الإرهاب يمهد لعودة عقوبة الإعدام إلى هذه الدول
ضخامة وكثرة جرائم الإرهاب فجرت داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه مطالب بإعادة عقوبة الإعدام، كما أعادتها فعلا دول كباكستان
حمل الاتحاد الأوروبي على عاتقه إلغاء عقوبة الإعدام من العالم كله، ولكن الحوادث الإرهابية التي تضرب العالم بشدة في السنوات الأخيرة فجرت دعوات لإعادة تطبيق تلك العقوبة في داخله.
ففي فرنسا صعدت الدعوات لإعادة عقوبة الإعدام منذ 2015 على لسان جان ماري لوبان، مؤسس حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتشدد، وذلك على خلفية الهجمات الإرهابية التي ضربت باريس حينها.
وزاد لوبان على ذلك بأن طالب بأن تكون عقوبة الإعدام على الإرهابيين عبر قطع الرؤوس، وهي طريقة كانت متبعة في الإعدام في فترة سابقة من التاريخ الفرنسي إلى جانب الشنق والحرق.
وألغيت عقوبة الإعدام في فرنسا بموجب قانون صدر 1981، وأدرج الإلغاء في الدستور 2007.
وعمليا تم تنفيذ آخر إعدام بفرنسا عام 1977 في واحدة تدعى حميدة الجندوبي.
وفي بريطانيا دعا حزب "استقلال المملكة المتحدة" إلى إعادة عقوبة الإعدام وتطبيقها على المتورطين في قضايا إرهابية.
وجاءت مبادرة الحزب على خلفية تكرار الحوادث الإرهابية التي ضربت بريطانيا في الأشهر الأخيرة، وآخرها هجوم مانشستر الذي أودى بحياة 22 شخصًا الاثنين الماضي.
وقالت جانيس أتكينسون، عضوة الحزب السابقة والنائبة في البرلمان الأوروبي عن بريطانيا، في رسالة وجهتها إلى صحيفة "إزفيستيا" الروسية: "لن أقف مكتوفة الأيدي بحثا عن حل المشكلة (...) أنا سياسية ويكمن عملي في اقتراح حلول فعلية. ويجب علينا اليوم الإعلان عن إعادة عقوبة الإعدام بتهمة الإرهاب، لأن الوقاية أفضل من العلاج".
وموافقًا على تلك المبادرة أعلن عضو الحزب ديفيس شاليس أن إعادة عقوبة الإعدام لم تكن غاية بحد ذاتها، ولكن الحزب جاهز لإجراء استفتاء شعبي إذا تمتع الاقتراح بالدعم المطلوب بين المواطنين.
وحزب "استقلال المملكة المتحدة" من الأحزاب المعادية لفتح الباب أمام المهاجرين، كما أنه يطالب بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
والحزب يعد الرابع من حيث القوة بعد الأحزاب التقليدية الثلاثة العمال والمحافظين والديمقراطيين الأحرار
وسبق أن طالب بتطبيق عقوبة الإعدام في بريطانيا الحزب القومي اليميني، ونظم مظاهرة في 2014 أمام محكمة الجنايات المركزية في لندن للمطالبة بذلك.
وكان الدافع لإلغاء عقوبة الإعدام ببريطانيا بقرار من البرلمان عام 1964 بعد جدال مجتمعي على خلفية خطأ قضائي في محاكمة رجل يدعى جون إيفانس.
وفي 2015 ثارت معركة بين المجر والاتحاد الأوروبي على خلفية نقاش في المجر حول إمكانية إعادة العمل بعقوبة الإعدام.
وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إنه لا يمانع في إدراج عقوبة الإعدام، إذا كانت ستحمي الأبرياء.
ووفقا لآخر استطلاعات الرأي، فإن أكثر من نصف سكان المجر يؤيدون إدراج عقوبة الإعدام.
وسبق أن ظهرت دعوة مماثلة في النرويج عام 2011، حيث أظهر تقرير لمجلة شبيجل الألمانية أن هناك نقاشا واسعا في أوساط المجتمع النرويجي بشأن تشديد نظام العقوبات، وخاصة إعادة العمل بالسجن المؤبد والإعدام في جرائم القتل.
وجاء ذلك على خلفية انتقادات بأن قانون العقوبات الحالي الذي تتضمن أقصى عقوبة فيه السجن 21 عاما (قابلة للتجديد) لا تتناسب مع فداحة بعض الجرائم مثل جريمة أندرس بيرينج بريفيك الذي وجهت له تهمة قتل أكثر من 80 شخصًا لدوافع إرهابية في هجمات استهدفت عدة مقار، من بينها معسكر لشباب الحزب الحاكم في جزيرة أوتايا.
أما الجزائر فهي مثال للدول التي تم إيقاف العمل بعقوبة الإعدام بها، دون إلغاء رسمي، ولكن ظهرت دعوات في الآونة الأخيرة لإعادة تطبيقها.
وأوقفت الجزائر تطبيق تلك العقوبة عام 1993، ولكن بعد إعلان تنظيم "جند الخلافة" مبايعة تنظيم داعش الإرهابي، وعودة استهداف الجيش والمنشآت الحيوية والأجانب بعمليات إرهابية، ظهرت دعوات لإعادة تطبيق الإعدام.
كذلك تطالب جهات بتطبيق الإعدام على مجرمين جنائيين وليس فقط إرهابيين.
ففي 2016 قال فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، الجزائرية المرتبطة بالحكومة في تصريحات صحفية إنه يعارض حكم الإعدام من حيث المبدأ، "ولكني أطالب بتطبيقه بحق من يعتدي على الطفل البريء فيحرمه من حقه في الحياة".
وجاء ذلك على خلفية قتل طفلة في الرابعة من عمرها اسمها نهال، تحولت جريمة خطفها وقتلها وتمزيق جسدها إلى قضية رأي عام.
وقال قسنطيني: "إن الحكم بالإعدام على قتلة الأطفال وتنفيذه، من شأنه أن يردع كل من تسوّل له نفسه خطف طفل بريء وترويعه وترويع أهله".
أما باكستان فقد أعادت بالفعل تطبيق عقوبة الإعدام 2014 وذلك بعد أن علقت العمل بها عام 2008.
ودفع باكستان لذلك الهجوم الدموي على مدرسة في بيشاور على يد حركة طالبان أودى بحياة 132 تلميذًا.
وفي البداية أعادت عقوبة الإعدام في جرائم الإرهاب، ثم أعادت تطبيقها في الجرائم الجنائية.
وبحسب موقع وزارة الخارجية الفرنسية فإن 102 دولة ألغت عقوبة الإعدام لجميع الجرائم، و6 دولة ألغتها لجرائم الحق العام، و33 دولة أوقفت العمل بها، ولا تزال 58 دولة وإقليم تطبقها.
ويعد تطبيق عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة من ملفات الخلاف بينها وبين الاتحاد الأوروبي، ولكن يبدو أن السنوات القادمة ستشهد رواجًا لإعادة تطبيق تلك العقوبة في دول الاتحاد ذاته.