صيف أوروبي ساخن "يحرق" شبكة الإخوان الإرهابية
شبكة الإخوان في ألمانيا وفرنسا والنمسا وبريطانيا تلقت ضربات موجعة وضعتها تحت ضغط كبير وأضعفت قدرتها على التحرك.
16 شهرا كارثيا على الإخوان الإرهابية في أوروبا، تلقت فيها شبكة الجماعة في ألمانيا وفرنسا والنمسا وبريطانيا، ضربات موجعة، وضعتها تحت ضغط كبير وأضعفت قدرتها على التحرك، وفرضت طوق الحصار على منظماتها.
فبين مناقشة برلمان ألمانيا مشروع قانون لفرض رقابة قوية على الإخوان، وتحذير مجلس الشيوخ الفرنسي من أنشطة الجماعة، إلى مطالبة أعضاء بمجلس العموم "البرلمان" البريطاني بحظرها باتت الإخوان في أزمة غير مسبوقة في القارة الأوروبية.
وما يفاقم تداعيات هذه الضربات على الجماعة الإرهابية، أن هذه الدول هي مهد الإخوان في القارة الأوروبية.
وكانت دراسة "الإخوان المسلمون في النمسا" التي أعدها لورينزو فيدينو، مدير مركز التطرف في جامعة جورج واشنطن الأمريكية بمشاركة جامعة فيينا وهيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" النمساوية في 2017، ذكرت أن الجماعة أظهرت لأول مرة في الدول الغربية في أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي، على يد مجموعة من الطلبة وبعض القيادات المتشددة أبرزها يوسف ندا وسعيد رمضان في النمسا وألمانيا.
كما بدأ الوجود الإخواني في بريطانيا وفرنسا في نفس وقت امتداده للنمسا وألمانيا، وفق الدراسة ذاتها.
وبعد 60 عاما من هذا التاريخ، فقدت الجماعة جزءا كبيرا من حرية حركتها في أوروبا، بسبب تزايد الوعي بخطر الإخوان على الأمن والمجتمع والديمقراطية، حسب الدراسة.
فرنسا.. ضغط كبير
في وقت سابق هذا الشهر، تقدمت لجنة "مكافحة التطرف" بمجلس الشيوخ الفرنسي، بـ44 مقترحاً لمكافحة خطر المد الإخواني بينها "الحظر"، ضمن تقرير تضمن مخاوف من تطرف الإسلام السياسي.
وتتضمن الاقتراحات الحد من تطرف الإسلام السياسي ووسائل مكافحته في فرنسا وانعكاساته على المجتمع.
وطالبت اللجنة بفرض حظر على تنظيم الإخوان على الأراضي الفرنسية، وحثت أعضاء مجلس الشيوخ بإلزام الجمعيات ذات الطبيعة الدينية بالشفافية في مواردها، ولا سيما تلك القادمة من الخارج.
يأتي ذلك بعد تحذيرات وزير الداخلية الفرنسي الجديد، جيرالد دارمانين، الذي اعتبر الإسلام السياسي العدو القاتل للبلاد، متخذاً رئيس مكافحة الإرهاب ذراعاً يمنى له لمواجهة هذا التهديد.
وفي نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، تم تأسيس لجنة مكافحة تطرف الإسلام السياسي بمبادرة من حزب الجمهوريين بمجلس الشيوخ، وتتكون من حوالي ثلاثين عضوًا.
ونهاية 2019، كشفت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية أن هناك تحركات برلمانية لدعوة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إدراج تنظيم الإخوان في قائمة الإرهاب وحل المنظمات المرتبطة بها في البلاد.
ألمانيا.. تحركات جادة وخطر متزايد
في 13 فبراير/شباط الماضي، ناقش البرلمان الألماني، مشروع قرار ينص على فرض رقابة قوية ضد الإخوان الإرهابية في البلاد، قبل أن يحيله إلى لجنة الأمن الداخلي لمناقشته، في خطوة أولى نحو إقراره، لكنه تعطل بسبب فيروس كورونا المستجد.
وبصفة عامة، يعتبر هذا المشروع أول تحرك جاد في البرلمان الألماني لمواجهة خطر الإخوان الإرهابية، ويحتاج موافقة (50%+1) من أصل 709 نواب في البرلمان لتمريره.
ووفق مشروع القرار الذي قدمه حزب البديل لأجل ألمانيا، حزب المعارضة الرئيسي، في 11 فبراير/شباط الجاري، وحصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه فإن "جماعة الإخوان هي العقل المدبر الذي يقف وراء شبكة الإسلام الراديكالي المنتشرة في ألمانيا".
وأضاف المشروع: "أنشأت الإخوان شبكة قوية من الجمعيات والشركات والمؤسسات التعليمية"، مضيفا "إنكار المنظمات الفرعية في ألمانيا تبعيتها للإخوان علنا، يجعل هذه المنظمات أكثر خطورة، لأن العمل السري وإخفاء الروابط مع الجماعة الأم، أحد أهم خصائص الإخوان منذ تأسيسها".
يأتي هذا في وقت حذرت فيه هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في ألمانيا، من تزايد عدد عناصر الإخوان الإرهابية في البلاد، محذرة من "خلايا سرية" للجماعة تعمل على تقويض الديمقراطية.
كما قالت الهيئة إن عدد عناصر الإخوان في ألمانيا ارتفع خلال العام الجاري من 1040 إلى 1350، ما يعكس تزايد خطر الجماعة في البلاد.
بريطانيا.. مطالبات برلمانية بـ"الحظر"
تعتبر بريطانيا مركز رئيسي للإخوان في أوروبا، حيث أسست الجماعة وجودها في الأراضي البريطانية في ستينيات القرن الماضي، ما يثير جدل سياسي كبير في البلاد
ووفق مراجعة الحكومة لملف الإخوان التي أجريت بين عامي 2014 و2015 بتكليف من رئيس الوزراء الأسبق، ديفيد كاميرون، فإن المنظمات المحسوبة على الإخوان في بريطانيا تنكر في العلن ارتباطها بالجماعة، وتبقي هذه الروابط سرا حتى اليوم.
وحدد التقرير منظمات بعينها مرتبطة بالإخوان، وهي منظمة المجتمع الإسلامي الجديد، ورابطة المسلمين في بريطانيا، والمجلس الإسلامي. والأخير ينشط سياسيا بشكل كبير، ويدعم مرشحين للمناصب المختلفة في الانتخابات على المستوى الوطني والمحلي.
وفي فبراير/شباط الماضي، طالب أعضاء مجلس العموم البريطاني، بحظر "الإخوان" الإرهابية، لما تشكله من خطر واضح على أمن المملكة المتحدة.
ودعا النائب في الحزب الوحدوي الديمقراطي الإيرلندي، إيان بيزلي، خلال جلسة في البرلمان إلى ضرورة التعامل مع الخطر الذي يشكله تنظيم الإخوان، وقال في هذا الإطار "يجب على الحكومة المضي قدما في حملة حظر الإخوان، الذين ينشرون الكراهية ويهاجمون المسيحيين داخل وخارج البلاد".
النمسا.. توثيق للجرائم وحظر رموز
في فبراير/شباط 2019، أصدرت وزارة الداخلية النمساوية قانونا تنفيذيا يحظر 13 علما ورمزا مختلفا لتنظيمات إرهابية، حيث ظهر شعار جماعة الإخوان باللون الأخضر "سيفان يتوسطهما كلمة واعدوا"، كأول رمز في قائمة الحظر.
وخلال أًول عام من تنفيذ القانون، نجحت السلطات في رصد 71 مخالفة في عموم البلاد، حسب ما ذكره كريستوف بلوتسل، المتحدث باسم وزارة الداخلية النمساوية في تصريحات لـ"العين الإخبارية".
وقبل أيام، أعلنت الحكومة النمساوية تأسيس مركز توثيق الإسلام السياسي، على غرار مركز توثيق اليمين المتطرف، وخصصت ميزانية مبدئية نصف مليون يورو للمركز الذي يتولى مراقبة الإخوان والتنظيمات التركية وغيرها في البلاد، بما يشمل المساجد ومواقع التواصل الاجتماعي.
ويتمثل دور مركز توثيق الإسلام المتطرف، في تحليل اتجاهات الإسلام المتطرف وخاصة الإخوان، وتوثيق جرائمها.
وقبل أشهر، طالب مركز "مينا واتش"، أهم مركز بحثي نمساوي "خاص" متخصص في شؤون الشرق الأوسط، بحظر الإخوان بشكل كامل في النمسا، وأوروبا بشكل عام.
وبصفة عامة، تملك الإخوان وجودا كبيرا في النمسا، وخاصة في فيينا وغراتس، ويتمثل ذراعها الأساسي في الجمعية الثقافية أو Liga Kultur، ومجموعة من المساجد والمراكز الثقافية مثل النور في غراتس، والهداية في فيينا.
إخوان أوروبا.. إلى أين؟
الكاتب والباحث المتخصص في شؤون الإخوان هايكو هاينش، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن الإخوان تتعرض لضغط كبير في الوقت الحالي من الدول الأوروبية الكبرى.
وتابع: "هناك إدراك متزايد في أوروبا للخطر الذي تمثله الجماعة، وضرورة مواجهتها، والاجراءات الأخيرة قيدت قدرة الجماعة إلى المناورة والتحرك، ووضعتها تحت ضغط كبير".
وأضاف: "أتوقع إجراءات أخرى في العديد من الدول الأوروبية ضد أنشطة ومنظمات الإخوان خلال الفترة المقبلة".
وفي نفس الإطار، قال غونتر ماير، مدير مركز دراسات العالم العربي في جامعة ماينز الألمانية، لـ"العين الإخبارية" إن الاجراءات التي اتخذتها الدول الأوروبية ضد الإخوان حتى الآن "غير كافية".
ولفت إلى أن "أوروبا مطالبة باتخاذ المزيد من الاجراءات القوية ضد نفوذ وأنشطة وقيادات ومنظمات الإخوان في أوروبا لحصار خطرها".
aXA6IDMuMTQ1LjEwNS4xNDkg جزيرة ام اند امز