قوة اليورو أمام الدولار تثير مخاوف المصدرين الأوروبيين

أعربت شركات التصدير الأوروبية عن قلقها المتزايد من الارتفاع الحاد في قيمة اليورو مقابل الدولار الأمريكي.
وحذرت من أن قوة العملة الأوروبية تُشكل تهديدًا جديدًا يضاف إلى الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وارتفع اليورو بأكثر من 9% منذ بداية العام، ليصل إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات، مما يضع ضغوطًا على الشركات التي تعتمد بشكل كبير على الأسواق خارج منطقة اليورو.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية فقد حذّرت شركات كبرى مثل SAP الألمانية للبرمجيات، وشركة بورش لصناعة السيارات، ومجموعة هاينكن الهولندية، وعملاق الصناعة الفرنسي شنايدر إلكتريك، المستثمرين من تأثير سلبي محتمل على أرباحها نتيجة صعود اليورو، الذي جعل المنتجات الأوروبية أكثر تكلفة في السوق الأمريكية، في وقت يتراجع فيه إنفاق المستهلكين الأمريكيين بسبب حالة عدم اليقين التي خلّفتها الحرب التجارية.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت رسومًا جمركية متبادلة بنسبة 20% على صادرات الاتحاد الأوروبي في أبريل/نيسان الماضي، قبل أن تخفّضها إلى 10% للسماح بإجراء مفاوضات لمدة 90 يومًا. لكن الجمع بين ارتفاع اليورو والرسوم الجمركية شكل عبئًا مزدوجًا على المصدرين الأوروبيين.
وقال روبين وينكلر، كبير الاقتصاديين في دويتشه بنك بألمانيا، إن "قوة اليورو تفاقم من صدمة الرسوم الجمركية"، مضيفًا أنها تُضرّ بتنافسية الشركات في التجارة الخارجية.
وفي السياق نفسه، خفّض محللو بنك HSBC توقعاتهم لنمو أرباح شركات مؤشر "FTSE أوروبا" لهذا العام إلى 2.9%، محذرين من أن قوة اليورو قد تؤثر بشكل كبير على أرباح هذه الشركات من الأسواق الخارجية.
وعلى الرغم من أن العديد من الشركات تلجأ إلى التحوّط ضد تقلبات أسعار الصرف، إلا أن مسؤوليها حذروا من أن استمرار ارتفاع اليورو لفترة طويلة سيؤثر سلبًا على الأرباح. فارتفاع قيمة اليورو يجعل المنتجات الأوروبية أغلى على المشترين الأمريكيين، كما يقلل من العائدات عند تحويل الأرباح بالدولار إلى اليورو.
خسائر متوقعة
وقال دومينيك آسام، المدير المالي لشركة SAP، إن كل زيادة بمقدار سنت واحد في سعر صرف اليورو مقابل الدولار تؤدي إلى انخفاض في الإيرادات السنوية بنحو 30 مليون يورو. وأضاف أن الشركة قامت بالتحوّط لمعظم تعرضها للعملة خلال عام 2025، إلا أن عام 2026 سيكون أكثر صعوبة إذا استمر صعود اليورو بعد انتهاء صلاحية عقود التحوّط.
ومن جانبها، توقعت شركة هاينكن أن يؤدي صعود اليورو أمام عدد من العملات، بما في ذلك البيزو المكسيكي، إلى خفض أرباحها المعدلة الصافية بنحو 180 مليون يورو. كما توقعت شركة شنايدر إلكتريك أن تؤدي آثار انخفاض الدولار وغيره من تحركات العملات إلى تقليص إيراداتها السنوية بما يصل إلى 1.25 مليار يورو.
ويمثل هذا الصعود الحاد لليورو تحولًا كبيرًا مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي، عندما شهد الدولار ارتفاعًا قويًا بسبب التوقعات بأن سياسات ترامب الاقتصادية ستعزز النمو الأمريكي وتضر بشركاء التجارة. لكن المؤشرات الحالية على تأثير الحرب التجارية في إبطاء الاقتصاد الأمريكي أضعفت الدولار، وجعلت أداء الأسهم الأوروبية يتفوق على مؤشر S&P 500 في عام 2025.
ورغم ذلك، فقد تراجعت أسهم شركات التصدير الأوروبية الكبرى مثل SAP وستيلانتس ودايملر تراك مقارنة بأداء السوق الأوسع، مما يعكس قلق المستثمرين من تأثير اليورو. وأشارت باركليز إلى أن سلة من أسهم هذه الشركات قد تراجعت مع ارتفاع اليورو.
ويتوقع العديد من البنوك الكبرى أن يواصل اليورو ارتفاعه، بعد أن بلغ 1.157 دولارًا في أبريل/نيسان، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات. وقال أثناسيوس فامفاكيديس، رئيس استراتيجية العملات في بنك أوف أمريكا، إن العملة تعززت أيضًا بفضل حزمة التحفيز الألمانية البالغة تريليون يورو.
وأضاف: "السوق كانت متفائلة أكثر من اللازم بشأن الولايات المتحدة، ومتشائمة أكثر من اللازم بشأن أوروبا"، متوقعًا أن يصل اليورو إلى 1.17 دولار بحلول نهاية العام.