وجهة نظر كيري باختصار تشير إلى حل الدولتين استناداً إلى القرار 181 الذي ينص على إقامة دولتين يهودية وعربية..
بدأ رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو حملة دبلوماسية استباقاً لما قد يحدث في مؤتمر باريس المقرر في الخامس عشر من الشهر الجاري بحضور وفود من سبعين دولة يمثل أغلبها وزراء خارجية من بينهم وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف. ويخشى نتنياهو أن يتم في المؤتمر تبني النقاط التي طرحها كيري في خطابه الأخير حول سياسة بلاده تجاه الصراع العربي «الإسرائيلي» وحل الدولتين، ما يعني أن دولاً أخرى ستتقدم بسرعة إلى مجلس الأمن لإقرار مشروع كيري أي قبل العشرين من الشهر الجاري، وهذا يشكل دفعة قوية للقرار الأخير 2334 الذي اتخذه مجلس الأمن بامتناع الولايات المتحدة عن التصويت والذي اعتبر الاستيطان غير شرعي جملة وتفصيلا. وكان كيري أعلن في خطابه لاحقاً أن بلاده عملياً تؤيد القرار. وفي هذا السياق اتصل نتنياهو بالرئيس الروسي بوتين طالباً منه استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن في حالة تبني مؤتمر باريس لطروحات كيري وعرضها على المجلس.
ويبدو أن نتنياهو اشتكى من هجران إدارة أوباما له وهو بالتالي يبحث عن فيتو روسي لإجهاض أي قرار جديد قبل تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض. ويراهن نتنياهو على أن هذه التفاهمات التي أبرمها مع روسيا بشأن سوريا ستجعل بوتين يغير موقف بلاده الداعم دوماً للفلسطينيين، خاصة وأن الرئيس الجديد ترامب يبدي استعداداً لتعاون مشترك مع الرئيس بوتين في قضايا كثيرة. وحتى الآن لا يعرف موقف روسيا التي حاولت عقد لقاء بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس «لكن نتنياهو ماطل في الموافقة»، وبدلاً من ذلك سعت موسكو إلى استضافة حوار قريب على أراضيها بين حركتي فتح وحماس للمصالحة في منتصف الشهر الجاري وكأنها تريد أن تبقى لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط وليس في سوريا وحدها.
ووجهة نظر كيري باختصار تشير إلى حل الدولتين استناداً إلى القرار 181 الذي ينص على إقامة دولتين يهودية وعربية وإلى بقاء القدس عاصمة للدولتين وتبادل أراضٍ بالتراضي بين الطرفين.
«الإسرائيليون» بعد الصدمة من القرار الدولي 2334 وخطاب كيري يحاولون الإمساك بزمام المبادرة لتفادي الأسوأ، فبدأ محللوها وسياسيوها في طرح وجهات نظرهم حول ضرورة إيجاد حل للقضية الفلسطينية لكنه يبقى حلاً تصفوياً للقضية، فهناك من طرح إمكانية تحسين الاحتلال وضم المنطقة «سي» الواسعة وهي أرض أميرية أي ملك للدولة ومنح سكانها البالغ عددهم قرابة تسعين ألفاً الهوية «الإسرائيلية» وكافة الحقوق الأخرى ودعم السلطة مادياً لتبقى كما هي بلا وظيفة سياسية. أما نفتالي بينيت رئيس «حزب البيت اليهودي» فاقترح ضم المنطقة المصنفة «سي» وتبلغ مساحتها 60 في المئة من مساحة الضفة ومنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً تحت سلطة «إسرائيل» لأن الدولة الفلسطينية في نظره قائمة في غزة ولا ضرورة لدولة ثانية. والغريب أن كلام بينيت جاء عشية مقابلة تلفزيونية مع القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق قارن فيها بعجالة بين الانقسام الفلسطيني والفيدرالية وطرحها بين غزة والضفة كبديل لإنهاء الانقسام. لكن رغم نفي أبو مرزوق يبدو أن هذه الفكرة تدور في أذهان بعض قادة «الإخوان المسلمين» و«حماس» لأنهم يريدون الإبقاء على سيطرتهم الفعلية على غزة بطريقة أو بأخرى. فالتيار الإخواني لا يريد فقدان السيطرة على غزة تحت مسمى المصالحة أو أي حل آخر وإنما يسعى للإبقاء على موطئ قدم له في غزة.
الجانب الفلسطيني يراقب عن كثب تحركات نتنياهو وسيتحرك الرئيس الفلسطيني إلى باريس قبل انعقاد المؤتمر للقاء الرئيس الفرنسي هولاند لتنسيق المواقف، خاصة وأن أغلب الدول الأوروبية تؤيد الموقف الفلسطيني مثل إيطاليا وألمانيا وإسبانيا والسويد وغيرها وهو مصمم على أن يخرج المؤتمر بقرار يكون أمام الرئيس الأمريكي ترامب بعد تسلمه منصبه، ويحرص الفلسطينيون حالياً على عدم التعليق على تغريدات وتصريحات ترامب فهم منفتحون على حوار معه وواثقون أنه لن يقدم على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لذلك ينتظرون بداية حكمه ليحكموا على تصرفاته. ولكن السؤال هل تتنكر روسيا لتاريخ طويل من التأييد للفلسطينيين وتستخدم «الفيتو» لصالح «إسرائيل».
نقلاً عن صحيفة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة