الأسهم الأوروبية واليورو.. رقصة "الانتصار" على أنغام "خطة مارشال"
بلغت الأسهم الأوروبية، الثلاثاء، أعلى مستوى منذ مارس الماضي بعدما اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على حزمة تحفيز قياسية
على وقع خطة الإنقاذ الأوروبية، والتي تعتبر "خطة مارشال حقيقية"، قفز كل من اليورو والأسهم الأوروبية اليوم الثلاثاء، لأعلى مستوياتهما منذ مارس/آذار الماضي.
وتوصل قادة الاتحاد الأوروبي لاتفاق تاريخي في الساعات المبكرة من صباح اليوم بعد قمة استمرت نحو خمسة أيام.
واتفق الزعماء على تأسيس صندوق للتعافي حجمه 750 مليار يورو يقدم منحا لا ترد بقيمة 390 مليار يورو انخفاضا من 500 مليار يورو كما كان مقترحا في الأساس والباقي قروض تسدد.
- أسهم أوروبا تبلغ ذروة مارس
بلغت الأسهم الأوروبية الثلاثاء، أعلى مستوى منذ أوائل مارس/آذار الماضي بعدما اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على حزمة تحفيز قياسية لتنشيط اقتصادات الدول الأعضاء التي عانت من ركود بسبب فيروس كورونا.
وصعد المؤشر ستوكس لأسهم منطقة اليورو 1.1% بحلول الساعة 0712 بتوقيت جرينتش ليبلغ أعلى مستوى منذ الخامس من مارس/ آذار الماضي.
وكسب المؤشر ستوكس 600 الأوروبي الأوسع نطاقا 0.9% وهو أيضا أعلى مستوى منذ الخامس من مارس/ آذار الماضي وسط تفاؤل متزايد بشأن علاج كوفيد-19 بعد بيانات مبكرة واعدة عن تجارب لثلاثة لقاحات محتملة.
وصعد المؤشر داكس الألماني لأعلى مستوى منذ 24 فبراير/شباط بفضل سهمي ساب وسيمنس.
- اليورو يسجل أعلى مستوى في 4 أشهر
كما سجل اليورو أعلى مستوياته منذ مطلع مارس/ آذار الماضي، اليوم الثلاثاء.
ودفع إبرام الاتفاق اليورو للصعود بنسبة 0.2% مقابل الدولار إلى 1.1470 دولار وهو أعلى مستوى له منذ التاسع من مارس/ آذار الماضي على الرغم من أن مكاسبه حد منها توقعات قبل فتح السوق بالتوصل لاتفاق في نهاية الأمر إلى جانب المعدلات المرتفعة التي سجلها اليورو في الآونة الأخيرة.
وسجل اليورو في أحدث تداول له انخفاضا بنسبة 0.1% عند 1.1442 دولار.
وقال محللون إنه لا توجد معلومات جديدة تذكر في الاتفاق النهائي يمكنها دفع اليورو للصعود أكثر من ذلك حيث تم بالفعل تحديد قيمة المنح وكذلك القروض.
واستقر مؤشر الدولار مقابل سلة عملات وسجل 95.813 في أحدث تداول.
واستفاد الجنيه الإسترليني أيضا من التحسن واسع النطاق في معنويات المخاطرة حيث زاد 0.4% إلى 1.2716 دولار وهو أعلى مستوى منذ 11 يونيو/حزيران الماضي.
وصعد 0.3% مقابل اليورو إلى 90.16 بنس.
اتفاق تاريخي بين الأوروبيين على "خطة مارشال"
وفي ختام قمة ماراثونية استمرت 5 أيام وسادها توتر شديد، توصل القادة الأوروبيون الـ27 الثلاثاء إلى خطة تاريخية لدعم اقتصادات دولهم المتضررة جراء وباء كوفيد-19، تمول لأول مرّة بواسطة دين مشترك.
وتم الاتفاق على الحزمة البالغة قيمتها الإجمالية 750 مليار يورو بعد مفاوضات مكثفة وشاقة لوّح خلالها رئيس الوزراء المجري بفرض فيتو، وقاومت لاهاي وفيينا بعناد خطة شديدة السخاء بنظرهما، فيما رفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون النبرة غاضبا.
وأعلن ماكرون خلال مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية "تم تخطي مرحلة هامة" فيما رأت أنجيلا ميركل التي تتولى بلادها حاليا الرئاسة الدورية للتكتل أن الاتفاق "رد على أكبر أزمة يواجهها الاتحاد الأوروبي منذ إنشائه".
كما أثنى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال مؤتمر صحافي منفصل على "خطة عظيمة لأوروبا" معتبرا أنها "خطة مارشال حقيقية".
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذي أشرف على القمة إن المفاوضات كانت "صعبة، في لحظة بالغة الصعوبة لجميع الأوروبيين".
واستمرت القمة أكثر من تسعين ساعة، وكادت تتخطى الرقم القياسي التاريخي الذي سجلته قمة نيس عام 2000 التي خصصت لبحث إصلاح المؤسسات الأوروبية واستمرت حوالى 92 ساعة.
- نقل الثروات
ودعما للاقتصاد الأوروبي الذي يعاني من ركود تاريخي، تنص الخطة على حزمة قدرها 750 مليار يورو يمكن للمفوضية الأوروبية اقتراضها في الأسواق. ويتوزع هذا المبلغ بين 390 مليار يورو من المساعدات و360 مليار يورو من القروض.
وتمنح المساعدات للدول الأكثر تضررا جراء وباء كوفيد-19، وهي تمثل دينا مشتركا يتعين على الدول الـ27 سداده بصورة جماعية. أما القروض، فيتعين على الدول المستفيدة منها سدادها.
وتضاف الخطة إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي البعيدة المدى لفترة 2021-2027 والبالغة قيمتها 1074 مليار يورو توزع إلى 154 مليار يورو في السنة.
والدين المشترك هو أول إجراء من نوعه يقره الاتحاد، ويقوم على اقتراح فرنسي ألماني اصطدم بمعارضة شديدة من قبل الدول "المقتصدة"، وهي هولندا والنمسا والدنمارك والسويد، وانضمت إليها فنلندا.
وأكد رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي الذي يتزعم الدول المقتصدة، في ختام القمة أن هذا القرض المشترك لا يشكل بداية "اتحاد نقل" للثروات بشكل دائم من الشمال إلى الجنوب، وهو تحديدا ما حذر منه قبل المفاوضات.
وقال للصحافيين "إنها عملية موضعية تظهر ضرورتها بشكل جلي في ضوء الوضع الحالي".
وهددت الدول "المقتصدة" لفترة طويلة بإفشال خطة النهوض الاقتصادي التي تستفيد منها بصورة خاصة دول الجنوب مثل إيطاليا وإسبانيا، وهي الدول الأكثر تضررا جراء وباء كوفيد-19 غير أن شركاءها الشماليين يعتبرونها شديدة التساهل على الصعيد المالي.
- دولة القانون
وللتغلب على هذه التحفظات، اضطر شارل ميشال إلى مراجعة اقتراحه الأساسي وتقديم ضمانات لها.
فبعدما كانت برلين وباريس تدعوان إلى تخصيص 500 مليار يورو من المساعدات، تم تخفيض هذا المبلغ إلى 390 مليار.
كما أُقرت تخفيضات كبيرة في مساهمات الدول المقتصدة التي تَعتبر أن حصتها الصافية في ميزانية الاتحاد الأوروبي غير متناسبة.
وأعلن شارل ميشال "لأول مرة في التاريخ الأوروبي، يتم ربط الميزانية بالأهداف المتعلقة بالمناخ، لأول مرة يصبح احترام دولة القانون شرطا لمنح الأموال".
وتم ربط تقديم المساعدات باحترام دولة القانون بموجب اقتراح قدمته المفوضية الأوروبية، ينص على "اتخاذ تدابير بالغالبية المحددة في حال حصول انتهاكات"، على ما أوضحت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين.
وكان هذا الشرط يصطدم بمعارضة قوية من جانب بولندا والمجر، الدولتان اللتان تواجهان آلية باشرتها المفوضية الأوروبية بحقهما لاتهامهما بتقويض المعايير القضائية الأوروبية والقيم الديموقراطية للتكتّل.
وطالب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي لوح باستخدام حق النقض في القمة، بوضع حد لهذه الآلية المعروفة بـ"المادة 7" بحق بلاده والتي يمكن نظريا أن تفضي إلى عقوبات.
aXA6IDMuMTQyLjEzMy4yMTAg جزيرة ام اند امز