أوروبا وإرهاب إيران.. "صمت" يفاقم معاناة المعارضة
بينما تواصل إيران استغلال دبلوماسييها في أعمال إرهابية بأوروبا، تصمت القارة العجوز على انتهاكات طهران بل وتطالب برفع العقوبات عنها.
وفي تقرير نشره معهد "جيتستون" للأبحاث، قال الخبير السياسي الأمريكي، مجيد رفيع زاده، إنه بينما يحث الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الولايات المتحدة على الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني)، يخضع أحد الدبلوماسيين الإيرانيين في بلجيكا حاليا للمحاكمة، بتهمة تدبير عملية إرهابية عام 2018.
وأحبط مسؤولون فرنسيون هجوما مخططا بالقنابل في باريس ضد مؤتمر "إيران الحرة" الذي نظمته المعارضة الإيرانية بحضور عشرات الآلاف من الأشخاص، ومن بينهم العديد من المتحدثين رفيعي المستوى مثل رئيس مجلس النواب الأمريكي السابق نيوت جينجريتش وعمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني ورئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر ووزير الخارجية السابق جون بيرد.
واعتبر رفيع زاده أن "هذه المؤامرة الإرهابية لو قدر لها أن تنجح، كانت ستكون من أكبر الأعمال الإرهابية التي رعاها النظام الإيراني.. أين ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بشأن هذه القضية؟ إنه صامت تماما".
وفي المؤامرة، تم توجيه اتهام للدبلوماسي الإيراني في ذلك الوقت، أسد الله أسدي، بتسليم متفجرات وصاعق تفجير إلى عميلين في محاولة لتفجير مؤتمر "إيران الحرة".
وكان أسدي، الذي كان يعمل في السفارة الإيرانية في فيينا، مسؤولا كبيرا بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية. وطلب ممثلو الادعاء من المحكمة الحكم على أسدي بأقصى عقوبة وهي السجن 20 عاما، والحكم على اثنين من شركائه بالسجن 18 عاما ومتهم آخر بالسجن 15 عاما وتجريدهم من الجنسية البلجيكية.
وطالب القادة الإيرانيون الاتحاد الأوروبي بالإفراج عن أسدي على أساس "الحصانة الدبلوماسية".
ولم يحضر أسدي، بأمر من وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، اليوم الأول للمحاكمة.
كما يبدو أنه ازداد جرأة لدرجة أنه هدد سلطات الاتحاد الأوروبي بأنه إذا تمت إدانته، سينتقم من يعملون بالوكالة لحساب إيران، وفقا لصحيفة لوموند الفرنسية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه "خلال فترة الحبس الاحتياطي، رفض أسد الله أسدي التعاون مع القضاء البلجيكي، وهدد بالانتقام".
وفي 9 مارس/آذار 2019 أبلغ مدير سجن بيفرين بأنه يرغب في مقابلة محقق.
وقال له إنه إذا تمت إدانته فإن هناك "جماعات مسلحة" مستعدة للتحرك ضد عناصر الشرطة أو الشهود أو أنصار منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية.
وأكد رفيع زاده أن الاتحاد الأوروبي سيقدم لنفسه خدمة كبيرة إذا أدرك أن أسدي لم يكن على الأرجح يتصرف بمفرده.
وأشار إلى أنه من المرجح أن القادة والدبلوماسيين الإيرانيين رفيعي المستوى كلفوه بتنفيذ العملية الإرهابية.
ومن المستبعد تماما أن يتم المضي قدما في مثل هذه المؤامرة الكبيرة دون مباركة المرشد علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف ووزارة الاستخبارات الإيرانية.
وتابع: "الاتحاد الأوروبي أصبح يدرك الآن بلا شك أن النظام الإيراني يستخدم سفاراته وقنصلياته في الدول الأجنبية كخلايا لتشجيع التطرف ودعم المليشيات والوكلاء. فعلى سبيل المثال، طردت الكويت سفير إيران و 14 دبلوماسيا في عام 2017 بسبب صلتهم بخلية تجسس وإرهاب، كما أمرت بإغلاق البعثتين الثقافية والعسكرية الإيرانية".
رفيع زاده أشار إلى أنه لا يجب أن يكون الأمر مفاجئا أن إيران لا تحترم المعايير الدولية للدبلوماسية، وأنها بدلاً من ذلك، تستغل ثقة الحكومات الأخرى لتعزيز طموحاتها الثورية والهيمنة.
ويمكن لنظام طهران منح أي شخص يريدون منصبا دبلوماسيا للسماح لذلك الشخص بالسفر بحرية في العالم الغربي. وبسبب موقعه الدبلوماسي، تردد أن أسدي تمكن من نقل المتفجرات من طهران إلى فيينا دون أن يتم القبض عليه.
وبعبارة أخرى، يمثل الدبلوماسيون الإيرانيون عناصر تمكين رئيسية لأجندة خامنئي الأصولية في الخارج. ويجب ألا يمنح الاتحاد الأوروبي المسؤولين الإيرانيين مرورا حرا لأنهم "دبلوماسيون" أو مسؤولون أو موظفون في وزارة الخارجية، وفق رفيع زاده.
ولا تشكل هذه المؤامرة الإرهابية على الأراضي الأوروبية حالة منعزلة، نظرا لأن النظام الإيراني يقتل أيضا المعارضين له في أوروبا.
فقد تعرض أحمد مولى نيسي، وهو مواطن هولندي من أصل إيراني ومنتقد للنظام الإيراني، للقتل بالرصاص أمام باب منزله في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
وأعلنت السلطات الهولندية بأن لديها "مؤشرات قوية" على أن الحكومة الإيرانية هي التي أمرت بالقتل.
كما قتل أحد المعارضين السياسيين لطهران، وهو محمد رضا كلاهي صمدي، في ظروف مماثلة في أمستردام عام 2015. ويبدو أنه تعرض للقتل بسبب معارضته للحكومة الإيرانية منذ الثمانينيات.
وختم الخبير السياسي مجيد رفيع زاده تقريره بالقول إنه إذا لم يوقف قادة نظام طهران أنشطتهم الإرهابية أو إلى أن يوقفوها فإن الاتحاد الأوروبي سيقدم لنفسه وللعالم الحر خدمة كبيرة أخرى بقطع علاقاته الدبلوماسية مع نظام يقتل مواطنين أوروبيين وينفذ مؤامرات إرهابية على الأراضي الأوروبية.
ويمكن التساؤل: كم عدد المواطنين الأوروبيين الذين يجب أن يقتلوا والأعمال الإرهابية التي يتم تنفيذها بواسطة النظام الإيراني على الأراضي الأوروبية لكي يتحرك الاتحاد الأوروبي؟
aXA6IDQ0LjIyMC4yNTEuMjM2IA== جزيرة ام اند امز