كسرت محرمات وغيرت سياسات.. أوكرانيا تخرج أوروبا من "منطقة الراحة"
زلزال جيوسياسي أحدثته حرب أوكرانيا في مناطق الجوار المباشر، خاصة الاتحاد الأوروبي، ما كان له هزات ارتدادية على مستويات عدة.
هذه الهزات ظهرت بوضوح في تعليق وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في صحيفة دير شتاندرد النمساوية، الجمعة، حيث قال إن الاتحاد الأوروبي اضطر إلى زيادة الاستثمارات في صناعة الدفاع مرة أخرى بسبب الحرب، وما نتج عنها من تغيير جذري في البيئة الأمنية.
وكتبت بوريل في مقال نشرته الصحيفة: "منذ أن شنت روسيا حربها على أوكرانيا، أظهر الاتحاد الأوروبي أنه يفهم ما هو على المحك. وأنه إذا لزم الأمر، على استعداد لكسر المحرمات".
وتابع: "قبل عام، ولأول مرة، قمنا بتمويل تسليم معدات عسكرية فتاكة إلى بلد يتعرض للهجوم. بعد ذلك، في الخريف، بدأنا تدريب الجنود الأوكرانيين على أرضنا تحت علم الاتحاد الأوروبي".
ومضى موضحا: "بحلول نهاية هذا العام، نتوقع تدريب 30 ألف جندي أوكراني.. والآن نتخذ خطوة كبيرة أخرى: نحن نعمل معًا لتزويد أوكرانيا بالذخيرة التي تحتاجها بشدة".
بوريل كتب أيضا "في الأسبوع الماضي، وافق القادة الأوروبيون على اقتراح ثلاثي قدمته مع مفوض الاتحاد الأوروبي تييري بريتون، يقضي أولا بتمويل توفير ذخيرة المدفعية من المخزونات الموجودة أو من الطلبيات التي لم يتم تقديمها بعد".
وتابع "ثانياً: الشراء المشترك لقذائف مدفعية جديدة. وثالثًا، العمل مع صناعة الدفاع الأوروبية لزيادة الطاقة الإنتاجية لتلبية احتياجاتنا ومواصلة دعم أوكرانيا".
واستطرد "على وجه التحديد، سنستخدم مليار يورو من مشروع السلام الأوروبي (EPF)، المنفصل عن ميزانية الاتحاد الأوروبي، لتعويض الدول الأعضاء التي ترغب في تزويد أوكرانيا بالذخيرة على الفور".
وأضاف: "سنستخدم مليار يورو أخرى لشراء ذخيرة عيار 155 ملم بشكل مشترك، وإذا لزم الأمر ، صواريخ من صناعة الدفاع الأوروبية والنرويج، وسيتم ذلك من خلال وكالة الدفاع الأوروبية".
ووفق بوريل، فإن زيادة قدرة الصناعة الأوروبية على تلبية الطلب المتزايد، يسمح للجيوش الأوروبية بتجديد إمداداتها من الأسلحة والذخيرة وفي نفس الوقت إمداد أوكرانيا.
وفي نقطة أخرى، قال "على مدار العشرين عامًا الماضية، قلل الأوروبيون من استثماراتهم في صناعة الدفاع، لكن بسبب البيئة الأمنية المتغيرة جذريًا في الوقت الحالي، نحتاج إلى زيادة الاستثمارات مرة أخرى".
وحول السلام، قال "بالطبع، نحن مثل أوكرانيا، نريد السلام. لكننا لا نريد أي سلام. نريد سلامًا عادلًا ودائمًا على أساس ميثاق الأمم المتحدة. سلام تسحب فيه روسيا قواتها من جميع مناطق أوكرانيا التي تحتلها حاليًا".
ومضى قائلا "هذا أيضًا سبب دعمنا لصيغة السلام التي يطرحها الرئيس فولوديمير زيلينسكي".
وزاد "يجب أن تخضع روسيا للمساءلة. لهذا السبب فإن توجيه الاتهام إلى الرئيس فلاديمير بوتين من قبل المحكمة الجنائية الدولية مهم للغاية: يجب على بوتين أن يدفع ثمن جرائم الحرب التي يتحمل مسؤوليتها".
وتابع "في هذه الحرب، يقف التاريخ والعدالة إلى جانب أوكرانيا. لكن يجب علينا تسريع مجرى التاريخ. إن دعمنا العسكري وقرارنا بشراء الذخائر معًا يخدم قضية السلام العادل في أوكرانيا، وهو قرار صحيح وضروري".
وعلى مدار عقود طويلة، اعتمدت أوروبا على الولايات المتحدة الأمريكية وتوازن القوى في القارة الأوروبية لحماية أمنها ونموذجها لدولة الرفاهية، لكن مع اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط الماضي، انهارت هذه المنظومة الأمنية.
لذلك، خرج الاتحاد الأوروبي عن خط "سياسة القيم والسلام" التي اتبعها لسنوات طويلة، وقرر تزويد أوكرانيا بالسلاح والذخيرة، وصولا إلى أنظمة التسلح الثقيلة مثل صواريخ الدفاع الجوي والدبابات.
كما غيرت دول أوروبية مثل ألمانيا استراتيجيتها وأعلنت إعادة تسليح الجيش، فيما تخلت دول أخرى مثل السويد وفنلندا عن الحياد التاريخي وطلبت الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
aXA6IDE4LjExNi41Mi40MyA= جزيرة ام اند امز