جولة جديدة من المفاوضات الثلاثية حول "سد النهضة" غدا في الخرطوم.
تنطلق في الخرطوم غدا الأربعاء، وحتى يوم الخميس، جولة جديدة من المفاوضات الثلاثية حول "سد النهضة"، حين يلتقي وزراء الخارجية والري ورؤساء المخابرات بكل من مصر والسودان وإثيوبيا.
وتسود حالة من التفاؤل بتحقيق نتائج إيجابية، غير أن الأمر يبقى مرهوناً بـ"مرونة" الموقف الإثيوبي، وفق خبراء.
وقال خبراء لـ"العين الإخبارية" إن مصر ستقدم خلال الاجتماع موقفاً حاسماً؛ بهدف تحقيق تقدم ملموس في مسار المفاوضات المتعثرة منذ نحو 3 سنوات.
وأوضح الخبراء أن "الموقف المصري سيركز على ضرورة تأجيل تاريخ ملء السد ومد الفترة الزمنية، مع التمسك بضرورة إتمام الدراسات الفنية، وتجنب أية آثار سلبية محتملة على حصتها من المياه".
وتتخوّف مصر من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة، على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب) مصدر المياه الرئيسي في البلاد.
وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم، إن اجتماع الخرطوم يأتي في إطار ما تم الاتفاق عليه بين الرؤساء الثلاثة لكل من مصر والسودان وإثيوبيا في يناير/كانون الثاني الماضي، بشأن تذليل جميع العقبات القائمة أمام المفاوضات في إطار اللجنة الفنية الثلاثية، ومن أهمها اعتماد التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري حتى يتسنى البدء الفوري في إعداد الدراسات الخاصة بتأثير السد.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية المستشار أحمد أبوزيد أن "مصر ستسعى خلال الاجتماع إلى التأكيد على ما تم الاتفاق عليه بين قادة الدول الثلاث بشأن أهمية الالتزام بتطبيق اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015".
ويتضمن اتفاق المبادئ، الذي وقعه زعماء الدول الثلاث، في مارس/آذار 2015، التعاون على أساس التفاهم والمنفعة المشتركة، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب، وعدم التسبب في ضرر لأي من الدول الثلاث.
وقالت الدكتورة هبة البشبيشي، الخبيرة في الشؤون الأفريقية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بالقاهرة، لـ"العين الاخبارية" إن الموقف المصري ثابت منذ بداية المفاوضات قبل نحو ثلاث سنوات، وهو الإقرار بحق إثيوبيا في التنمية، مع عدم الإضرار بمصالح مصر المائية.
وأوضحت أن مصر تنتظر مرونة أكثر من الجانب الإثيوبي مع الالتزام بعدم إهدار الوقت وإطالة أمد المفاوضات، متوقعة أن تشهد تلك الجولة نتائج أكثر إيجابية فيما يتعلق باستجابة إثيوبيا لبعض المطالب المصرية، ومنها تأخير بدء ملء السد، وجعل الفترة الزمنية 5 سنوات كحل وسط حيث تطالب مصر بـ7 سنوات.
وأضافت البشبيشي أن دخول وزراء الخارجية ورؤساء أجهزة المخابرات على خط المفاوضات الفنية يمكن أن يكون عاملا حاسما في تجاوز الخلافات الفنية وتجمد المفاوضات في الفترة السابقة، ودعت السودان إلى أن يلعب دور الوسط في الأزمة بين مصر وإثيوبيا.
ويعد اجتماع الخرطوم هو الأول منذ إعلان القاهرة تجميد مفاوضات سد النهضة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ لرفضها تعديلات أديس أبابا والخرطوم على دراسات المكتب الاستشاري الفرنسي حول أعمال ملء السد وتشغيله.
وتقول أديس أبابا إن السد سيحقق لها منافع عديدة، خاصة في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يُضر بدولتي المصب.
في السياق ذاته، قال الدكتور هاني رسلان رئيس بحوث السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ"العين الإخبارية": إن التدخل الأمريكي وزيارة الوفد الأمريكي قبل أسابيع لعواصم الدول الثلاثة لتقريب وجهات النظر يمكن أن تشكل متغيرا كبيرا تجاه حل الأزمة، والوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، لكن حتى الآن لم تعلن عن نتائج واضحة لتلك الزيارة".
وقلل رسلان من تأثير رئيس الوزراء الجديد لأثيوبيا الدكتور أبي أحمد على موقف بلاده، مؤكدا أن أبي تحدث في خطابه الأول عن السد باعتباره مشروعا موحدا للشعب الإثيوبي، وهو نفس موقف السلطة السابقة، خاصة أنه ضمن نفس الائتلاف الحاكم، منوها إلى أن الموقف الإثيوبي يؤكد إلى الآن الاتجاه نحو ملء السد بشكل منفرد بدءا من الفيضان في مايو/أيار المقبل، وهو ما يتطلب موقفا حازما من مصر لحسم الأمور.
وكان محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية المصري، قد أكد أمس أن حساسية مصر من سد النهضة ترتكز على التصرف الأحادي دون تنسيق مع دول المصب، موضحا أن الدراسات الأولية لمشروع سد النهضة لم تكن كافية، وكان هناك شكوك حول تأثير هذا المشروع على حقوق مصر ومواردها المائية، وهو ما دفع مصر لإجراء مفاوضات فنية. وشدد الوزير على أن مصر تساند جميع مشروعات التنمية في دول حوض النيل بما لا يضر بالمصالح المائية للدول.