سقف أسعار النفط الروسي.. خسائر أوروبية ومكاسب أمريكية وموسكو في أمان
كان الانقسام بين حكومات أوروبا حول المستوى الذي سيتم عنده تحديد سقف لأسعار النفط الروسي "متوقعا"، في ظل شكوك أوروبية حول نية واشنطن.
أصبحت الدول الأوروبية واعية لحقيقة أن إقناع الولايات المتحدة لأوروبا بفرض إجراءات عقابية على روسيا كان فقط لتعزيز مكاسب واشنطن، وليس من أجل مصالح القارة العجوز.
تراوح الحد الأقصى الذي اقترحته مجموعة السبع والولايات المتحدة على النفط الروسي بين 65 و70 دولارا للبرميل.
ومن المقرر أن يدخل الحد الأقصى حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول، وهو نفس اليوم الذي سيفرض فيه الاتحاد الأوروبي مقاطعة على معظم النفط الروسي الخام الذي يتم شحنه عن طريق البحر.
من المستفيد من قرار سقف الأسعار؟
قال المراقبون إنه إذا تم تحديد سقف الأسعار فسوف تعاني كل من روسيا وأوروبا، وستكون الولايات المتحدة هي المستفيد الوحيد.
اختلفت حكومات الاتحاد الأوروبي يوم الخميس حول مستوى الحد الأقصى لأسعار النفط الروسية من أجل الحد من قدرتها على تمويل عملياتها في أوكرانيا دون التسبب في صدمة إمدادات النفط العالمية.
وعقدت المفوضية الأوروبية، ورئاسة التشيك للاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة وألمانيا، محادثات الخميس في محاولة لحل الخلافات والتوصل إلى اتفاق قبل أن يدخل الحد الأقصى للسعر حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الثاني المقبل.
ما هي أبرز نقاط الخلاف حول السعر؟
تريد دول مثل بولندا تحديد سقف عند 30 دولارا للبرميل، بحجة أن اقتراح مجموعة السبع سيفيد روسيا كثيرا، نظرا لأن تكاليف الإنتاج الروسية تقدر بنحو 20 دولارا للبرميل.
تقول قبرص واليونان ومالطا، وهي دول ذات صناعات شحن كبيرة يمكن أن تتكبد خسائر فادحة إذا تعطلت شحنات النفط الروسية، أن الحد الأقصى منخفض للغاية وتريد إما تعويض الخسائر التجارية وإما مزيدا من الوقت لتعديلها.
ونقلت رويترز عن الكرملين قوله يوم الخميس إن روسيا لا تخطط لتوريد النفط والغاز للدول التي تدعم سقف أسعار نفطها، لكنها ستتخذ قرارا نهائيا بمجرد تحليل جميع الأرقام.
لماذا تصر أمريكا على سقف الأسعار؟
الانقسام في الاتحاد الأوروبي بدا واضحا مع دخول الأزمة الروسية الأوكرانية شهرها التاسع، وأصبحت دول الاتحاد الأوروبي واضحة بشكل متزايد في أن الولايات المتحدة تقنعها بالاستفادة من نفسها، مثل تصدير النفط إلى الدول الأوروبية لتحقيق مكاسب ضخمة.
كانت الولايات المتحدة تصدر كميات قياسية من النفط الخام والمنتجات البترولية مؤخرا، وأصبحت أوروبا وجهة رئيسية لهذه الصادرات، حسب ما ذكرت وسائل الإعلام في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفقا لصحيفة "global times"، التكتيك الأمريكي يقضي بوضع الدول الأوروبية في الخطوط الأمامية لاستفزاز روسيا بينما تختبئ وراءها وتحقق المكاسب، في وقت تفرض فيه بروكسل وموسكو إجراءات عقابية متبادلة.
وبالتالي، سقف الأسعار سينتج عنه وضع يخسر فيه كل من روسيا وأوروبا خاصة الأخيرة، التي تغرق بالفعل في أزمة طاقة وتواجه شتاء شديد البرودة هذا العام، وهو ما قد يضر بسوق الطاقة العالمي.
هل تتأثر أسواق النفط بقرار سقف الأسعار؟
يمكن أن يكون لمقاطعة أوروبا نفط روسيا، وتحديد مستوى السعر بعض التأثير على سعر النفط عالميا، حيث تتزايد المخاوف بشأن قلة العرض مع المخاوف بشأن انخفاض الطلب من تباطؤ الاقتصاد العالمي.
قد يؤدي التطبيق إلى إخراج الكثير من النفط الخام الروسي من السوق، حيث ترتفع أسعار النفط، وستعاني الاقتصادات الغربية.
أين سيذهب النفط الروسي؟
روسيا، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، حولت بالفعل الكثير من إمداداتها إلى الهند والصين ودول آسيوية أخرى بأسعار مخفضة بعد أن تجنبها العملاء الغربيون حتى قبل حظر الاتحاد الأوروبي.
لذا من الضروري لأسواق الخام العالمية أن يظل النفط الروسي يجد الأسواق للبيع بعد تفعيل الحظر الأوروبي. وفي غياب ذلك سترتفع أسعار النفط العالمية بشدة.
يمكن أن يسمح سقف يتراوح بين 65 و70 دولارا للبرميل لروسيا بمواصلة بيع النفط مع الحفاظ على أرباحها عند المستويات الحالية، حيث يتم تداول النفط الروسي عند حوالي 63 دولارا للبرميل، وهو خصم كبير من خام برنت القياسي الدولي.
لكن الحد الأقصى المنخفض (عند حوالي 50 دولارا للبرميل) سيجعل من الصعب على روسيا موازنة ميزانيتها الحكومية، حيث يُعتقد أن موسكو تطلب حوالي 60 إلى 70 دولارا للبرميل للقيام بذلك، ما يسمى بـ"التعادل المالي"، وفقا لـ"abc news".
ومع ذلك، فإن هذا الحد الأقصى البالغ 50 دولارا سيظل أعلى من تكلفة الإنتاج الروسية التي تتراوح بين 30 و40 دولارا للبرميل، مما يمنح موسكو حافزا لمواصلة بيع النفط ببساطة لتجنب الاضطرار إلى إغلاق الآبار التي قد يكون من الصعب إعادة تشغيلها.
ماذا لو لم تلتزم روسيا وبعض الدول الأخرى بسقف الأسعار؟
قالت روسيا إنها لن تلتزم بحد أقصى وستوقف عمليات التسليم للدول التي تلتزم بذلك، قد يكون من المرجح أن يثير انخفاض سقف بنحو 50 دولارا هذا الرد، أو يمكن لروسيا أن توقف آخر إمدادات الغاز الطبيعي المتبقية إلى أوروبا.
قد لا تتماشى الصين والهند مع الحد الأقصى، بينما يمكن للصين تشكيل شركات تأمين خاصة بها لتحل محل الشركات المحظورة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا.
الصين والهند تتمتعان بالفعل بخصم على أسعار النفط الروسي وقد لا ترغبان في عزل روسيا.
تحصل الصين والهند على الخام الروسي بخصم كبير على برنت، وبالتالي لا تحتاجان بالضرورة إلى حد أقصى للسعر للاستمرار في التمتع بخصم.
يمكن لروسيا أيضًا أن تلجأ إلى مخططات مثل نقل النفط من سفينة إلى أخرى لإخفاء أصولها وخلط نفطها بأنواع أخرى للالتفاف على الحظر.
ماذا عن حظر الاتحاد الأوروبي؟
قد لا يأتي التأثير الأكبر لحظر الاتحاد الأوروبي في 5 ديسمبر/كانون الأول، حيث تعثر أوروبا على موردين جدد ويتم تغيير مسار البراميل الروسية، ولكن التأثير الأكبر سيظهر في 5 فبراير/شباط عندما يبدأ حظر المنتجات النفطية مثل وقود الديزل من قبل أوروبا.
سيتعين على أوروبا اللجوء إلى الإمدادات البديلة من الولايات المتحدة والشرق الأوسط والهند، وبالتالي سيكون هناك عجز وسيؤدي ذلك إلى أسعار مرتفعة للغاية.
لا يزال لدى أوروبا العديد من السيارات التي تعمل بالديزل، ويستخدم الوقود أيضا في نقل الشاحنات لتوصيل مجموعة كبيرة من البضائع للمستهلكين وتشغيل الآلات الزراعية، لذلك ستنتشر تلك التكاليف المرتفعة في جميع أنحاء الاقتصاد.
ماذا سيحدث لنفط روسيا في 2023؟
قد ينخفض إنتاج روسيا من النفط بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا في عام 2023 بعد الحظر الذي سيفرضه الاتحاد الأوروبي في 5 ديسمبر/كانون الثاني، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وأشارت الوكالة إلى أن الاتحاد الأوروبي نجح في خفض بعض وارداته من الخام والمنتجات الروسية، لكن سيتعين استبدال أكثر من مليوني برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات عند دخول الحظر الأوروبي حيز التنفيذ.
بحلول أكتوبر/تشرين الأول نجح الاتحاد الأوروبي في خفض وارداته من النفط الخام الروسي بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا، لكنه ما زال يشتري 1.4 مليون برميل يوميا.
بالنسبة للديزل، خفض الاتحاد الأوروبي وارداته بمقدار 50 ألف برميل يوميا إلى 560 ألف برميل يوميا، وفقا لـ"oilprice".
وقالت الوكالة إن الحظر سيضغط على أرصدة سوق النفط، علاوة على أن مستويات مخزون النفط في الاقتصادات المتقدمة عند أدنى مستوياتها منذ 2004.
aXA6IDMuMTUuMjM5LjAg جزيرة ام اند امز