تغير المناخ.. كيف تساعد السلوكيات الفردية في سد "فجوة الانبعاثات"؟ (حوار)
قد يبدو سلوكك اليومي من تشغيل أو إيقاف تشغيل الأجهزة، إلى التنقل، إلى دفع فواتير الخدمات، بعيدا عن التسبب في التغيرات المناخية.
لكن توم بتاك، الأستاذ المساعد في الجغرافيا والدراسات البيئية في جامعة ولاية تكساس الأمريكية، استكشف في أبحاثه، كيف يمكن أن يكون لهذه السلوكيات تأثير كبير على تغير المناخ بعدة طرق.
وفي مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"، تحدث بتاك عن هذا البعد الشخصي في قضية المناخ، وكيف يمكن لسلوكيات المواطنين أن تجبر المرافق على زيادة الطاقة المتجددة، والحكومات لسن قوانين قوية للعمل المناخي، وكيف يساعد قيام عدد كافٍ من الأفراد بإجراء تغييرات تقلل من استهلاك الطاقة المنزلي اليومي، في حدوث تخفيضات هائلة في الانبعاثات.
وخلص بتاك إلى أنه يمكن لهذه الإجراءات مجتمعة سد "فجوة الانبعاثات"، وهي الفرق الكبير بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتوقعة عالميا، ومقدار ما يجب خفضه منها في العقود القليلة المقبلة لتجنب تغير المناخ الكارثي.. وإلى نص الحوار..
ما الذي دفعك إلى التركيز على الإيجابيات التي يمكن أن يحققها السلوك الفردي؟
تغير المناخ يتفوق على الإجراءات الحكومية، لذلك فإننا نعول كثيرا على السلوكيات الفردية، وإحساس الناس بخطورة المشكلة.
وما الذي يمكن أن يفعله الناس؟
على سبيل المثال، وجد الباحثون الذين يدرسون الديناميكيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي قادت خمس بلديات أمريكية إلى تبني الطاقة المتجددة بنسبة 100% ، أن مناصرة المواطنين، كانت أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى التغيير، فمن خلال العمل الذي يحركه المواطنون، تعهدت أكثر من 180 مدينة وأكثر من 10 مقاطعات وثماني ولايات أمريكية بالانتقال إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100%، وبالتالي، يعيش أكثر من 100 مليون مقيم في الولايات المتحدة بالفعل في مجتمع هدفه 100% من الطاقة المتجددة.
وما هي الآليات التي استخدمها المواطنون؟
إحدى الآليات المهمة هي صناديق الاقتراع، فعلى سبيل المثال، انتخب ناخبو مدينة نيويورك في عام 2019 ، مجلس مدينة أكثر وعيا بالمناخ، وسنت المدينة قانونا طموحا لخفض الانبعاثات، وبدأت منذ ذلك الحين في تطبيقه، أيضا في عام 2019، كانت اختيارات الناخبين للمجلس التشريعي للولاية صديقة للبيئة، حيث سنت ولاية نيويورك قانون قيادة المناخ وحماية المجتمع، ومن بين أقوى قوانين تغير المناخ في البلاد، يقضي قانون نيويورك بالتحول إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2040، وأن تنخفض الانبعاثات من جميع المصادر بنسبة 40% بحلول عام 2040 ، و85% بحلول عام 2050.
هذا ما فعله المواطنون على مستوى الحكومات، فكيف يمكن أن يجبروا الشركات على سلوك صديق للبيئة؟
تعمل الشركات والمرافق على تغيير منتجاتها وممارسات الإنتاج الخاصة بها، عندما يطالب المستهلكون بشكل متزايد بإنتاج منتجات مستدامة بيئيا وخفض بصماتهم الكربونية، وأفاد مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية أنه بفضل زيادة وعي المستهلك والطلب، تعهدت أكثر من 565 شركة علانية بخفض انبعاثات الكربون، واستجابت بعض أكبر العلامات التجارية في العالم لهذا الضغط بادعاءات بأنها تعمل بالفعل بالطاقة المتجددة بنسبة 100%، بما في ذلك "جوجل " و"آبل"، ووضعت "جوجل" قوتها الاقتصادية العالمية وراء حلول المناخ، عندما أعلنت في عام 2019 أنها ستدعم نمو موارد الطاقة المتجددة من خلال عقد صفقات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقيمة 2 مليار دولار أمريكي.
من المؤكد أن نجاح الأفراد في إحداث تغييرات على مستوى سلوك الحكومة والشركات، يسبقه سلوك صديق للبيئة يميز ممارستهم؟
بالضبط، وهذه التغييرات الصغيرة في السلوكيات اليومية، يمكن أن تقلل بشكل كبير من الطلب على الطاقة، وقد تكون هذه هي الطريقة الأكبر التي يمكن للأفراد والعائلات من خلالها المساهمة في تقليل استهلاك الوقود الأحفوري وتقليل انبعاثات الكربون.
وتشمل هذه التغييرات استخدام الأجهزة الموفرة للطاقة، بالإضافة إلى تدابير كفاءة الطاقة مثل خفض منظمات الحرارة وغسل الملابس بالماء البارد وتجفيفها بالهواء بدلا من استخدام المجفف، وكذلك يمكن أن يكون تغيير سلوك النقل مفيدا، حيث يمكن أن يؤدي استخدام وسائل النقل العام أو تجميع السيارات أو ركوب الدراجة أو المشي إلى تقليل الانبعاثات الفردية والتراكمية بشكل كبير.
ويجب أن تشمل هذه الاستراتيجيات ملايين الأشخاص العاديين الذين يأخذون تغير المناخ في الاعتبار في أنشطتهم اليومية فيما يتعلق بمجتمعاتهم ومشترياتهم واستخدامهم الشخصي للطاقة.
aXA6IDMuMTUuMTQxLjE1NSA= جزيرة ام اند امز