سعر الدولار في بنوك السودان يصدم "الموازية".. هل تختفي السوق السوداء؟
تعيش السوق السوداء للنقد الأجنبي في السودان، حالة من الارتباك منذ أن قرر البنك المركزي تحرير سعر صرف الجنيه عبر سياسة "التعويم المدار".
وأجبرت هذه التدابير السوق السوداء على مجاراة سعر الدولار الرسمي الذي يحدده البنك المركزي، مما جعل السعرين الرسمي والموازي للعملات الأجنبية يتقاربان بشكل كبير.
ويطرح التفاعل الشعبي الواسع مع الإصلاحات الاقتصادية والتصالح مع الجهاز المصرفي بعد سنوات من الجفاء، تساؤلات بشأن مستقبل السوق السوداء للعملات الأجنبية التي تقاوم بصعوبة لكسب معركة البقاء، وفق متعاملين.
- تعويم الجنيه السوداني.. هل يمهد الطريق لخفض ديون الخرطوم؟
- السودان يكشف سر قرار تعويم الجنيه
- فوائد "التعويم".. السودان يطلق برنامج "ثمرات" للمساعدات
ورغم صعوبة التنبؤ بهذه المسألة فإن ثمة من يجزم بنهاية وشيكة للسوق الموازي للنقد الأجنبي شريطة أن تعزز الدولة هذه التدابير، بتوسعة وتطوير الجهاز المصرفي حتى يستوعب الكم الهائل من العملاء الذين استجابوا للقرار بهدف إنقاذ اقتصاد بلادهم.
تفكيك السوق السوداء
وفي مقابل ذلك، يرى البعض أن تفكيك السوق السوداء يتوقف على مدى قدرة الدولة على مقابلة الطلب المتزايد من النقد الأجنبي والذي يتطلب بدوره بناء قدر معقول مع الإحتياطي النقدي من العملات الحرة حتى لاتحدث إنتكاسة وتعود المضاربات من جديد.
ويقول متعامل في السوق الموازية للدولار لـ"العين الإخبارية" "نواجه حالة من الإحباط جراء توقف مصالحنا، لقد توقفت الطلبيات الكبرى للبيع والشراء مثلما كان يحدث في السوق السوداء".
وأضاف المتعامل مفضلاً عدم ذكر اسمه، "توقفنا عن شراء العملات الأجنبية بمبالغ كبيرة ولن نقدم على أي خطوة كهذه إلا بعد أن نضمن مشترٍ حتى لا نتعرض للخسارة".
وتابع "في كثير من الأوقات فاق السعر الرسمي للعملات الأجنبية، السعر في السوق السوداء مثلما حدث اليوم الاربعاء، حيث حدد البنك المركزي 378 جنيهاً للدولار بينما طرح الموازي نحو 377 وليس هناك أي حماس للشراء والبيع".
وطبق السودان تعويما جزئيا لعملته الوطنية "الجنيه" نهاية فبراير/شباط الماضي، إنفاذاً لبرنامج الإصلاح الإقتصادي في البلاد والذي يشرف عليه صندوق النقد الدولي.
وأقدمت الحكومة السودانية على هذه التدابير بعد تراجع غير مسبوق في قيمة العملة الوطنية، إذ تجاوز الدولار 400 جنيها خلال الفترة الماضية، لكن منذ يومها حدث إستقراراً ملموساً في سعر الصرف.
مؤشرات إيجابية
ويقول الخبير الاقتصادي أحمد خليل إن ما تعيشه السوق السوداء حالياً يؤكد نجاح قرار توحيد سعر الصرف الذي إتخذه البنك المركزي مؤخراً.
وتوقع خليل في حديثه لـ"العين الإخبارية" مزيدا من الضربات ستسدد إلى السوق السوداء خلال الفترة القادمة ويجب على الدولة استغلال هذا المناخ بإجراءات إضافية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود.
وأشار الى أن الثورة الشعبية وحدت السودانيين تجاه وطنهم وقضاياه المصيرية، وقد تجلت ذلك في تفاعلهم مع القرارات الاقتصادية الأخيرة ولجؤهم الى الجهاز المصرفي بدلا عن السوق السوداء.
من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإقتصادية الدكتور سعيد أحمد سليمان إن تقارب سعر الصرف يعطي مؤشرات إيجابية وهذا سيكون له فوائد كثيرة أقلها تشجيع التجارة والإستثمار.
وأضاف سليمان خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" أنه كان مأمولاً من السياسات الإقتصادية الأخيرة أن تحدث إستقرارا في ميزان المدفوعات والذي يلعب دورا مهما في ةتحسين سعر صرف العملة الوطنية، ومن الواضح أننا نمضي بثبات في هذا المنحى.
وشدد على ضرورة أن تكون الحكومة السودانية أكثر شجاعة وتعلن التعويم الكلي للجنيه بفك كافة القيود وادارة سعر الصرف من البنك المركزي، خاصة بعد البيان الايجابي لصندوق النقد الدولي حول الاجراءات الاقتصادية التي أتخذتها الخرطوم.
نصائح مهمة
بدوره، شدد الخبير الاقتصادي عادل عبدالمنعم أن تعويم الجنيه خطوة كان ضرورية أتت ضمن روشتة الإصلاح التي يشرف على صندوق النقد الدولي التي شرعت الحكومة السودانية في تنفيذها قبل أشهر، بتحرير الوقود وغيرها من الإجراءات.
وقال منعم في حديثه "للعين الإخبارية" تقارب سعري الصرف خلال فترة وجيزة من قرار التعويم الجزئي أمر طيب للغاية ويبشر بنهاية السوق السوداء للعملات الأجنبية في السودان.
ونصح بضرورة وقف الاستيراد لمدة 6 أشهر على الأقل ومراقبة الأسواق والمصارف وتعديل إجراءات الصادر، وحتى تأتي هذه السياسات أكلها.
كما شدد على ضرورة الوفاء بالتدفقات النقدية المباشرة للشرائح الضعيفة لتخفيف وطأة هذه التدابير، والمضاربات المتوقعة في سوق النقد الأجنبي الموازية والتي ستلقي بظلال سالبة على الأسعار.
aXA6IDE4LjIyNi45My4yMiA=
جزيرة ام اند امز