وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الأخيرة، الاتحاد الأوروبي يقوم بدراسة لمشروع السكة الحديدية الممولة من الصين والتي تهدف إلى ربط العاصمة الصربية "بلغراد" مع عاصمة المجر "بودابست"
وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الأخيرة، الاتحاد الأوروبي يقوم بدراسة لمشروع السكة الحديدية الممولة من الصين والتي تهدف إلى ربط العاصمة الصربية "بلغراد" مع عاصمة المجر "بودابست". ولا شك في أن الصين ستدمج التعاون مع بلدان أوروبا الوسطى والشرقية في إطار أوسع من علاقات البنية التحتية بين الصين والاتحاد الأوروبي، وذلك امتثالاً للوائح التنظيمية للاتحاد الأوروبي. لكننا علي أمل أيضا أن الاتحاد الأوروبي سيتعامل مع هذه القضية بشكل عادل وسيتحلى ببعد النظر. فيجب على الاتحاد الأوروبي وضع مصلحة الشعوب أولاً، فالسعي إلى التعاون مع الصين من شأنه أن يحقق منافع ملموسة بدلا من اتباع الغرائز البيروقراطية. كما يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي أيضا العمل سوياً لإيجاد نموذج للتعاون في مجالات البنية التحتية يمكن تطبيقه لكلا الجانبين. وذكرت صحيفة فايننشال تايمز ان الاتحاد الاوروبي يقوم بتقييم السلامة المالية لمشروع السكة الحديدية وينظر فيما إذا كان المشروع يمكن أن ينتهك قوانين الاتحاد الأوروبي التي تتطلب مناقصات عامة كبيرة لمشروعات النقل.
ففي عام 2013 تم الإعلان عن مشروع تحديث سكة حديد بودابست وبلغراد الذي يبلغ حجم تكلفته2,89 بليون دولار ليكون بمثابة النموذج الأوروبي لمبادرة الحزام والطريق الذي سيربط بين البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالبلدان غير الأوروبية، وكانت كل من صربيا وهنغاريا على استعداد لبدء أعمال البناء.
الاتحاد الأوروبي حائراً ما بين حاجته الفعلية الي الأموال والتعاون مع الصين والخوف من تزايد نفوذ الصين بسبب تطورها
ونظراً إلى أن المجر هي إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فيجب على المشروع الامتثال للوائح التنظيمية للاتحاد الأوروبي، وهذا ليس بجديد فسبق أن تم منح الضوء الأخضر لمشروع إنشاء محطة "هينكلي بوينت" النووية في بريطانيا بعد ان خضع الي مراجعة المفوضية الأوروبية. ولكن مشروع السكة الحديدية ينطوي أيضا على صربيا، وهي ليست عضوا بالاتحاد.
والسؤال المطروح هو إلى أي مدى يمكن أن تنظم قواعد الاتحاد الأوروبي التعاون بين الدول الأعضاء بالاتحاد والدول الغير أعضاء؟
الصين تأمل دائماً في التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مشاريع البنية التحتية والتي لا تزال ذات أولوية استثمارية للاتحاد الأوروبي. ولكن الاتحاد الأوروبي حائراً ما بين حاجته الفعلية الي الأموال والتعاون مع الصين والخوف من تزايد نفوذ الصين بسبب تطورها. وقد يحاول الاتحاد الأوروبي خلق بعض المتاعب للصين من خلال إجراءات المراجعة وقد لا يرغب على الاطلاق في إعطاء الصين أفضل المشاريع والإبقاء عليها لمتعاقدي الاتحاد الأوروبي.
ويجب على المقاولين الصينيين التعرف على قوانين وقواعد الاتحاد الأوروبي للتأهل الى مشاريع البناء. وهناك العديد من الدروس لتعلمها من المحاولات الغير ناجحة لشركة COVEC الصينية لاقتحام سوق مشاريع البنية التحتية للاتحاد الأوروبي منذ عدة سنوات.ففي عام 2009, منحت شركة COVEC عقد لأنشاء طريق سريع بطول 50 كيلو متر ما بين وراسو (عاصمة بولندا) والحدود الألمانية، ولكن لاحقاً تم احباط العقد بعد تعرض الشركة لصعوبات مالية نتيجة لافتقارها للألفة مع السوق المحلية وعدم توافقها مع القواعد. نحن بحاجة للتعلم من هذا المثال والتمتع بالشفافية عند التعامل مع الشركاء المحلين. بخلاف ذلك فأي سوء تصرف قد يشوه سمعة الصين.
وعلى الصعيد السياسي، يجب ان تشارك الصين بنشاط في محادثات مع جميع الأطراف المعنية. وبالنظر لمشروع السكك الحديدية الذي يتضمن الحكومة الصربية والهنغارية، فيجب على الصين التواصل مع نظرائه. مع وجود بعض القواعد الأساسية سيكون من الاسهل للمقاولين الصينيين تحسين ممارساتهم. وفي هذه الاثناء يتعين على الصين التواصل مع الاتحاد الأوروبي واقناعه بإمكانية التعاون مع بكين في مشاريع البنية التحتية. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فعمليه التماس الأموال من الصين من أجل خلق مزيد من فرص العمل وزيادة نمو إجمالي الناتج المحلي. ما هي الفوائد التي ستحصل عليها الصين من هذه المشاريع؟ فهو سؤال يجب على الطرفين النظر فيه. وباتخاذ خط سكك حديد بودابست-بلغراد كنقطة بداية، فينبغي على الصين والاتحاد الأوروبي التواصل بشكل فعال، وإيجاد نموذج قابل للتطبيق لمشاريع البنية التحتية لتجنب سوء الفهم والصراعات.
*نقلاً عن " جلوبال تايمز "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة