أسرار أدق "متوقع" بالعالم.. من سباق الخيل إلى أكبر الاقتصادات
يعد عالم الرياضيات، الفرنسي كريستوف بارو هو أدق "متوقع" لمستقبل الاقتصادات الكبرى، من أمريكا إلى الصين، وأوروبا.
ويؤكد كريستوف بارو، أن تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية دفعته لرمي المعادلات التي يستخدمها في توقعاته بسلة القمامة، وأجبرته على العودة إلى "البديهيات" و"محاولة تدوين ما لا يمكن تصوّره".
توقعات دون زيارة
وحسب وكالة فرانس برس، فإن السيناريوهات الاقتصادية التي يعرضها عالم الرياضيات الفرنسي كريستوف بارو، لدول مثل الصين والولايات المتحدة من الأدق في العالم رغم أنه لم يزرها يوما.
والمفارقة أنه اكتسب لقب "أفضل متكهّن في العالم" بالأساس في ميادين سباق الخيل في فرنسا، قبل توقعه لمؤشرات الاقتصاد في أكبر قوى اقتصادية بالعالم.
ويتوقع باور اليوم انطلاقة اقتصادية قوية في الولايات المتحدة اعتبارا من الربيع، وصعود الصين وانتعاش "أبطأ" في أوروبا.
ألقاب باور
ويعتبر الفرنسي البالغ 34 عاما بحسب وكالة بلومبرج الأمريكية، أفضل واضع توقعات في العالم للاقتصاد الأمريكي خلال السنوات التسع الأخيرة، وللاقتصاد الصيني منذ 2017، و"نائب بطل" التوقعات لأوروبا هذا العام.
وهو يعمل جاهدا بمعدل يصل إلى 75 ساعة في الأسبوع دفاعا عن مرتبته كل عام.
وفاز بارو في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، بالمسابقة التي نظمها موقع "ماركت ووتش" الأمريكي للأخبار المالية، وكتب الصحفي ريكس ناتينغ الذي غطى الحدث أنه "انتزع اللقب من جيم أوساليفان، البطل الحائز على اللقب 9 مرات على التوالي.. بعد منافسة شديدة جدا".
ويقوم مبدأ هذه المسابقات على إصدار توقعات بانتظام حول سلسلة مؤشرات اقتصادية قريبة وبعيدة الأمد تتراوح من معدلات البطالة إلى النمو، مرورا بنشاط بعض القطاعات الاقتصادية.
ويفوز بالمسابقة من يعطي التوقعات الأكثر دقة.
سبب التميز
وقال بارو متحدثا لوكالة فرانس برس في الطبقة الأخيرة من مبنى في غرب باريس حيث مقر شركة "ماركت سيكيوريتيز" التي يعمل فيها "لست أفضل عالم رياضيات، منافسيّ أفضل مني.. لكن النهج هو المختلف، وما يحدث الفرق".
وهو طور أسلوبه هذا حين كان في السادسة عشرة من العمر في ميادين سباق الخيل في سان لوران دو فار بجنوب فرنسا.
ويروي الموظف السابق في شركة الاستثمارات "ديكسيا سيكيوريتيز"، حيث كان متخصصا في السوق العقارية الأمريكية في وسط أزمة الرهون العقارية عام 2009، "كان والدي يصطحبني إلى ميدان السباق، وسرعان ما تساءلت إن كان هناك نسق احتمالات، إن كان بالإمكان التكهن بالحصان الذي سيفوز بالسباق".
لا وجود للحظ
ويقول الطالب السابق في المالية الذي خصص أطروحته لدرس الروابط بين المراهنات الرياضية وخصوصا في كرة المضرب، والأسواق المالية، إن المراهنة ليست مسألة حظّ إطلاقا، بل هناك سلسلة من معايير وعوامل تبرر تكهنات صائبة، يذكر منها "الأداء الماضي، نوعية الأرض، العلوّ، المسافات".
وأينما كان بارو، يبقى ميدان سباق الخيل على مقربة، سواء في مكتبه في الجنوب أو مع عائلته وأصدقائه الذين يشاركهم 75% من وقته. كما أنه لا يزال يتّبع الوسيلة ذاتها التي يختصرها بعبارة "جمع حدّ أقصى من المعطيات الاقتصادية، والمعلومات وفرزها".
الوصفة السرية
وبما أن أبسط الوصفات تكون أحيانا الأفضل، اعتمد في بادئ الأمر على أدوات مثل موقع "جوجل تريندز" الذي يحلل شعبية مصطلحات البحث الأكثر رواجا، لتقصي إقبال المستهلكين في قطاعات مثل السيارات وشراء المنازل أو حتى الطلب على مساعدات البطالة في الولايات المتحدة، من أجل وضع أفضل التكهنات الممكنة.
وحين يسأل عن أدواته الأخرى، يرد الثلاثيني المولع بسلسلة الرسوم المتحركة "دراغون بول زد" باقتضاب "أحتفظ بوصفتي".
وهو اليوم يعمل لحسابه فيزود حوالي 100 شركة هي بشكل أساسي مصارف وصناديق استثمار بملاحظات وتوقعات اقتصادية.
كورونا والتوقعات
لكن في وقت يتخبّط فيه العالم يأزمة صحية تاريخية، أي وصفة يمكن أن تنطبق على حدث كهذا لم يكن من الممكن توقعه ولا يمكن التكهن بتطوراته؟
يقول إنه في الربيع الماضي، فيما كانت تدابير الحجر والإغلاق تعصف بالعالم والتقلبات تسود البورصات، "أخذت جداول إكسيل التي أستخدمها ورميتها مع القمامة"، وانطلاقا من هناك، تحتم عليه العودة إلى "البديهيات" و"محاولة تدوين ما لا يمكن تصوّره على صفحة".
وأوضح "وصلنا إلى حدّ بات من الممكن أن يتراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 10% على مدى عام بعدما كان ذلك يبدو في ما مضى مستحيلا".
وأضاف، أن الصعوبة الأساسية كانت التخبط في أزمة صحية أكثر ما هي مالية، من دون أن نعرف حقا من قبل "ما معنى فيروس".
وفي وقت تشتعل فيه السجالات حول رحيل شركات فرنسية إلى الخارج لعدم توافر التمويل في فرنسا، يؤكد بارو من جهته أنه "واثق" من أنه لن يكون سعيدا في مكان آخر أكثر مما هو هنا.
ويوضح "ابتدعت قالبي الخاص، نهجي"، مشيرا إلى أنه تلقى عروضا من مصارف وشركات استثمار كبرى لتولي إدارة أبحاثها، وتوقعاتها الاقتصادية.
aXA6IDE4LjIxNi43MC4yMDUg جزيرة ام اند امز