الأرقام تؤكد أن اقتصاد إيران يعيش أيامه الأخيرة، فمعدلات التضخم والبطالة والفقر ارتفعت بشكل كبير، وتراجع معدل النمو وتدهورت العملة.
قال خبراء اقتصاد وطاقة لـ"العين الإخبارية"، إن أزمة الاقتصاد الإيراني تفاقمت أكثر بعد شهر من تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
- إيران تقر بـ"تراجع كبير" في مواردها المالية قبل الميزانية الجديدة
- فايننشال تايمز : الخوف يخيم على أسواق إيران.. ويفضح مزاعم الحكومة
وأكد الخبراء أن الأرقام تؤكد أن اقتصاد إيران يعيش أيامه الأخيرة، فمعدلات التضخم والبطالة والفقر ارتفعت بشكل كبير، وتراجع معدل النمو، وتدهورت العملة، وانخفضت الصادرات النفطية بنسبة أكثر من 50% على الأقل، ما زاد من اشتعال الغضب الشعبي ومظاهرات الاحتجاج.
وقال الدكتور حسان وجيه خبير التفاوض وإدارة الأزمات الدولية بجامعة الأزهر بالقاهرة، إن مؤشرات الاقتصاد الإيراني تهاوت أكثر بعد شهر من تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران كما توقعنا.
وتشمل الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية، التي تم تطبيقها الشهر الماضي، الصناعة النفطية وصادراتها والمعاملات المالية الدولية، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو/أيار الماضي.
وأضاف وجيه في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن قيمة العملة الإيرانية تدهورت أكثر، وارتفع معدل التضخم وأسعار السلع بشكل مفرط، وتراجع معدل النمو لمنحنى سالب أكبر، وتضاعف معدل البطالة، ما أدى لتصاعد الاحتجاجات الشعبية.
وبلغ معدل التضخم السنوي في إيران خلال الفترة من 23 أكتوبر إلى 22 نوفمبر 34.9%، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات والتبغ بنسبة 50.3%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لمركز الإحصاء الإيراني (حكومي).
تزايد البطالة وغلق الشركات
وقال الدكتور أحمد فرغلي حسن عميد كلية التجارة الأسبق بجامعة القاهرة، إن كل مؤشرات الاقتصاد الإيراني تهاوت بشدة بعد شهر من تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات، وتضاعفت معدلات البطالة والفقر وتدهورت قيمة العملة أكثر.
وفقدت العملة الإيرانية ثلثي قيمتها، ووصلت نسبة البطالة إلى 12.4%، وتخطى عدد العاطلين عن العمل 3 ملايين و226 ألف شخص، حسب مركز الإحصاء الإيراني.
وكشفت إحصائيات وتصريحات رسمية في إيران مؤخرا، عن تجاوز معدلات الفقر بالبلاد حاجز الثلث بمقدار 33%، بينهم 6% يعيشون أسفل خط الجوع.
وأضاف فرغلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية أدت لتزايد معدلات البطالة وتصاعد الاحتجاجات بسبب غلق الشركات نظرا للسياسات النقدية للحكومة المتضاربة، وتقلبات في سوق الصرف الأجنبي، وارتفاع أسعار المواد الخام.
وقال علي ربيعي وزير العمل الإيراني، قبل إقالته في أغسطس/آب، إن البلاد ستفقد مليون وظيفة بحلول نهاية العام، كنتيجة مباشرة للإجراءات الأمريكية، وبلغت البطالة بين الشباب بالفعل 25%، في بلد 60% من سكانه (البالغ عددهم 80 مليون نسمة)، تحت سن الثلاثين.
وحذر تقرير برلماني في سبتمبر/أيلول من تزايد معدلات البطالة، ما يهدد استقرار البلاد، متوقعا إذا ظل النمو الاقتصادي في إيران دون 5% في السنوات المقبلة؛ فإن معدل البطالة ربما يصل إلى 26%.
الصادرات النفطية
وقال الدكتور ثروت راغب أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة البريطانية بالقاهرة، إن تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية أدى إلى انخفاض صادرات إيران النفطية بأكثر من 50% عن معدلها في أبريل/نيسان الماضي.
وقال محمد باقر نوبخت رئيس منظمة التخطيط والميزانية الإيرانية (حكومية)، الإثنين، إن قرابة 1.5 مليون برميل نفط جرى اقتطاعها من إنتاج بلاده اليومي.
وأضاف راغب، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن صادرات النفط الإيراني استمرت بسبب استثناء واشنطن لـ8 دول من حظر شراء النفط، بعد تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات.
وتنص العقوبات الثانية على أن أي صادرات نفطية لغير الدول التي حددتها واشنطن (8 دول)، ستقابل بعقوبات أكبر على طهران والدول المستقبلة للخام.
وذكرت شركة كبلر للبيانات أن إيران صدرت 1.85 مليون برميل يوميا في أكتوبر/تشرين الأول، بينما قالت شركة أخرى إنها صدرت 1.5 مليون برميل يوميا، مقابل 2.5 مليون برميل يوميا على الأقل في أبريل/نيسان الماضي.
وتوقع الدكتور راغب أن تهبط صادرات إيران من النفط إلى أكثر من 60% خلال 6 أشهر، تزيد إلى 80% في حال إلغاء واشنطن استثناء الدول الـ8 المستوردة للنفط الإيراني.
وتتوقع تقارير رسمية إيرانية أن طهران لن تكون قادرة بحلول السنة المالية الجديدة والتي تبدأ 21 مارس/آذار، على بيع أكثر من نصف مليون برميل يوميا من نفطها، وبهذا تنخفض صادرات إيران النفطية لنحو 20% من صادراتها قبل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران في مايو/أيار الماضي.
فشل كيان التجارة الأوروبي مع إيران
وقال الدكتور حسان وجيه خبير التفاوض وإدارة الأزمات الدولية بجامعة الأزهر بالقاهرة، إن كيان التبادل التجاري المقترح بين أوروبا وإيران لم ينجح في تحقيق أغراضه كما توقعت وفشل، بسبب الإصرار الأمريكي على تطبيق العقوبات على أي دولة تخالفها.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الشهر الماضي، إن الدول الأوروبية تجد صعوبة في إنشاء آلية محددة الغرض تسمح بالتجارة مع إيران بغير الدولار، وأن الدول التي تم اقتراحها لاستضافة الآلية لم تقبل هذه المهمة.
تصاعد الاحتجاجات
ويرى الدكتور أحمد فرغلي حسن عميد كلية التجارة الأسبق بجامعة القاهرة، أن الاحتجاجات ستتصاعد بسبب استمرار تدهور مؤشرات الاقتصاد وعجز حكومة طهران عن وقف هذا التدهور، أو وقف إغلاق الشركات.
وطال التردي الاقتصادي في إيران قطاعات واسعة، إلى حد أن جمعية منتجي قطع غيار السيارات في إيران حذرت من احتمالية انضمام أكثر من 600 ألف عامل إلى طابور "البطالة".
وأضاف عميد كلية التجارة الأسبق بجامعة القاهرة، أن ارتفاع الأسعار وتزايد البطالة سيقابله انهيار في جميع الخدمات التي تقدمها الدولة؛ ما يؤجج الغضب الشعبي تجاه الحكومة.
وخفض صندوق النقد الدولي مجددا توقعاته لنمو الاقتصاد الإيراني إلى تراجع النمو إلى (-1.5%) في 2018، (-3.5%) 2019، كما توقع أن تبلغ نسبة التضخم 29.6% في 2018، وتصعد إلى 34.1% في 2019.