خبراء: اتفاق إريتريا وإثيوبيا يدخل القرن الأفريقي عهد السلام
إشادة بدور الإمارات المحوري لإنهاء الصراع بالقارة السمراء
خبراء أكدوا لـ"العين الإخبارية" أن السلام الإثيوبي الإريتري، الذي لعبت فيه الإمارات دورا محوريا، يمثل أساسا للاستقرار في القارة السمراء
قال محللون وخبراء إن التطبيع الإثيوبي الإريتري يعيد رسم خارطة المنطقة، بما يدخل منطقة القرن الأفريقي في نظام إقليمي جديد ركائزه الاستقرار والسلام.
وأجمعوا في حديث لـ"العين الإخبارية" على أن السلام الإثيوبي الإريتري، الذي لعبت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً محورياً، يمثل صفحة جديدة من السلام والاستقرار في المنطقة.
وأشاروا إلى أن إثيوبيا تحت قيادة رئيس الوزراء الشاب أبي أحمد تلعب دورا جوهريا في التفاعلات السياسية الأخيرة، التي يُنظر إليها باعتبارها نموذجا لطي صفحة الصراعات والنزاعات المسلحة في القارة السمراء، والبدء في ترتيب العلاقات بين دولها وفقا للوشائج الشعبية والمنفعة الاقتصادية المتبادلة.
واستضافت العاصمة الإماراتية أبوظبي، اليوم الثلاثاء، لقاء ثلاثياً تاريخياً جمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.
وأوضح معتصم حاكم، عضو مجلس الصداقة الشعبية السوداني لـ"العين الإخبارية"، أن المصالحة الإثيوبية الإريترية أحدثت تحولا هائلا في خارطة المنطقة السياسية، بما يقود القرن الأفريقي إلى عهد جديد يسوده التفاهم بين الشعوب والتكامل الاقتصادي.
ونوه إلى أن الأمر ليس منوطا فقط بإثيوبيا وإريتريا وإنما يتعدى ذلك ليشمل السودان ومصر، مستدلاً بالزيارة الأخيرة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للخرطوم، التي يرى حاكم أنها تصب في دعم وتحقيق تكامل دول القرن الأفريقي، ومد جسور التواصل بشكل أكثر فعالية مع الدول العربية عبر منطقة البحر الأحمر.
وأضاف "أن توطيد العلاقات بين أفريقيا والمنطقة العربية ظل بعيد المنال لسنوات طويلة، ولكن ما يجري مؤخرا على نطاق القرن الأفريقي يسهم بشكل إيجابي وكبير في تمتين العلاقات الأفريقية العربية".
واعتبر حاكم مصالحة الجارتين إثيوبيا وإريتريا محفزا لكافة القارة الأفريقية، وخطوة من أجل الوحدة والتكامل الاقتصادي والثقافي، موضحا أن الخطوة ليست بمعزل عن الاتجاه السائد في المنطقة نحو السلام والمصالحة، مشيرا في هذا الصدد إلى الدور السوداني والإقليمي في مصالحة الفرقاء بدولة جنوب السودان.
وتمثل التطورات المفاجئة والمتسارعة والجريئة التي جرت وقائعها داخلياً وإقليمياً في المائة يوم الأولى لصعود رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، 41 عاما، انعطافة تاريخية مهمة في المنطقة، حسب الدكتور خالد التيجاني النور، المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "إيلاف" الاقتصادية.
وأشار النور في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن إجراءات رئيس الوزراء الإثيوبي ستكتب بروز تحولات استراتيجية بالغة الأهمية، ليس على الصعيد الداخلي فحسب، بل كذلك على صعيد بناء نظام إقليمي جديد في منطقة القرن الأفريقي، وعلى امتداد جوارها الحيوي في القارة السمراء، فضلا عن أن توابعها الزلزالية ستفرض تغير قواعد اللعبة السياسية داخل العديد من دول القارة المتكلسة.
ورأى التجاني أن التقارب الإثيوبي الإريتري ينهي كلفة استمرار الخلافات وحالة اللاسلم واللاحرب باهظة الثمن، التي كان يدفعها الشعبان، فضلا عن انتقال الصراع أيضاً إلى الجوار الإقليمي لا سيما تصفية الحسابات التي جرت بينهما على التراب الصومالي مما عقّد أزمته أكثر.
وقال النور إن مناسبات العناق الحار بين الزعيمين الإثيوبي أبي أحمد والإريتري أسياس أفورقي، ومظاهر الود بين الرجلين التي التقطتها المصورون، أكثر من مجرد خروج على التقاليد المراسمية، فقد أكدت أن الجميع على موعد مع نقطة تحول درامية في مشهد العلاقة بين البلدين.
واعتبر التسارع في عملية التطبيع بين أديس أبابا وأسمرا بعد اتفاق البلدين على استئناف علاقتهما الدبلوماسية محل ترحيب حار من المواطنين الراغبين في إنهاء النزاع الحدودي العالق الذي عطل حياتهم لعقدين.
وذكر أن مجمل هذه التطورات ستنعكس بلا شك على الوضع في الإقليم، فنجاح التطبيع بين إريتريا إثيوبيا سيقود بالضرورة إلى تحسين الوضع في الصومال بتوقف الحرب عن بعد التي كان يديرها الطرفان على أرضها، كما سيقود إلى تقليل حدة الاستقطاب بين دول المنطقة.
من جانبة قال المحلل السياسي قرشي عوض، لـ" العين افخراية" إن ما يجري بين أديس أبابا وأسمرا يشير بوضوح إلى أن الوضع في القرن الأفريقي يشهد متغيرات تهدف في الأساس إلى إعادة ترتيب المنطقة بشكل ينهي الصراعات بين دولها لصالح التعاون، وفقا للعلاقات الشعبية والمنافع الاقتصادية،
وأكد أن تداعيات التقارب الإثيوبي الإريتري ستؤثر بشكل كبير في الهدف العالمي المتعلق بمكافحة تهريب والاتجار بالبشر.
وقال عوض إن التقارب الإثيوبي الإريتري لا يستثني السودان أو مصر، وأن الفكرة العامة لهذا التحول في القرن الأفريقي التهدئة بين الدول المؤثرة فيه والإبقاء على تماسكها الداخلي وتطبيع العلاقات بينها لإبعادها من أي توترات تجعل المنطقة معرضة لاستيطان الارهاب.
كما حدد العميد البحري المتقاعد صلاح كرار ، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" 3 متغيرات جديدة تشهدها منطقة القرن الأفريقي، تتمثل في خطوة إثيوبيا في المصالحه مع إريتريا واستعدادها لإرجاع المثلث الحدودي الذي أدى إلى الحرب والقطيعة بينهما واحتمالية تحول إثيوبيا لاستخدام مينائي مصوع وعصب، فضلا عن التقارب المصري الإثيوبي السوداني، إلى جانب مجريات الوضع في منطقة البحر الأحمر من تكالب وصراعات على موانئ القرن الأفريقي.
أما السياسي الدكتور عبدالقادر إبراهيم فقال إن أبرز المتغيرات في العلاقات بين البلدين هو التفاهم حول تأمين واستثمار منطقة البحر الأحمر، وضرورة التشاور والتنسيق المستمر، تعظيماً للمصالح ومنعاً للتدخلات الأجنبية السالبة، والتسابق الإقليمي للسيطرة على المنطقة بما يتعارض ومصالح شعوبها.
وذكر إبراهيم لـ"العين الإخبارية" أن التقارب الإثيوبي الإريتري مؤخرا ودعم السودان ومصر لهذا الاتجاه، يجعل الواقع مهيئاً لتفعيل وتقوية العلاقات الجماعية والثنائية على أسس من المصالح الاقتصادية القوية التي تعود بالفائدة على شعوب القرن الأفريقي, مشيرا إلى أن هناك مقومات قوية وفرصا واعدة لتحقيق التكامل بين دول المنطقة.