حوار إثيوبيا.. طريق المصالحة يبدأ بتضميد جراح الماضي
مرحلة مهمة من مراحل الحوار الوطني بدأتها إثيوبيا على أمل تضميد جراح تهدد بتمزيق ثاني دول أفريقيا من حيث عدد السكان.
وبينما يشدد أنصار الحوار على أنه الطريقة الوحيدة للتعامل مع المشاكل التي تواجهها البلاد بما في ذلك التوترات السياسية المتأصلة والنزاعات الإقليمية المتواصلة، يشير معارضوه إلى أنه "ولد ميّتا".
وفي أديس أبابا الشهر الماضي، بدأت مرحلة "جمع الأجندات" التي تطرح فيها كل منطقة المسائل التي ترغب بأن يتم التطرق إليها.
ووصف محمود ديرير، أحد الأعضاء الـ11 في "لجنة الحوار الوطني الإثيوبية" الذين تم تعيينهم مطلع 2022، العملية بأنها "مفصلية" بالنسبة للدولة التي تعد 120 مليون نسمة.
وقال: "حان الوقت لإجراء حوار حقيقي لا يستثني أي شريحة اجتماعية وأحزاب سياسية وجماعات مسلحة ومختلف اللاعبين".
وشهدت إثيوبيا التي تضم أكثر من 80 مجموعة عرقية ولغوية عدة نزاعات مرتبطة بالهوية والمطالبات بالأراضي في السنوات الأخيرة.
"غياب المكوّنات الرئيسية"
انضم 16 حزبا سياسيا بينهم حزب "الازدهار" الحاكم والذي يحتل 90% من مقاعد البرلمان إلى جلسات أديس أبابا إلى جانب ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني ومختلف الشخصيات البارزة، بحسب لجنة الحوار الوطني الإثيوبية.
لكن المعارضة رفضت بالمجمل العملية ولم يتضح إن كانت "جبهة تحرير شعب تيغراي" التي قاتلت القوات اليفدرالية على مدى عامين إلى أن تم التوصل إلى اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ستنضم إليه.
وأفاد رئيس "كتلة أحزاب المعارضة" ميريريا غودينا بأن "المكوّنات الرئيسية لحوار وطني ناجح غائبة".
ووصف المشاورات بأنها "ولدت ميتة" إذ إنها ليست شاملة ولا محايدة ولا مستقلة بل هي "لعبة يسيطر عليها طرف واحد".
"على الأسلحة أن تصمت"
أكد آبي أحمد استعداده لقبول المقترحات المتمخضة عن الحوار، لكنه رفض مطلبا رئيسيا للمعارضة وهو تشكيل حكومة انتقالية شاملة للجميع.
وقال آبي أحمد للوفود إن "الانتخابات ستكون الطريقة الوحيدة لجلب حكومة إلى السلطة".
وتعقيبا على الموضوع، أوضح أستاذ التاريخ والدراسات الأفريقية لدى جامعة كيتيرينغ في الولايات المتحدة، إزيكيل غيبيسا، أنه من خلال استبعاد الخيارات مسبقا، تبدو العملية معدّة "للخروج بنتائج مقدرة سلفا".
وأضاف الخبير، في حديث لوكالة فرانس برس، أنه "على الأسلحة أن تصمت" في مناطق النزاع لتكون أمام الحوار أي فرصة للنجاح.
وتابع: "لا يمكن فهم كيف يمكن لأشخاص يعيشون في حرب أن يخوضوا في نقاش جدي وحر وشفاف".
"فرصة للحوار"
حذّر ميريرا من أن الحوار يمكن أن يساهم في "مفاقمة الأزمات السياسية"، ما لم تشارك جهات رئيسية مثل مجموعات أمهرة وأوروميا.
وأفاد ليمي غيميتشو الناطق باسم "جبهة تحرير أورومو" التي تخلت عن الكفاح المسلح عندما وصل آبي أحمد إلى السلطة عام 2018 ما دفع "جيش تحرير أورومو" للانفصال عنها، بأن العملية لا تحظى بالمصداقية في غياب المجموعات المسلحة.
من جانبه، شدد محمود من لجنة الحوار على أنه تمّت دعوة جميع الأطراف المهتمة، مشيرا إلى أنه تم حل نزاعات في أجزاء أخرى من العالم عبر محاورة الجماعات المسلحة فحسب، مثل "الجيش الجمهوري الإيرلندي" في إيرلندا الشمالية والقوات المسلّحة الثورية الكولومبية (فارك) في كولومبيا.
وقال: "لكن الأمر يتطلب وجود رغبة سياسية لدى جميع القوى المتنافسة.. من الحكومة وتلك التي لديها مبرر لحمل السلاح ضد الحكومة".
وأفاد حزب "مواطنون إثيوبيون من أجل العدالة الاجتماعية" (إيزيما) المعارض المنضوي في الحكومة، بأنه يشجّع جميع اللاعبين على إعطاء الحوار فرصة.
وتفيد لجنة الحوار بأن العملية ستتواصل في الولايات الإقليمية الـ12 وفي أوساط المغتربين من دون تقديم إطار زمني.
وقال المدرّس في أديس أبابا مينغيستو كيبيدي: "يتوقع الناس حوارا حقيقيا يتطرق إلى المشاكل الأساسية.. على (الحكومة) أن تعطي أولوية لمعاناة الناس".