الإثيوبي إسكندر نغا.. "مرشح سجين" ينشد "الزهرة الجديدة"

حلم بأن يصبح عمدة العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فاجتاز قضبان السجن ليحلق بعيدا أملا بقطف مدينة الينابيع الساخنة أو "الزهرة الجديدة".
إسكندر نغا (52 عاما) يقف على خط سباق الانتخابات العامة في إثيوبيا، المقررة الإثنين المقبل، لكن من زنزانته، في سابقة من نوعها في بلد لم يشهد أبدا ترشح معارض بارز لاقتراع من داخل محبسه.
شخصية قيادية بامتياز، ومسيرة مثقلة بالمتاعب والسجن، حتى إن متابعين للشأن الإثيوبي يجزمون بأن حياته السياسية التي قضاها وراء القضبان أطول بكثير من خارجها، وهو ما يصنع منه رقما صعبا في الاقتراع القادم.
منحته إصلاحات رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد فرصة ثمينة بخوض اقتراع يدخله بقوة، وهو رئيس أحد الأحزاب الأوفر حظا بالسباق، وأحد أبرز منافسي حزب "الازدهار" الحاكم، ولكن قبل ذلك وبعده، هو صحفي وناشط حقوقي.
فيما يلي، تستعرض "العين الإخبارية" المحطات الفارقة في سيرة "المرشح السجين":
من وراء القضبان
لم تكن حياته السياسية يسيرة بالمرة، فهو المعارض الذي كان بمرمى الحكومات السابقة، حيث واجه الكثير من المتاعب والاعتقالات والسجون بتهم عديدة، آخرها الخيانة والإرهاب عقب أحداث مقتل الفنان الأورومي هاشالو هونديسا في يونيو/ حزيران 2020.
اتهامات لم تمنع زعيم حزب "بالدراس" من إعلان ترشحه للاقتراع من داخل محبسه بعد أن منحته المحكمة العليا حق الانتخاب، وبموجب ذلك، سمح له مجلس الانتخابات بالترشح من داخل السجن .
قرار بالترشح يعتبر سابقة بالبلاد ما أحدث ضجة وتكهنات وتباينات حول الخطوة وتبعاتها في حال فوز إسكندر، وهو الموضوع الذي لم تحسمه المحمة أو هيئة الاقتراع.
ومؤخرًا، أمرت المحكمة الإثيوبية مجلس الانتخابات بالسماح للمسجونين من حزب "بالدراس من أجل الديمقراطية الحقيقية" بالترشح بما في ذلك زعيم الحزب إسكندر نغا.
النشأة والدراسة
ينحدر من أسرة مقتدرة نالت تعليما عال جعلها من العائلات المعروفة في أديس أبابا، فوالده من خريجي جامعة "روتجرز" الأمريكية، فيما حصلت والدته على بكالوريوس الطب من الجامعة الأمريكية بالعاصمة اللبنانية بيروت.
أنجب الزوجان ابنهما إسكندر في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1969 بإحدى الأحياء العتيقة في أديس أبابا، غير أنهما انفصلا بعد وقت قصير من ولادته ليعيش إسكندر مع والدته التي تمكنت من فتح عيادة خاصة بها بالعاصمة، وتشرف على تربيته .
بدأ إسكندر تعليمه الابتدائي بإثيوبيا في مدرسة ساندفورد بأديس أبابا قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة مطلع ثمانينيات القرن المنصرم ويدرس الاقتصاد في الجامعة الأمريكية.
وبعد نحو 10 سنوات تقريبا ، وتحديدا في عام 1991، عاد إلى وطنه وأسس، بعد عامين، صحيفة باسم "إتيوبيس" قبل أن تتوالى إصداراته للصحف مثل "أديس أبابا أسكوال" ،و"ساتناو" و"منيليك".
كر وفر
يعتبر أبرز مدون صحفي سياسي في إثيوبيا، لكنه يعد أيضا من أكثر الصحفيين والسياسيين الذين واجهوا السجن لنحو 10 مرات وبفترات متفرقة.
أولى تجاربه وراء القضبان كانت في عهد الحكومة السابقة، عندما اقتيد إلى السجن ثم يفرج عنه لاحقا بعد 7 سنوات ضمن السياسات الإصلاحية التي انتهجتها الحكومة الإثيوبية وقتها سعيا منها لتخفيف حدة التظاهرات والاحتجاجات التي ظلت تشهدها البلاد من وقت لآخر ، لتقرر الحكومة الإفراج عنه في 14 فبراير/ شباط 2018 ضمن آخرين، مع بلوغ الاحتجاجات ذروتها.
وعقب خروجه من السجن، استأنف إسكندر إصدار صحيفته "إتيوبيس" الأسبوعية باللغة الأمهرية ( اللغة الرسمية لإثيوبيا) ، وقبل أن يستمتع بحريته شهرا كاملا، أمرت الشرطة بإعادته إلى السجن في 25 مارس/ آذار من العام نفسه، مع عدد من الصحفيين والسياسيين كانوا في مناسبة اجتماعية خارج العاصمة، بتُهمة رفع علم وطني محظور والتجمع في انتهاك لحالة الطوارئ التي أعلنها البرلمان حينها عقب استقالة رئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين.
لكن اعتقال إسكندر مع عدد من السياسيين لم يستمر لأكثر من 12 يوما قبل إطلاق سراحه في 5 أبريل/ نيسان من العام ذاته دون توجيه تهمة إليه.
وبعد نحو عام ونصف من خروجه من السجن، أي في سبتمبر/ أيلول 2019، قرر إسكندر تأسيس حزب سياسي أطلق عليه اسم "بالديراس" من أجل الديمقراطية.
لكن الرجل لم يهنأ طويلا بقيادة حزبه الوليد، حيث جرى اعتقاله قبل أن يكمل التشكيل عامه، وذلك عقب أعمال عنف شهدتها مدينة أديس أبابا ومناطق بإقليم أوروميا، احتجاجا على مقتل الفنان الأورومي هاشالو هونديسا، واقتيد إسكندر إلى السجن بتهمة التحريض على العنف والفوضى.
وعلى خلفية أعمال عنف، اتهمت الحكومة الإثيوبية بعض الأشخاص والقيادات السياسية بالتورط في التحريض على العنف والفوضى، وكان من بينهم إسكندر الذي اقتيد إلى السجن في الأول من يوليو/تموز الماضي حيث يقبع حتى اليوم.
وفي خطوة غير متوقعة، عاد إسكندر إلى المشهد السياسي من داخل السجن، ليكرس تقليدا جديدا في البلاد، وهو خوض الاستحقاقات الانتخابية من وراء القضبان.
واليوم، يقف حزب إسكندر على خط السباق، مستكملا آخر لمسات المنافسة، ويستعد لخوض السباق بحظوظ وافرة، حيث ينافس الحزب الحاكم في أديس أبابا، خصوصا أن هذا التشكيل (يمين) يعتبر أول حزب يتم إنشاؤه على مستوى العاصمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA==
جزيرة ام اند امز