جثة داخل بركان قد تفك لغز اختفاء صحفي منذ 50 عاما
أدى العثور على جثة في أحد كهوف بركان إتنا الإيطالي، إلى إحياء الأمل بكشف ملابسات اختفاء الصحفي الاستقصائي ماورو دي ماورو.
وقد يتيح فك لغز هذه "القضية الباردة" التي لا تزال من دون حل، ومعرفة ما إذا كانت مافيا "كوزا نوسترا" في صقلية هي التي قتلته فعلاً كما يُعتقد، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ومن المقرر أن يجري قسم الأدلة الجنائية اختبار الحمض النووي على الجثة التي عثر عليها أحد كلاب الأثر في سبتمبر/ أيلول، على منحدرات إتنا، خلال تدريبات على عمليات الإنقاذ الجبلية.
واعتقد المحققون طويلاً أن مافيا "كوزا نوسترا" الصقلية خطفت دي ماورو وقتلته، فيما كان يحقق في مقتل رجل الأعمال النافذ إنريكو ماتي الغامض.
واختفى الصحفي في سبتمبر/ أيلول 1970 في باليرمو. وبادرت ابنته فرانكا التي كانت من آخر الأشخاص الذين رأوه على قيد الحياة، إلى الاتصال برقم خصصته الشرطة بعدما قرأت تقارير صحفية عن الجثة التي عُثر عليها أخيراً في أحد كهوف بركان إتنا، تشير إلى أنها تعود لشخص توفي في سبعينات القرن العشرين، مثل والدها، وبأن أنفه علامة فارقة، كما كان أنف أبيها.
وأفادت الصحافة بأن جثة إتنا المجهولة الهوية هي لرجل في الخمسينات من عمره، كان يرتدي سروالاً داكناً وقميصاً مقلمة خفيفة وسترة صوفية وربطة عنق سوداء ومعطفاً أخضر داكناً وينتعل حذاء أسود ويعتمر قبعة شتوية في أعلاها شرابة.
في مقطع فيديو نُشر هذا الأسبوع على صفحة المنقذين الجبليين عبر "فيسبوك"، بدا هؤلاء وهم يسيرون نزولاً في نفق ضيق منحدر في اتجاه الكهف ذي المدخل شبه المخفي من الخارج. وكان يفترض بالكلب أن يشمّ هدفاً محدداً له لكنه قاذ المنقذين إلى رفات بشرية.
وعُثر على قطعة نقود معدنية من العام 1977 بجانب الرفات، إضافة إلى جزء من صحيفة صادرة عام 1978، وفقًا لصحيفة "لا سيسيليا" اليومية، وبالتالي تعود القطعة النقدية والصحيفة إلى تاريخ لاحق لاختفاء دي ماورو.
ولم تتعرف فرانكا على الملابس، ولا على المشط أو ساعة اليد التي عثر عليها مع الجثة، بحسب الصحيفة، لكنّ أكثر من نصف قرن مضى على اختفاء والدها.
وأوضح محامي عائلة دي ماورو جوزيبي كريسيمانو لوكالة فرانس برس أنها "غير متأكدة من أنها ليست له، فهي لا تستبعد ذلك، لكنها لا تتذكر هذه الأغراض، ربما باستثناء القبعة ذات الشرابة". وقد يكون خاطفو دي ماورو احتجزوه لسنوات وأعطوه ملابس جديدة.
وأضاف المحامي "نتوقع من (الشرطة) أن تجري اختبار الحمض النووي".
وفي حال أكدت التحاليل أنه بالفعل دي ماورو، فمن المحتمل أن يكون الصحافي مات بعد هروبه.
وأياً كانت هوية الرجل الذي مات وهو في الخمسينات من عمره ويبلغ طوله 1,70 متراً، يعتقد المحققون أنه دخل الكهف طوعاً ولكن تعذر عليه الخروج منه. وأشارت وسائل الإعلام الإيطالية إلى أن وفاته لم تكن على ما يبدو نتيجة تعرضه للعنف.
وكان دي ماورو لدى اختفائه يجري تحرياته الاستقصائية في إطار الإعداد لفيلم للمخرج فرانشيسكو روزي عن مقتل ماتي، مؤسس شركة "إيني" للنفط، بحادث تحطم طائرة عام 1962، ربما بسبب متفجرة. وقد حصل الفيلم لاحقاً على جوائز عدة.
وحوكم رئيس المافيا الصقلية توتو ريينا بتهمة قتل دي ماورو، لكنه بُرئ منها لعدم كفاية الأدلة. واختطف الصحافي قبل أيام قليلة من زفاف كريمته فرانكا.
وكان الأب وابنته عائدين معاً إلى منزلهما في 16 سبتمب/ أيلول 1970. وعندما اجتازت فرانكا عتبة المنزل، سمعت جلبة، ورأت رجلين أو ثلاثة يدخلون سيارة والدها.
وما لبثت السيارة أن توارت ولم يظهر دي ماورو مجدداً، وفقاً لصحيفة "جورنالي ديلا سيسيليا". وقتلت المافيا المحققين الرئيسيين في هذه القضية بعد سنوات.