آخر ضوء في نفق العمليات الإنسانية ينطفئ.. وأوروبا تبحث عن هدنة بغزة
في قطاع غزة، كانت العمليات الإنسانية الأممية التي بالكاد تعمل الأمل الأخير لإنقاذ الجرحى والمصابين جراء الحرب المستمرة منذ 38 يوما، لكن نفاد الوقود من المستودعات أدخلها في نفق مظلم بلا ضوء في نهايته.
المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، أكد، الإثنين، أن "الوقود نفد من المستودع التابع للوكالة في القطاع، ولن تتمكن الأونروا في غضون أيام قليلة من إعادة تزويد المستشفيات به ومن نزح مياه الصرف الصحي وتوفير مياه الشرب".
- «انعدام الثقة» سيف على رقبة رهائن إسرائيل في غزة
- القطبية الأحادية والصراعات.. ابتسام الكتبي تقدم حرب غزة نموذجا
وتؤوي الأونروا ما يقرب من 800 ألف، أو حوالي نصف إجمالي سكان غزة الذين فروا من منازلهم منذ بدأت إسرائيل حملتها العسكرية قبل أكثر من شهر ردا على هجوم دام شنته (حماس) عليها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول".
وقال لازاريني للمانحين، إن "الأونروا تفرغ ببطء مستودع وقود على الحدود الإسرائيلية يحتوي على احتياطيات استراتيجية"، مشيرا إلى أن " الجيش الإسرائيلي لم يرد على طلب قدمته الوكالة إليه بتجديد المخزون، وهذا المستودع فارغ الآن".
وأضاف: "إذا انتظرنا بضعة أيام، فبحلول 14 نوفمبر/تشرين الثاني، سيؤثر ذلك بشدة على سيارات الإسعاف والعمليات في المستشفيات الكبرى التي لدى بعضها القليل من الطاقة الشمسية لكنها هامشية، وبالتالي ستتوقف هذه المستشفيات عن العمل".
كما حذر مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة من "توقف العمليات الإنسانية خلال 48 ساعة لعدم السماح بدخول الوقود إلى غزة".
وقال توماس وايت: "هذا الصباح توقف 2 من المقاولين الرئيسيين لدينا عن العمل، لقد نفد الوقود لديهم ببساطة، الأمر الذي سيحرم 200 ألف شخص من مياه الشرب" في القطاع المحاصر حيث يعيش 2,4 مليون نسمة نزح منهم 1,6 مليون ويعتمدون جميعا وبشكل كامل على المساعدات.
واضطرت العديد من المستشفيات بالفعل إلى إغلاق أبوابها في غزة بسبب الأضرار التي لحقت بها جراء الحرب أو نقص الوقود، ومن بينها مستشفى القدس، وهو أحد المستشفيات الكبرى في شمال غزة محور تركيز التوغل البري الإسرائيلي.
ويرفض الجيش الإسرائيلي حتى الآن إدخال الوقود إلى قطاع غزة بحجة أن حماس قد تستخدمه في أغراض عسكرية.
ويُستخدم وقود الأونروا أيضا في إزالة مئات الأطنان من النفايات الصلبة من المخيمات التي تكتظ بشكل متزايد في جنوب قطاع غزة، وقال لازاريني إن هذه الخدمات ستتوقف قريبا.
وأضاف أنه دون وقود، ستتوقف أيضا محطات تحلية المياه في الشريط الساحلي الضيق في 15 نوفمبر تشرين الثاني. وتوفر هذه المحطات مياه الشرب لما لا يقل عن 290 ألفا في القطاع المكتظ بالسكان.
وقال لازاريني للمانحين "وبالتالي الوضع حاليا مأساوي للغاية وعلى وشك أن يتفاقم".
تنكيس أعلام الأمم المتحدة
ونُكست الأعلام على مقار الأمم المتحدة في كل أرجاء العالم الاثنين ودعي الموظفون إلى الوقوف دقيقة صمت على أرواح عشرات من موظفيها الذين قضوا في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الوقوف دقيقة صمت عند الساعة 9:30 صباحا بالتوقيت المحلي في كل دولة للمنظمة مكتب تمثيل فيها.
كذلك نُكس علم الأمم المتحدة باللونين الأزرق والأبيض في بانكوك وطوكيو وبكين.
وفي جنيف، ثاني أكبر مركز للأمم المتحدة بعد نيويورك، نُكست أعلام الأمم المتحدة في الصباح ولم ترفع المنظمة أيًا من أعلام الدول الأعضاء فيها البالغ عددها 193 دولة، على طول الطريق الرئيسي أمام المبنى الضخم.
ودُعي موظفو المنظمة الأممية إلى الوقوف دقيقة صمت "على انفراد"، وفق الناطق باسم الأمم المتحدة في جنيف، رولاندو غوميز.
يأتي ذلك غداة إعلان الأمم المتحدة تسجيل "عدد كبير من القتلى والجرحى.. في القصف" الذي تعرض له مقر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة.
وأظهرت مشاهد صورتها "فرانس برس"، فجوة في باحة مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في بيت لاهيا في شمال قطاع غزة.
هدنات "ذات مغزى"
يأتي هذا فيما دعا المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز ليناركيتش، الإثنين، إلى هدنات "ذات مغزى" في غزة وإيصال الوقود بشكل عاجل إلى القطاع لضمان المحافظة على عمل المستشفيات.
وقال ليناركيتش خلال اجتماع لوزراء خارجية التكتل في بروكسل "هناك حاجة ملحة لتحديد الهدنات الإنسانية واحترامها".
وأضاف: "يتعيّن إدخال الوقود. كما ترون، فإن أكثر من نصف المستشفيات في قطاع غزة توقف عن العمل، لأسباب أهمها نقص الوقود وهناك حاجة ملحة للوقود".
وأصدرت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بيانا، الأحد، يدعو إلى "حماية" المستشفيات ويدين حماس لاستخدامها المنشآت الطبية والمدنيين "دروعا بشرية"، كما طالب التكتل "بهدنات إنسانية فورية" للسماح بدخول المساعدات إلى القطاع المحاصر.
وتابع ليناركيتش: "أولا، يجب أن يتم الإعلان عنها قبل وقت طويل من التطبيق ليكون بإمكان المنظمات التحضير لاستغلالها. ثانيا، يجب أن تكون محددة بوضوح من ناحية الوقت".
من جانبه، شدد مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على أن "غزة تحتاج إلى مزيد من المساعدات أيًا كانت وجهة النظر"، مضيفا: "المياه والوقود والغذاء. هذه المساعدات متوفرة وهي عند الحدود بانتظار إدخالها".
وأعلن بوريل بأنه سيتوجّه إلى "إسرائيل وفلسطين والبحرين والسعودية وقطر والأردن هذا الأسبوع لمناقشة الوصول الإنساني والمساعدات والقضايا السياسية مع القادة الإقليميين".
يمضي الجيش الإسرائيلي بعمليته الرامية لـ"تدمير حماس"، بحسب أهدافها المعلنة، التي تتهم السلطات الإسرائيلية مسلحيها بقتل 1200 شخص على الأقل، معظمهم مدنيون واحتجاز حوالى 240 رهينة في أسوأ هجوم في تاريخ البلاد وقع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وأفادت إسرائيل بأن 44 من جنودها قتلوا في عملية غزة.
لكن إسرائيل تواجه ضغوطا دولية متزايدة للحد من معاناة المدنيين في ظل عمليتها الجوية والبرية الكبيرة التي تقول وزارة الصحة في غزة إنها أودت بحياة 11180 شخصا بينهم 4609 أطفال.