مصطلح الدومينو، بات مصطلحا سياسيا يلخص تحركات ومخططات نشبت على إثرها حروب، وقامت على نتائجها ثورات، ومات في سبيلها ملايين البشر
مصطلح الدومينو، بات مصطلحا سياسيا يلخص تحركات ومخططات نشبت على إثرها حروب، وقامت على نتائجها ثورات، ومات في سبيلها ملايين البشر
بات العديد من الألعاب الذهنية كالدومينو والبنغ بونغ والشطرنج وغيرها، ألعابا يستفيد منها السياسيون لتحقيق أغراضهم الجيوسياسية. فتحولت مسمياتها إلى نظريات سياسية حديثة، لا يتوقف المحللون السياسيون عن استخدامها في التنظير للكثير من الصراعات الحربية، والجدالات السياسية القائمة بين الحضارات، والبلدان المتناحرة. وخصوصاً مصطلح الدومينو، إذ بات مصطلحاً سياسياً يلخص تحركات ومخططات سياسية نشبت على إثرها حروب، وقامت على نتائجها ثورات، ومات في سبيلها ملايين البشر.
لقد ظهرت نظرية الدومينو لأول مرة في الخمسينات عندما طرحها الرئيس الأميركي آيزنهاور في خطابه المشهور عام 1954 أثناء الحرب الباردة. وهي مستوحاة من وقوع قطع الدومينو المصفوفة الواحدة بعد الأخرى فإذا أُسقطت إحدى هذه القطع ستحدث تفاعلات تؤدي إلى سقوط باقي القطع. أي أن سقوط نظام سياسي معين في منطقة ما من العالم يمكن أن يؤدي إلى حدوث تحولات سياسية عميقة في بقية دول المنطقة، وربما بالتالي إلى تغير خارطة المنطقة برمتها.
كانت هذه النظرية رهينة الأرشيف منذ عقد من الزمن ومع ذلك ظهرت بوادر صحتها جليةً في السنوات الأخيرة رغم عدم الجزم المسبق بها. فأحداث الربيع العربي أحيت النظرية من جديد حيث سقطت الدول العربية في فخ الثورة الواحدة تلو الأخرى بتأثير دوميني واضح، فرغم كل الانتقادات التي وجهت إلى هذه النظرية إلا أن تأثيرها قد ظهر وأصبح واضحاً وضوح الشمس.
إن المصيبة الكبرى التي لا يدركها بعض الزعماء في العالم أنهم ينظرون فقط إلى موطئ أقدامهم غير عابئين بالمستقبل وتداعياته الرهيبة، وغير مدركين لنظرية تأثير الدومينو المعروفة. هل تنبأ صناع لعبة الدومينو بما جرى وما سيجري على أرض الواقع؟! فبالرغم من مرور مدة ليست بالقصيرة على الكوارث العربية، ابتداء بإطاحة القطعة الأولى (دولة العراق) والتي أعقبهتا قطع أخرى كثيرة وعشرات الملايين من القتلى وأضعافهم من الجرحى في مختلف الدول العربية (ضحايا الديموقراطية)، وانتهاء بتسوية الأراضي السورية من المباني ومن البشر، فإن الدرس لم يستوعب بعد وأصبح من السهل على صناع القرار التساهل بإطاحة أحجار الدومينو غير مدركين لما ستؤدي إليه هذه الإطاحة.
لن تكون حلب نهاية الصراع، ومن يعتقد غير ذلك فهو يفهم في تاريخ الصراعات كما تفهم مادونا في النظرية النسبية، فالأمور تزداد تعقيدا.
فلا أحد يستطيع الآن أن يتنبأ على وجه الدقة بالسيناريو الرهيب القادم الذي سيغير هذا العالم ليصبح عالما آخر تماما كالذي حدث في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
لقد فشل بعض السياسيين في كل شيء وفرخت أنظمتهم بسبب دكتاتوريتها وقمعها للحريات وفسادها المالي وطغيان حكامها، فرخت الإرهاب والفكر التكفيري الظلامي القروسطي. فلم يعد العالم يحتمل وجود أنظمة عسكرية قمعية على رأس السلطة مثل الأسد ومن هم على شاكلته.
فماذا نفعل نحن العرب هل نفر من هذا التسلسل أم نحاول أن نقطع خط دماره، أم نفعل الأفضل وهو المنع من المنبع.. للأسف الشديد لا توجد لدينا أوراق الضغط أو ربما توجد ولا نهتم باستخدامها..
والآن ليس لدينا سوى خيار واحد هو أن نحمي بقية الأحجار من توالي سقوطها؟ بدلاً من الوقوف متفرجين على هذا السقوط المأساوي وننتظر حتى تسقط آخر قطعة دومينو!
*نقلاً عن " الوطن أون لاين "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة