثناء الانتخابات وبعدها المشكلة الأفريقية المتجددة، حيث باتت هذه الظاهرة في بلدان العالم الثالث ثابتة، إذ تنشب النزاعات نتيجة التنافس الانتخابي بالدول الأفريقية، وتأتي أهمية منع هذه النزاعات على رأس أولويات القمة الحالية، حيث ستشهد دول أفريقية عدة خلال عام 2020 انتخابات تشريعية وأخرى رئاسية في كلّ من: غانا وبوروندي وكوت ديفوار وتنزانيا وإثيوبيا وتوجو وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى ومالي وغينيا والصومال.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، كما الملفات التي فرضت نفسها على أجندة القمة الأفريقية الحالية، إلى أي حد سينجح قادة الاتحاد الأفريقي في قمتهم الـ33، في إيجاد حلول نهائية ودائمة للنزاعات والصراعات التي أصبحت سمة ملازمة للأوضاع الأفريقية وحضورا مستمرا في أجندة قممها السنوية بلا استثناء؟