خبير: العجز المالي أكبر تهديد للاقتصاد الفرنسي في 2026
اعتبر خبير اقتصادي فرنسي أن الاقتصاد الفرنسي يقف، مع نهاية عام 2025، عند مفترق طرق حاسم، بين سيناريو تكرار عام باهت آخر، أو بداية تعافٍ تدريجي قد تتضح ملامحه في 2026.
وحذر الخبير الاقتصادي الفرنسي سيلفان بيرسانجيه، كبير الاقتصاديين في معهد «أستيريس» والمحاضر في جامعة باريس–دوفين، في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، من أن «السيناريو الرئيسي للاقتصاد الفرنسي خلال 2026 يشير إلى عام 2025 بنسخة مكررة».
وبعد عام اتسم بنمو ضعيف، وعجز مالي مقلق، وغياب ميزانية واضحة، يبرز التساؤل: هل تعيش فرنسا «يومًا بلا نهاية» اقتصاديًا، أم أن مؤشرات الأمل كافية لكسر حلقة الجمود؟
وبحسب معظم التوقعات، يُرجَّح أن يشهد الاقتصاد الفرنسي في 2026 وضعًا قريبًا جدًا مما عاشه في 2025، مع نمو لا يتجاوز حدود 1%، ودين عام مرتفع، وعجز مالي يفرض نفسه كأكبر قيد على السياسات الاقتصادية.
وأكد بيرسانجيه أن المشكلة لم تعد في التضخم أو البطالة كما في السنوات الماضية، بل بات العجز المالي هو التحدي البنيوي الأكبر.
وقال إن النمو الضعيف، حتى لو تحسن هامشيًا مقارنة بعام 2025، «لن يكون كافيًا لمعالجة الخلل في المالية العامة»، ما يعني أن الدولة ستبقى مقيدة في قدرتها على إطلاق إصلاحات أو استثمارات كبرى.
ويرى الخبير الفرنسي أن غياب ميزانية واضحة لعام 2026، في ظل حالة الشلل السياسي، يزيد من احتمالات الجمود، إذ إن غياب إطار مالي جديد يصعّب إحداث تحولات هيكلية في الاقتصاد.
وأشار إلى أن «إعادة استخدام الأدوات نفسها تؤدي بالضرورة إلى النتائج نفسها»، في إشارة إلى سياسات لم تعد قادرة على تحفيز النمو أو كبح العجز.
ويعزز هذا الوضع المخاوف من عام اقتصادي باهت، حيث تستمر الاستثمارات في الحذر، وتظل الشركات والأسر في حالة ترقب، بانتظار إشارات أوضح من الحكومة ومن البيئة الدولية.
ورغم هذه الصورة القاتمة، لا يستبعد بيرسانجيه إمكانية تحسن نسبي في 2026، إذا ما استمرت بعض الاتجاهات الإيجابية التي ظهرت في نهاية 2025.
ويأتي في مقدمتها انتعاش الاستهلاك الأسري، الذي يُعد محركًا أساسيًا للنمو في فرنسا. فمع تراجع التضخم نسبيًا، قد يشعر المواطنون بقدر أكبر من الطمأنينة، ما يدفعهم إلى تقليص الادخار المفرط والعودة إلى الإنفاق.
كما أشار الخبير إلى أن الاستثمارات الخاصة بدأت تُظهر بوادر تحسن منذ الربع الثالث من 2025، بعد فترة انتظار طويلة، غير أن استمرار هذا الزخم يظل رهينًا بعوامل خارجية يصعب التحكم بها.
وأكد بيرسانجيه أن الاقتصاد الفرنسي في 2026 سيكون شديد التأثر بالتطورات الدولية، موضحًا أن خطة الإنعاش الألمانية الضخمة قد تعطي دفعة قوية للاقتصاد الأوروبي، وتنعكس إيجابًا على فرنسا بصفتها الشريك التجاري الأول لبرلين.
وتابع: «كذلك، فإن أي تهدئة في الأزمات الجيوسياسية الكبرى، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، من شأنها أن تخفف الضغوط على الأسواق والطاقة».
وأضاف أن «الصدمات الاقتصادية، سواء كانت إيجابية أو سلبية، نادرًا ما يمكن التنبؤ بها»، مذكرًا بأن أزمات مثل جائحة كورونا أو الحرب في أوكرانيا لم تكن في الحسبان قبل وقوعها.
ورأى الخبير الاقتصادي الفرنسي أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في استمرار العجز أو ارتفاع الدين، بل في تفويت فرصة تاريخية لإعادة تموضع الاقتصاد الفرنسي في عالم يشهد تحولات كبرى، من إعادة تسليح أوروبا إلى سباق الانتقال الطاقي. فإذا اكتفت فرنسا بإدارة الجمود، فقد تجد نفسها متأخرة عن ركب التغيير، حتى لو لم تنزلق إلى أزمة حادة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز