أبوظبي تحتضن أكبر معرض لرائد الانطباعية عبد القادر الريس
أكبر معرض للفنان عبد القادر الريس يجمع أعماله التي رسمها على مدى 50 عاماً وتمزج التجريد بالتصوير والحروفية بمنارة السعديات بأبوظبي
تحتضن منارة السعديات بأبوظبي معرضا لرائد الإنطباعية في الفن التشكيلي الاماراتي الفنان عبد القادر الريس، يحتفي المعرض بمسيرة الفنان وتجربته الفنية الثرية التي بدأها منذ أواخر ستينيات القرن الماضي.
يحمل المعرض عنوان: "عبد القادر الريس: 50 عاماً من الفن" ويقدم لمحات من تجربته الإبداعية في عالم الفن التشكيلي مسلطا الضوء على أولى لوحاته التصويرية إلى أحدث سلسلة من الخطوط التجريدية. يقام المعرض في الفترة من 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري وحتى 23 مارس/آذار المقبل. يُعدّ حضور المعرض ضرورةً لكلّ من ينشد اختبار رحلة الفنان الشخصية وتطوّره الفني على مر العقود. ينظم المعرض ميساء القاسمي، كبيرة مديري المشروع، من جوجنهايم أبو ظبي وسارة بن صفوان، المنسقة المساعدة، من جوجنهايم أبو ظبي، بالإضافة إلى دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي.
وُلد عبد القادر الريس في العام 1951 وبدأ مسيرته المهنيّة في أواخر الستينيّات من القرن العشرين حتى أصبح يُعدّ اليوم أحد أشهر الفنانين الإماراتيين وأكثرهم تأثيراً. هذا ولطالما اعتُبر الريّس فناناً رائداً ساعد في صقل مجال الرسم في الإمارات العربية المتحدة، وقد علّم نفسه بنفسه كما اشتهر بتقنيّاتٍ تشمل استخدام الألوان الزيتيّة والأكريليك والألوان المائية.
إنّها المرة الأولى التي يقدّم فيها عبد القادر عرضاً بهذا الحجم في الإمارات العربيّة المتحدة يستذكر من خلاله أعماله السابقة ويهدف إلى الجمع بين مجموعة كاملة من المفاهيم والتقنيات التي تتشكل منها أعمال قام برسمها على مدى 50 عاماً ونادراً ما شوهدت من قبل.
هذا ويتناول عبد القادر العلاقة المعقّدة التي تجمع الإنسان بالطبيعة بطريقة فلسفية من خلال لوحاته. كما يصوّر السماء والأرض والبحر من خلال مجموعة غنية من الألوان، فيستعرض ما خلقه اللّه من الجمال الخالص ويبحث عن توازن العناصر الطبيعية. ومع ذلك، فإنّه يظهر الطبيعة المفاهيمية للخط العربي من خلال سلسلة متواصلة أسماها "حُروفيات".
تتناول أعماله الأخرى أيضاً القضايا السياسية والاجتماعية في كافة أنحاء المنطقة العربية مثل القضية الفلسطينية وحرب الخليج والأزمة السورية في الآونة الأخيرة. وفي سلسلة من الأعمال التصويرية، قام الفنان بتوثيق المناظر الطبيعية الحضرية والتاريخية لدولة الإمارات العربية المتحدة في محاولة للحفاظ على الهوية الثقافية لبلده والذاكرة الجماعية. ومن خلال هذه الأقسام المختلفة، يسعى المعرض إلى إظهار التحوّلات والتغيرات العديدة التي شهدها الفنان على مدى سنين حياته في بلده.
يحتوي القسم الأول، "أولى الرسومات"، على مجموعة من اللوحات صدرت بين أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. وقد شكّل البورتريه في الماضي جزءاً مهماً من أعمال الريّس. وفيما كان يتابع دراسته في الكويت، رسم الريّس نفسه بشكل متكرر، كما صوّر الأطفال الآخرين والجماد والبيئة المحيطة به. ويرافق هذا القسم مجموعة من الرسومات، والدراسات لشكل الإنسان، وصحف ومجلات قديمة من أرشيف الفنان الشخصي، والتي تكشف عن أساليب الريّس وتقنيّاته.
يجسّد القسم التالي، "الوطن"، أي أفكار الفنان حول الهوية التقليدية للأمة فيما يُدخل التحديث والعولمة تغييرات على البيئات الحضرية المحيطة به. وصُمّمت لوحات الفن المعماري الإماراتي التقليدي التي تصوّر البرجيل (مسرب الريح) والقوارب الشراعية بطريقة تستحضر الماضي وتدعو للحفاظ على التراث الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة. هذا وترقى هذه المواقع إلى فترة تأسيس الدولة فتستعرض بداياتها المتواضعة.
من ناحية أخرى، خُصّص قسم "الأرض والسماء" للمناظر الطبيعية والريفية في دولة الإمارات العربية المتحدة. تتسم اللوحات بحجمها الكبير فتغمر الحواس وتعكس ألوان الطبيعة الإماراتية وظلالها. ويصرّ الفنان على رسم الجبال والصحارى الرملية والواحات والنباتات والبحر والسماء خلف المباني الشاهقة ليجمع بين مظاهر الحداثة وطبيعة الإمارات الرائعة. وهنا، يسعى الريس إلى فهم ما خلقه الله واكتشاف السلام الداخلي.
يحمل القسم الرابع عنوان "الناس والوقت" ويتعمّق الريّس فيه بتقييم التوترات السياسية والاجتماعية في المنطقة والنظر فيها. يتم تجسيد هذه الأمثلة والأحداث باستخدام أساليب تعبيرية سريالية وتجريدية، حيث يتمكّن الريّس من التعبير عن شعور بالارتباط الوثيق بشعوب العالم العربي والتشديد على دقّة الأوضاع وضرورة التصرّف.
في قسم "انطباعات وتجريدات"، يزاوج الفنان بين الأشكال المجازيّة وتلك المجرّدة حيث تندمج أشكال وأنماط متميزة مستوحاة من المناظر الطبيعية التقليدية والهندسة المعمارية في بحر من الألوان الانطباعية. هذا ويُعتبر شكل المربّع الذي اشتهر به الريّس عنصراً أساسياً في اللوحات ويستحضر المنازل التقليدية من الطوب والشعاب المرجانية، كما يشير إلى النقطة في الأحرف العربية.
وأخيراً، يسلّط قسم "حروفيّات" الضوء على انتقال الريس إلى رسم أعمال لا تصوّر أغراضاً بل تتمحور حول فنّ كتابة الخط العربي. كما يدرس الفنان الإمكانيات الرسمية والمفاهيمية لبعض حروف اللغة العربية وعلى وجه التحديد حرفَي الحاء والواو.