خبراء عن لقاء الإخوان بحزب السعادة التركي: رهان خاسر
بعد أن فقد الدعم والحماية اللازمة، ومنصته الرئيسية للهجوم والتحريض على مصر، بات تنظيم الإخوان يتحرك داخل تركيا في حدود ضيقة للغاية.
تحركات تأتي وسط مخاوف من الترحيل خارج البلاد أو تسليم عناصره المطلوبة على ذمة قضايا إرهاب إلى القاهرة، لا سيما عقب مواقف وتحركات أنقرة الأخيرة للتودد إلى القاهرة واستئناف العلاقات معها.
ودفع تضييق الخناق على التنظيم الإرهابي في الداخل التركي إلى تحركه بعيدا عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، عبر طلب لقاء حزب السعادة، المحسوب بشكل كبير على الجماعة، بل والتعويل عليه للتوسط في تقديم المساعدة اللازمة لهم، خاصة في مسألة تسليم قيادات التنظيم المطلوبين لمصر، وذلك وفقا لمصدر سياسي تركي وخبراء سياسيين مصريين.
وقدر هؤلاء في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن رهان الإخوان على حزب السعادة يعكس "تآكل الثقة" بين الجماعة وحزب العدالة والتنمية ونظام رجب طيب أردوغان.
وأعلن حزب السعادة، قبل أيام استقبال رئيس الحزب تمل كرم الله أوغلو، وفدا من أعضاء تنظيم الإخوان المتواجدين في أنقرة، ويضم مسؤول الجماعة في تركيا همام علي يوسف، وقيادات في التنظيم بينهم مدحت الحداد، ومحمود حسين.
وقال الحزب، عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر" للتدوينات القصيرة: "لقد استقبل رئيس حزبنا تمل كرم الله أوغلو، مسؤول جماعة الإخوان همام علي يوسف، ووفد مرافق له".
وتأتي تحركات تنظيم الإخوان، بعد أيام من إعلان تركيا تطورات في مسار عودة العلاقات مع مصر، معلنة عن زيارة وفد دبلوماسي للقاهرة أوائل الشهر المقبل، وبالتزامن أيضا مع إقرار البرلمان التركي مؤخرا مذكرة حول تشكيل لجنة صداقة برلمانية بين البلدين.
رهان خاسر
وقال مصدر سياسي تركي -لم يشأ ذكر اسمه، في حديث لـ"العين الإخبارية"- إن رهان الإخوان على حزب السعادة رهان خاسر؛ لأن الأخير ليس له تأثير أو ثقل سياسي، أو شعبي في الداخل التركي.
وأردف: لن يكون لاجتماع الإخوان مع حزب السعادة أي تأثير أو فائدة، بل تلاقٍ أيديولوجي بينهما، باعتبار أن الأخير هو حزب إسلامي خرج من عباءة حزب الرفاه الذي أسسه نجم الدين أربكان.
وأشار المصدر السياسي إلى أن هناك تنسيقا بين حزب السعادة منذ سنين طويلة مع الإخوان، وهو ما حدث قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ونبه إلى أن "السعادة بقبول لقاء الإخوان يبعث برسالة دعم لهم، لكن التعاون والتنسيق بينهما لن يكون له أي تأثير على مسار المفاوضات بين الجانب التركي والمصري".
تآكل الثقة
الدكتور بشير عبدالفتاح الخبير في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يرى في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن رهان الإخوان على حزب السعادة المحسوب على الجماعة داخل تركيا يعكس تآكل الثقة بينهم وبين حزب العدالة والتنمية ونظام رجب طيب أردوغان.
وفي تقدير "عبدالفتاح" فإن تحرك الإخوان بعيدا عن "أردوغان" يعكس فقدان مظلة الدعم التي وفرها لهم أردوغان منذ 2013، مؤكدا أن خطوة الجماعة باللجوء إلى حزب السعادة محكوم عليها بالفشل.
وأبرز في هذا الصدد أن تعويل الإخوان على حزب السعادة يعكس قصر نظر الجماعة، لأن الحزب ليس له ثقل سياسي كبير داخل البلاد، أو فرص لتحقيق إنجاز كبير فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتجاوز حتى حاجز الـ10% للدخول إلى البرلمان.
رسالة لأردوغان
وشدد على أن حزب السعادة لن يستطيع تقديم الدعم والحماية اللازمة التي ينتظرها الإخوان، لكنهم ربما يريدون بعث رسالة لأردوغان بأنه إذا قام بتسليم قياداتهم للسلطات المصرية فإنه سيخسر دعمهم في الانتخابات.
ولفت "عبدالفتاح" إلى أن الإخوان لديهم مخاوف من إتمام المصالحة بين القاهرة وأنقرة، وتسليم الأخيرة بعض عناصرهم، وهي المخاوف التي تعززها تحركات عديدة لأنقرة في الفترة الأخيرة خاصة في وقف نشاطهم الإعلامي المحرض ضد الدولة المصرية.
وخلص إلى أن "العزلة التي يعاني منها أردوغان ستدفعه لتقديم تنازلات لكن حجمها وشكلها سيظهر مع إعلان نتائج مفاوضات القاهرة وتركيا".
مخاوف الإخوان
وبدوره، قال أحمد كامل البحيري، الباحث المصري المتخصص بشؤون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن لقاء حزب السعادة جاء بناء على طلب من الإخوان، بعد مؤشرات عديدة لعودة العلاقات بشكل طبيعي بين أنقرة والقاهرة.
وأوضح البحيري أن النقطة الأبرز التي تشغل الإخوان حاليا هي عدم تسليم المطلوبين لديهم إلى مصر، ومحاولة توفيق أوضاع بعض عناصرها المتواجدين في تركيا، والذين انتهت مدة جواز سفرهم المصري، ويريدون المغادرة خارج تركيا، وهي أزمة كبيرة بالنسبة لعدد كبير من الجماعة خصوصا الشباب.
ونوه البحيري، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن أقصى مساعدة يمكن أن يقدمها الحزب التركي للإخوان هو محاولة المساعدة في مسألة عدم تسليم العناصر المطلوبة فقط، ولكن لن يكون هناك أي تأثير على مسار التفاوض بين القاهرة وتركيا.
وفي رأيه فإن "عملية التسليم إذا ما جرت فإنها ستكون لعناصر شابة محدودة العدد".
ونبه إلى أن السعادة هو الحزب الأقرب للإخوان من حزب العدالة والتنمية، ويمثل 5% من الشارع الإسلامي في أنقرة.
وبات يمثل التقارب التركي للقاهرة خطرا على التنظيم، الذي تخشى قياداته من الطرد أو الترحيل للقاهرة، أو تسليمهم لمصر.
بالتزامن مع تحركات رسمية من جانب أردوغان وحكومته للتقارب مع مصر، وهو ما يمثل خطرا على التنظيم الذي باتت قياداته مهددة بالطرد أو الترحيل للقاهرة.
وبدأت تركيا في الآونة الأخيرة العمل لإعادة بناء العلاقات مع مصر ودول الخليج العربية، في محاولة للتغلب على الخلافات التي تركت أنقرة معزولة على نحو كبير في العالم العربي.
وأعلن المتحدث إبراهيم كالين باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بعثة دبلوماسية تركية ستزور مصر أوائل مايو/أيار، مشيرا إلى أن "هناك اتصالات بين رؤساء أجهزة المخابرات ووزيري خارجية البلدين".
وتوقع مستشار أردوغان والمتحدث باسم الرئاسة التركية، في مقابلة مع وكالة "رويترز"، أن تسفر المحادثات التي ستجرى بين تركيا ومصر الأسبوع المقبل عن تعاون متجدد بين القوتين الإقليميتين المتباعدتين، وتساعد في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في ليبيا.
وأعرب عن اعتقاده بأنه من مصلحة القاهرة وأنقرة والمنطقة إعادة العلاقات لطبيعتها بين البلدين، بالنظر إلى الحقائق على أرض الواقع.
ومؤخرا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن "مرحلة جديدة بدأت في العلاقات مع مصر وقد تكون هناك زيارات ومباحثات متبادلة في هذا الإطار".
جاء ذلك في معرض تصريحات أدلى بها جاويش أوغلو للصحفيين مؤخرا، تعليقا على المكالمة الهاتفية التي أجراها مع نظيره المصري سامح شكري.
وسبق أن عقبت القاهرة على الاتصال الذي تلقاه شكري من نظيره التركي، وقالت إنه يؤخذ في إطار "إشارات ضرورة تصويب المسار".
ومنذ 8 أعوام، تشهد العلاقات بين مصر وتركيا ما يشبه القطيعة بسبب ملفات عدة، أبرزها سياسة أنقرة في المتوسط ودعم الإخوان والتدخل في ليبيا.
aXA6IDE4LjExOS4xNDEuMTE1IA== جزيرة ام اند امز