الغاز الروسي يشق الوحدة الأوروبية.. الصفقات الثنائية تهيمن على القارة
بدأت دول أوروبية كبرى البحث بشكل منفرد عن مصادر بديلة للغاز الروسي، متجاهلة منصة أوروبية موحدة ستقود شراء الغاز للتكتل.
وفي موقف شبه موحد، اتفقت غالبية دول الاتحاد الأوروبي على تخفيف الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية وبالتحديد الغاز الطبيعي الذي يمثل نحو 41% من إجمالي استهلاك التكتل.
ومع إعلان دول الاتحاد الأوروبي عن خطط لتقليل الاعتماد على روسيا كمصدر للغاز الطبيعي، منذ بدء حرب الروسية الأوكرانية، لم تشر بيانات جازبروم إلى أي تراجع في الخط الناقل عبر أوكرانيا إلى دول القارة.
وفي محاولة منها لتوحيد الجهود، أعلنت المفوضية الأوروبية عن تأسيس منصة موحدة لشراء الغاز لدول الاتحاد، على أن يكون الانضمام لهذه المنصة طوعيا، بحسب ما قالت المفوضية.
وبدأت المنصة أولى اجتماعاتها في 8 أبريل/نيسان الجاري، تمهيدا لوضع خطة مفاوضات موحدة لشراء الغاز الطبيعي من المصدرين الآخرين بعيدا عن روسيا.
انشقاق برلين
لكن الأزمة ظهرت منذ اليوم الأول لإعلان دول كبرى في التكتل البدء بتخفيف الاعتماد على روسيا، بأنها بدأت مفاوضات فردية مع منتجي الغاز الطبيعي حول العالم، لتأمين إمدادات من الغاز.
وفعلا، توجهت ألمانيا إلى دول الخليج العربي بحثا عن بدائل للغاز الروسي إلى برلين، إذ تعتمد الأخيرة على موسكو لتأمين نصف احتياجاتها، بينما النصف الآخر يتم تأمينه من دول أخرى.
في المقابل، وجدت دولة مثل إيطاليا أنها تملك ورقة قوية بيدها، واسمها "ايني"، أي الشركة الإيطالية الناشطة في مجال النفط والغاز الطبيعي حول العالم.
وبدأت الحكومة الإيطالية من خلال "ايني" ووفد حكومي، تنفيذ عد زيارات لدول القارة الأفريقية، للحصول على الغاز الطبيعي ليكون بديلا عن الغاز الروسي.
ووفق بيانات شركة جازبروم، فإن نحو 40% من الغاز الطبيعي المستهلك في إيطاليا قادم من روسيا وحدها، وفق أحدث البيانات التي تعود لعام 2021.
وتنشط إيني في أكثر من 10 دول في القارة الأفريقية، أبرزها الجزائري وأنغولا، إذ تعد الجزائر مصدرا رئيسا للغاز إلى إيطاليا قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
الدول الاسكندنافية تعبر إلى واشنطن
في المقابل، تتجه الدول الاسكندنافية دون استثناء، إلى الولايات المتحدة للحصول على حاجتها من الغاز الطبيعي، لتلبية حاجة الأسواق المحلية، إذا كانت تعتمد بنسبة 20-35% على الغاز الروسي قبل الحرب.
بينما اتجهت إسبانيا إلى الجزائر لتوقيع عقود جديدة مع سوناطراك لزيادة كميات الغاز الواصل إليها من خلال الأنابيب.
وتشهد العلاقات الجزائرية الإسبانية توترا في الفترة الأخيرة على خلفية الانقلاب المفاجئ في موقف الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز الذي أعلن دعم خطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، الذي طرحته الرباط قبل سنوات.
وتزود الجزائر إسبانيا بالغاز الطبيعي عبر خط أنابيب "ميدغاز" يربط بين البلدين مباشرة عبر المتوسط، بطاقة 8 مليارات متر مكعب سنويا.
وتجري أشغال توسعة حاليا على الخط لرفع طاقته السنوية إلى 10.6 مليارات متر مكعب سنويا، بينما تطمح مدريد إلى زيادة الإمدادات إلى أكثر من 13 مليار متر مكعب سنويا.
في المقابل، أعلنت دول مثل سويسرا وفرنسا والنمسا أنها تتجه لتوسيع محطات تسييل الغاز الطبيعي، والبحث عن مصدرين جدد، بينما أعلنت المجر في أكثر من مناسبة أن الاستغناء عن الغاز الروسي غير ممكن حاليا.
بينما بقية دول الاتحاد الأوروبي، فإما أن تتجه للمنصة الموحدة، أو أنها ستجد نفسها أمام أزمة شح كبيرة لإمدادات الغاز الطبيعي في حال طبقت تعليمات الاتحاد بتخفيف الاعتماد على روسيا وصول إلى مرحلة الاستغناء الكامل.