ترحيب سوداني بـ«إعلان نيروبي».. إقصاء الإخوان نجاح في تشخيص الأزمة
اعتبر خبراء وساسة أن وثيقة "إعلان المبادئ" التي وقّعتها قوى سودانية في نيروبي نجحت في تشخيص الأزمة، بإقصائها الإخوان من مستقبل البلاد.
ولاقت وثيقة "إعلان المبادئ"، التي وقّع عليها طيف واسع من القوى السياسية المدنية والمهنية في السودان، الثلاثاء في نيروبي، ارتياحاً كبيراً لدى قطاعات واسعة من السودانيين.
وتضمنت الوثيقة، بحسب الخبراء، مرتكزات جوهرية تعبّر بالدرجة الأولى عن تطلعات الملايين من شعب السودان في بناء جبهة مدنية عريضة رافضة للحرب، ورافضة كذلك لوجود أي دور للتنظيم الإخواني في مستقبل الدولة السودانية المدنية.
وشهدت العاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، توقيع «تحالف صمود» برئاسة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، على إعلان مبادئ مشترك مع حركة «جيش تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد النور، وحزب «البعث العربي الاشتراكي»، لوقف الحرب في السودان، وضرورة تصنيف حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية (الذراع السياسية للإخوان) وواجهاتهما منظمات إرهابية.
بناء موقف دولي
قال رئيس دائرة الإعلام في حزب الأمة القومي في السودان، المصباح أحمد محمد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "يُعدّ التوقيع على مذكرة تطالب بتصنيف المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية كمنظومة إرهابية خطوةً ضرورية لمحاصرة الجهات المتورطة في إشعال الحرب وتعطيل فرص السلام.
كما توجّه المذكرة رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأهمية الاستجابة العاجلة لمطالب الشعب السوداني الداعية إلى وقف الحرب ومعالجة أسبابها"، مشيراً إلى أن استمرار هذه الجماعات الإخوانية في عرقلة المبادرات السلمية، وعلى رأسها مبادرة الرباعية، يشكّل تهديداً مباشراً لحياة المدنيين ووحدة السودان وسلامة أراضيه، الأمر الذي يستوجب موقفاً دولياً أكثر حزماً، على حد قوله.
وأضاف: "يمثّل توقيع طيفٍ واسع من القوى السياسية والمدنية السودانية اليوم على وثيقة إعلان المبادئ خطوةً مهمة نحو توحيد الجبهة المدنية، وبناء موقف وطني مشترك يستهدف إنهاء الحرب ووقف معاناة المدنيين".
وأوضح أن التوقيع الواسع يعكس توافقاً بين القوى الوطنية الرافضة للحرب والداعمة لخريطة طريق الرباعية، باعتبارها إطاراً يسعى إلى تسوية سياسية شاملة تُفضي إلى السلام المستدام.
وكانت الرباعية الدولية، المتمثلة في السعودية والإمارات ومصر والولايات المتحدة الأمريكية، قد أعلنت عن خريطة طريق لإنهاء الحرب وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية وانتقال سلمي للسلطة إلى قوى مدنية ديمقراطية.
وأكد رئيس دائرة الإعلام في حزب الأمة القومي في السودان أن القوى السياسية والمدنية والنقابية ستواصل تنسيق جهودها وتوحيد مواقفها للضغط من أجل إنهاء الحرب، وإطلاق عملية سياسية بنّاءة تفضي إلى مشروع وطني شامل يؤسس لسودان جديد قائم على المواطنة والعدالة والمساواة والديمقراطية.
إقصاء الإخوان
من جهتها، قالت حركة جيش تحرير السودان – قيادة عبد الواحد محمد نور، في بيان أصدرته عقب توقيعها على وثيقة المبادئ، إن "السودان عانى لعقود طويلة من هيمنة الحركة الإسلامية السودانية وواجهاتها، التي مارست سياسات ممنهجة أضعفت مؤسسات الدولة، وأدت إلى انقلابات متكررة وحروب داخلية وانتهاكات جسيمة ضد المدنيين، مما ساهم في تفكك النسيج الاجتماعي وانهيار البنية الاقتصادية وزعزعة الاستقرار الإقليمي".
وأضاف البيان أن هذه المنظومة تمثل شبكة منظمة تتعارض مع القيم الإنسانية والمعايير القانونية الدولية، إذ تورطت في تقويض التجارب الديمقراطية عبر الانقلابات العسكرية، وإشعال النزاعات المسلحة الداخلية، وتغذية الانقسامات العرقية والجهوية، ودعم جماعات مسلحة في دول الجوار، مما أدى إلى انفجارات أمنية إقليمية وزعزعة الاستقرار، فضلاً عن التورط في عمليات اغتيال سياسي استهدفت قيادات ورؤساء في دول الجوار، وتجفيف الموارد الاقتصادية الوطنية عبر شبكات الفساد والتمويل غير المشروع، إضافة إلى سياسات التمكين التي أضعفت مؤسسات الدولة وأفرغت الخدمة المدنية من الكفاءات.
الوحدة الممكنة
اعتبر المحلل السياسي في السودان، سيبويه يوسف، أن إجماع طيف واسع من القوى السياسية المدنية والمهنية في السودان على ضرورة تصنيف الحركة الإسلامية السودانية وواجهاتها كمنظومة إرهابية، يمثل خطوة مهمة نحو استعادة الزخم الثوري الذي شكّلته "ثورة ديسمبر" في الشارع السوداني، بعد نجاحها في اقتلاع نظام الإخوان في أبريل/نيسان 2019.
وقال سيبويه لـ"العين الإخبارية" إن القوى الموقعة على وثيقة إعلان المبادئ في نيروبي تمثل رأس الرمح في الثورة السودانية، وبالتالي فإن أي دعوة لتصنيف هذه الجماعات الإخوانية كمنظومة إرهابية تأتي معبّرة تعبيراً حقيقياً عن تطلعات السودانيين في الخلاص من هذه الدائرة الإخوانية الشريرة.
وأضاف أن هذا التنظيم الإخواني، الذي أشعل الحرب لقطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي في السودان، يمثل تهديداً حقيقياً للحياة الآمنة، ويعيق حركة النمو الطبيعي للمجتمعات.
وشدد على ضرورة أن "يدرك العالم والمحيط الإقليمي أن الشعب السوداني حين خرج في أبريل/نيسان ضد نظام الرئيس السابق عمر البشير، كانت تلك لحظة تاريخية أقرّ فيها شعب السودان، جهراً وبالصوت العالي، بأن هذا التنظيم الإخواني تنظيماً إرهابياً غير صالح للحكم، ولا ينبغي أن يكون له دور في مستقبل الحكم في السودان".
وأشار إلى أن الطريق نحو بناء جبهة مدنية عريضة في السودان يتطلب توحّد قوى الثورة السودانية بجميع مكوناتها على تشخيصٍ يدرك أن الحرب الحالية هي حرب الإخوان الطامعين في العودة إلى السلطة، معتبراً أن هذا التشخيص هو المدخل الوحيد الذي يمكن أن يستعيد به الشعب السوداني وحدته في مواجهة خطر هذا التنظيم، الذي أحرق البلاد ويسعى إلى تفتيت نسيجها المجتمعي وتقسيمها.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA== جزيرة ام اند امز