قوات برية في أوكرانيا؟.. انقسام أوروبي وسط تفوق روسي
تشهد الساحة الأوروبية انقسامًا حادًا حول إمكانية نشر قوات برية في أوكرانيا، في خطوة قد تمثل تصعيدًا كبيرًا للصراع مع روسيا.
وبينما تدفع فرنسا والمملكة المتحدة نحو هذا الخيار، تبدي دول أخرى، مثل ألمانيا ودول البلطيق، ترددًا خشية تداعياته.
يأتي هذا في ظل تضاؤل فرص أوكرانيا لتحقيق اختراق عسكري، مما دفع بعض الدول الغربية إلى النظر في تدخل مباشر لوقف التقدم الروسي وإعادة بناء القدرات الأوكرانية.
لكن غياب الدعم الأمريكي المحتمل يثير تساؤلات حول قدرة أوروبا على تنفيذ مثل هذه الخطط وحدها، في ظل تهديدات موسكو باستهداف أي قوات أجنبية تُنشر في أوكرانيا.
ووفقًا لصحيفة "ذا تايمز" البريطانية، فقد أبدت دول البلطيق وبولندا، رغم مواقفها العدائية تجاه روسيا، مخاوفها من أن يجعلها التصعيد ضحية لتداعيات الحرب.
أما ألمانيا، التي كانت من أبرز داعمي أوكرانيا عسكريًا، فقد امتنعت عن دعم هذه الخطوة بسبب الانتخابات المرتقبة بها وتراجع التأييد الشعبي للحرب.
في المقابل، تدعم فرنسا والمملكة المتحدة والدول الإسكندنافية هذا التصعيد، لكن هناك قلقًا من عدم إمكانية تنفيذه دون دعم أمريكي.
واعتبر مصدر دبلوماسي أوروبي أن مشاركة واشنطن ضرورية نظرًا لقدراتها العسكرية الفائقة، رغم الشكوك بشأن رغبة إدارة دونالد ترامب الجديدة في الالتزام بهذا التصعيد.
وأشار التقرير إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، كشف جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي عن خطط للناتو لنشر قوات برية بهدف تعليق القتال مؤقتًا، ومنع أوكرانيا من تكبد مزيد من الخسائر، وإعدادها لمحاولة انتقام مستقبلية.
وأشار إلى أن الناتو يسعى لإنشاء مراكز تدريب تستوعب مليون مجند أوكراني جديد، بعد أن ضغطت الدول الغربية على كييف لخفض سن التجنيد من 25 إلى 18 عامًا، مع دعوات لتجنيد النساء أيضًا.
ووفقًا للخطة، سيتم نشر 100 ألف جندي تحت غطاء "قوة حفظ سلام"، مع توقع مشاركة بولندا وألمانيا والمملكة المتحدة في قيادة العملية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أبرز المؤيدين لإبقاء جميع خيارات التصعيد مفتوحة، حيث أكد مرارًا أن نشر القوات البرية ليس مستبعدًا في إطار سياسة "منع روسيا من الانتصار".
وفي يناير/كانون الثاني 2024، أجرى الجيش الفرنسي تدريبات سرية بمشاركة 3 آلاف جندي في منطقة تحاكي بيئة شمال كييف.
ومنذ يونيو/حزيران 2023، بدأت باريس بدراسة خيارات التدخل العسكري، بدعم من مسؤولين أوروبيين مثل رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس ووزراء خارجية بولندا وليتوانيا وفنلندا. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أفادت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن باريس ولندن "أعادتا تفعيل" المناقشات بشأن نشر القوات في أوكرانيا.
ورغم تردد الولايات المتحدة في تصعيد الصراع بنشر قوات برية، لعب المستشارون الغربيون والمقاتلون الأجانب دورًا بارزًا على الأرض منذ 2022، بدءًا من عمليات القتال التي نفذها مشاة البحرية الملكية البريطانية، مرورًا بمشاركة مجموعة "Forward Observations Group" الأمريكية في الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك الروسية. كما تكررت التقارير عن وجود مقاتلين ناطقين بالإنجليزية والبولندية والفرنسية على الجبهات.
لكن نشر تشكيلات عسكرية رسمية قد يكون له تأثير مختلف، حيث ستتمتع هذه القوات بحماية ترسانات بلدانها، بما في ذلك الردع النووي، ما قد يحدّ من قدرة روسيا على استهدافها.
وأشارت صحيفة "لوموند" إلى أن الهدف من ذلك هو فرض "معضلات استراتيجية" على موسكو.
ومع ذلك، أكدت روسيا مرارًا أن أي قوات غربية في أوكرانيا ستُعامل كقوات تدخلية وستُستهدف، كما حدث مع المستشارين العسكريين الغربيين الذين تعرضوا لضربات دقيقة.
في ظل تصاعد التوتر، هناك توقعات بأن يقترن نشر القوات الأوروبية بزيادة الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على موسكو، بهدف فرض تسوية تخدم مصالح الناتو.
ومع ذلك، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى استعداد القوى الغربية للمخاطرة بتصعيد مباشر مع روسيا، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى توسيع نطاق الصراع إلى مستوى غير مسبوق.
aXA6IDE4LjIxOC4zMy4xNyA= جزيرة ام اند امز