انتخابات إثيوبيا.. خريطة الأحزاب المتنافسة وأديس أبابا وأمهرة بالمقدمة
تقترب اللحظات الحاسمة في الانتخابات الإثيوبية العامة، والتي ستجرى غدا الإثنين؛ حيث أكملت الأحزاب المتنافسة استعداداتها.
وسجلت الأحزاب المتنافسة حضورا ملحوظا في جميع الأقاليم والمدن الرئيسية التي ستجري بها الانتخابات؛ حيث أظهرت خارطة التنافس خلال الحملات سخونتها واحتدامها في مدينة أديس أبابا وإقليم الأمهرة شمال البلاد أكثر من الأقاليم والمناطق الأخرى.
وتستمد أديس أبابا أهميتها من كونها العاصمة الإثيوبية ومقر الاتحاد الأفريقي، وهو ما جعلها من أكبر الدوائر التي ستشهد منافسة قوية لما تعنيه من أهمية سياسية واقتصادية لدى الحزب الحاكم والأحزاب السياسية الأخرى المتنافسة.
وعلى رأس الأحزاب المتنافسة في أديس أبابا حزبي (بلدراس من أجل ديمقراطية حقيقية - المواطنين الإثيوبين من أجل العدالة الاجتماعية المعروف بـ(إيزيما)، الذين قررا أن يستميتان في الفوز بأديس أبابا لقاعدتمها الجماهيرية وتأمين مقاعد مقدرة في إقليم أمهرة.
وخلال الحملات الانتخابية التي اختتمت فعالياتها الأربعاء الماضي، ظهرت حدة المنافسة من خلال الجهود والترتيب الواضح من حزب الازدهار الحاكم لاستمالة الناخبين وتركيز حملاته بصورة منظمة ومرتبة.
ويظهر هذا التنظيم أمام منافسيه من حزبي بلدراس وإيزيما، تحديداً واللذين أظهرا اهتماما مماثلا في استمالة الناخبين في التصويت مع تكثيف الحملات لكل من الأحزاب الثلاثة في دوائر العاصمة.
وتعد أديس أبابا مركز تنافس محموم بين الأحزاب الثلاثة في 23 دائرة انتخابية للبرلمان الإثيوبي بالعاصمة وحدها فهي مركز الحكومة الفيدرالية والثقل الاقتصادي للبلاد.
وتمثل العاصمة أكثر من 50% من الناتج الإجمالي من الاقتصاد الإثيوبي بها وحدها.
وقدمت الأحزاب الثلاث مرشحيها عن دائرة العاصمة أديس أبابا، وأبرزهم برهانو نغا زعيم حزب "إيزيما" للبرلمان الإثيوبي.
كما يدخل حزبا "إزيما" و"بالدراس" المنافسة الانتخابية بتقديم مرشحين من الشخصيات العامة والمعروفة من فنانين ورجال أعمال في أديس أبابا.
وتمثل هذه الخطوة للحزبين اتجاها مخالفا لما كان يحدث في الانتخابات السابقة؛ حيث ابتكرا نهجا جديدا في اختيار مرشحيهم.
ولعل المشاركة الأبرز في دوائر العاصمة، جاءت من جانب حزب بالدراس، الذي دفع بزعيمه أسكندر نغا للمشاركة من داخل السجن.
وفي سياق المنافسة القوية في دوائر مدينة أديس أبابا أمام الحزب الحاكم، دفع حزبا إزيما وبالدراس لتحالف بغية توحيد الأصوات التي سيحصلون عليها حتى لا تنقسم بين الحزبين، لتكون العاصمة لحزب بالدراس فيما ترك إقليم أمهرة لحزب إيزيما.
ويشترك حزبا بالدراس وأبن الذي يتصدر المشهد بإقليم أمهرة، في عدة مواقف ورؤى حول العاصمة؛ حيث يطالبا بمنحها إقليما منفصلا لسكانها بعكس الواقع الذي تعيشه حاليا.
وتقوم أديس أبابا حاليا على إدارة منفصلة وتخضع تبعيتها فيدراليا لرئيس الوزراء الإثيوبي.
ويشهد الوضع الإداري لمدينة أديس أبابا، بعض التعقيدات، فهي ترتبط بمصالح خاصة بإقليم أوروميا.
وتعتبر أديس أبابا وفق النظام الحالي عاصمة أوروميا في نفس الوقت ومقر حكومتها؛ حيث يحيط هذا الإقليم بالعاصمة الإثيوبية من كل الاتجاهات.
كما أن هناك خدمات تحصل عليها أديس أبابا من مناطق إقليم أوروميا، وهو ما منح امتيازات خاصة للإقليم.
ولم تقتصر حدة المنافسة بين حزب الازدهار الحاكم والأحزاب المنافسة له في مدينة أديس أبابا وحدها، بل امتدت المنافسة القوية إلى إقليم أمهرة شمالي البلاد.
وإقليم أمهرة من أكبر مناطق احتدام المنافسة بين حزبي الازدهار الحاكم والحركة الوطنية لشعب أمهرة المعروفة بـ"أبن"، وهو حزب سياسي قومي تم إنشاؤه في يونيو/حزيران 2018 ، ويتزعمه السياسي الشاب بلطا مولا.
ويدخل حزب "أبن" دائرة المنافسة من خلال انطلاقته من دائرة القومية ودعوته الصريحة في كثير من القضايا التي يرى أن الحزب الحاكم لم يجب عليها بوضوح خاصة التحديات الأمنية التي واجهها شعب الأمهرة في بعض مناطق البلاد كاستهداف إثني بعدة أقاليم أبرزها (أوروميا وبني شنقول جومز) .
وتبني "أبن" للقضايا الراهنة بالإقليم سيفتح أمامه فرص في ظل التقاطعات الإثنية التي بنيت عليها هيكلة الدولة الإثيوبية خلال الـ27 عاما الماضية تحت حكم الائتلاف السابق الذي حكم البلاد بالفيدرالية الإثنية .
ولم يكن حزب "أبن" وحده في الإقليم لكنه يمثل حاليا من أبرز وأقوى الأحزاب البارزة في إقليم أمهرة والأكثر منافسة للإزدهار بالاقليم.
ويقدم الحزب نفسه على أنه حامي مصالح شعب أمهرة من الهجمات التي يتعرض لها مواطنوه بعدة مناطق في إقليم أوروميا وبني شنقول جومز، متعهدا بتلبية مطالب الإثيوبيين جميعا.
كما يقدم نفسه على أنه سيلبي جميع مطالب شعب أمهرة بوجه خاص والشعوب الإثيوبية الأخرى
واستبق حزب "أبن" حراكه الانتخابي بتشكيله تحالفا مع حزب بالدراس من أجل الديمقراطية الحقيقية، الذي تشكل حديثا وينافس على العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فقط.
وقد شكل الحزبان تحالفا لخوض الانتخابات حيث تنازل "أبن" لـ"بالدراس" عن المنافسة في العاصمة أديس أبابا مقابل إقليم أمهرة ومدينة دريداوا التي تتمتع بحكم ذاتي كما هو حال أديس أبابا".
كما سينافس حزب أبن في منطقة متكل بإقليم بني شنقول جومز.
ولعل كل هذه المعطيات تشير الى أن مدينة أديس أبابا ، وإقليم أمهرة شمال إثيوبيا ، سيمثلان المناطق الأكثر سخونة واحتداما في المنافسة، ما بين حزب الازدهار الحاكم، والأحزاب الأقرب لها في الثقل والتأثير كحزبي بالدراس وإزيما في دوائر العاصمة، وحزب أبن الذي يتصدر المشهد في إقليم أمهرة.
وتظل الإجابة الحقيقية وسط كل هذه التكهنات من تحديات أمنية تحيط بالبلاد وتضع الحزب الحاكم أمام اختبار صعب ستجيب عليها عملية إجراء الانتخابات المزمع عقدها يوم الاثنين المقبل في منافسة بين 46 حزبا مسجلا ومشاركا في الانتخابات.
aXA6IDE4LjE4OC4xMy4xMjcg جزيرة ام اند امز