الغرب ودعم أوكرانيا.. أوروبا تبحث عن بدائل في ثغرة أمريكا
تراجع الدعم الأمريكي المحتمل لأوكرانيا يفاقم مخاوف أوروبا ويدفعها للبحث عن بدائل في استراتيجيات لا تستثني توسيع تكتل القارة.
مخاوف تفرض خطوات اختزلها اجتماع عقده قادة أوروبا في مدينة غرناطة الإسبانية، هناك حيث جرت نقاشات ومباحثات حول استرتيجيات سد التراجع الأمريكي المحتمل عن دعم حرب لا تزال مستعرة شرق القارة.
- حرب أوكرانيا.. زيلينسكي يسابق الشتاء وبايدن يَعِدُ بـ"خطاب مهم"
- الجمهوريون والميزانية.. كيف يؤثر تعليق المساعدات الأمريكية على أوكرانيا؟
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن سياسة توسيع التكتل تحظى بإجماع واسع النطاق بين أعضاء الاتحاد الأوروبي الذي يرى قادته أن ضم المزيد من الدول هو أمر ضروري لمواجهة روسيا وحلفائها وفيما تعتبره كييف وغيرها من العواصم التي تسعى للانضمام للاتحاد خبرا جيدا.
توسيع الاتحاد
خلال اجتماع غرناطة، يدرس الزعماء الأوروبيون كيفية التقريب بين المزيد من الدول، وتوسيع الاتحاد من 27 إلى أكثر من 30 عضوا، فيما تضم الدول المرشحة للانضمام أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا، فضلا عن العديد من البلدان في غرب البلقان.
وعادة ما يستغرق الانضمام للاتحاد الأوروبي سنوات طويلة لدراسة وتقييم النظام السياسي والقانوني للدولة، وتجري مجموعة كبيرة من الدول مثل صربيا، والجبل الأسود، ومقدونيا الشمالية، وألبانيا، والبوسنة محادثات العضوية منذ سنوات.
وتظل تركيا، التي تقدمت بطلب الانضمام في عام 1987، مرشحة من الناحية الفنية، على الرغم من أن فرصها تبدو ضئيلة.
وخلال العام الماضي، عملت أوكرانيا بشكل وثيق مع الاتحاد الأوروبي لإجراء إصلاحات لتتماشى مع متطلبات الانضمام.
وفي ديسمبر/ كانون الأول المقبل، سيتخذ الاتحاد قراره بشأن فتح محادثات عضوية مع كييف، وإذا انضمت أوكرانيا، فستصبح خامس أكبر دولة في الاتحاد من حيث عدد السكان وأفقر دولة في نصيب الفرد بفارق كبير، مما يسحب إعانات الدعم بعيدا عن الأعضاء الآخرين.
معضلة الإدارة
ويطرح احتمال ضم أوكرانيا وغيرها من الدول العديد من التساؤلات حول كيفية إدارة التكتل وفي وقت سابق كتب شارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، في رسالة للزعماء الأوروبيين، يقول إنه "من الضروري أن نفكر في الديناميكيات المستقبلية لاتحادنا وسياساتنا وصنع القرار لدينا، من بين أمور أخرى، لضمان نجاح الاتحاد الأوروبي المستمر".
لكن وفي أحسن الأحوال، فإن توسيع الاتحاد الأوروبي وضم أوكرانيا وغيرها من الدول سيكون عملية معقدة ومكلفة ومحفوفة بالمخاطر السياسية كما أن محاولة تسريع هذه الخطوة وسط الحرب الأوكرانية يضاعف الصعوبات.
ومن بين التحديات المباشرة التي يواجهها الاتحاد فوز حزب شعبوي موال لروسيا في انتخابات سلوفاكيا، فضلا عن الخلافات بين أوكرانيا وبولندا بشأن تجارة الحروب.
كما أن التقدم البطيء الذي تحرزه كييف في هجومها المضاد على روسيا يثير المخاوف الأوروبية من تجميد الصراع الذي تسبب في حالة من الضجر بين الشعوب الأوروبية.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد طغت قضايا أوروبية أخرى بشكل جزئي على الاهتمام بأوكرانيا مثل الصراع بين أذربيجان وأرمينيا والتوترات بين صربيا وكوسوفا وأزمة الهجرة.
وفي محاولة لطمأنة الحلفاء، أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن، عشية اجتماع غرناطة، اتصالات هاتفية أكد فيها استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا وذلك رغم إقرار الكونغرس الأمريكي مشروع قانون تمويل حكومي قصير الأجل لم يتضمن أي تمويل لكييف.
وفي غرناطة، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن ثقتها الكبيرة في الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وقالت إن ما تعمل عليه الولايات المتحدة هو "التوقيت".
كما أعرب أيضا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن ثقته في واشنطن وقال: "هؤلاء أناس أقوياء، ومجتمع قوي، ومؤسسات قوية، وطاقة قوية للديمقراطية".
وشجع زيلينسكي القادة الأوروبيين على المضي قدما، واحتضان "إمكانات القوة المستقلة" في أوروبا، "للدفاع عن قيمنا ومساحة الحرية المشتركة لدينا مع الولايات المتحدة".
وفي الأسابيع الأخيرة، فضل المسؤولون والدبلوماسيون الأوروبيون تجاهل الأسئلة حول الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وأكدوا أن القادة الجمهوريين سيقبلون، في الوقت المناسب، أن انتصار أوكرانيا هو جوهر المصالح الأمريكية.
لكن مع حالة الفوضى التي تعيشها السياسة الأمريكية بعد الإطاحة برئيس مجلس النواب كيفين مكارثي، فسيكون من الصعب على أوروبا أن تتجاهل احتمال حدوث تحول في موقف واشنطن وما قد يترتب على ذلك في ساحة المعركة الأوكرانية وخارجها.