خبراء يتوقعون نجاح جولة مفاوضات سد النهضة.. مناخ إيجابي
شهدت القاهرة، اليوم الأحد، جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة، بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا، وسط تفاؤل الخبراء.
ويأتي الاجتماع في ضوء البيان الصادر في 13 يوليو/تموز 2023 إثر لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد، بالقاهرة على هامش قمة دول جوار السودان.
بدوره، قال رئيس وفد التفاوض الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، في تصريحات للصحفيين، "مفاوضات سد النهضة ستعزز التعاون بين إثيوبيا ومصر والسودان".
وتابع: "نؤكد على حقنا في الاستفادة من مياه النيل من أجل الأجيال القادمة".
وأضاف "نؤكد على الفوائد الكبيرة لسد النهضة على إثيوبيا ومصر والسودان". ومضى قائلا "سنواصل تمسكنا بموقفنا بشأن الاستخدام العادل لمياه النيل وسنعمل من أجل التوصل لنتيجة ودية للمفاوضات".
نقاط خلافية
وقال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، "يجب الإسراع أكثر في المفاوضات والتي تبقى في مدتها المحددة شهرين ونصف".
وأوضح شراقي في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه "يجب مناقشة الموضوعات من حيث انتهت إليه الجولة الأخيرة في واشنطن"، متابعا: "هناك بعض النقاط الفنية وتم الاتفاق على معظمها، ولم توقع إثيوبيا عليها ويجب استكمال المفاوضات منها".
ويكمل أن "أهم النقاط هي القواعد المائية والتخزين والتفريغ"، مشيرا إلى أن باقي أيام قليلة على انتهاء التخزين الرابع في سد النهضة نهاية أغسطس/آب الجاري، بتخزين حوالي 19 مليار متر مكعب بالإضافة إلى 17 مليار مليار متر مكعب هي إجمالي التخزينات الثلاثة السابقة ليصبح حجم بحيرة السد 36 مليار مليار متر مكعب".
وأكمل أن الاتفاق سوف يفيد في التخزين القادم والأخير وفي مرحلة الجفاف في السنوات المقبلة، معربا عن تفاؤله باستمرار المفاوضات وسياسة النفس الطويل التي تستخدمها مصر للوصول لاتفاق.
وتوقع شراقي في ختام حديثه، توصل الدول لاتفاق حول النقاط الخلافية بشكل كبير خلال هذه الجولة من المفاوضات.
مناخ جيد للتفاوض
واتفق مع شراقي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية الدكتور طارق فهمي، قائلا إن المفاوضات تمتد على مدار أربعة أشهر، مر منها نحو شهر.
وأضاف فهمي في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن هناك انفراجة كبرى في المفاوضات وخاصة بعد عودة الاتصالات السياسية بين أديس أبابا والقاهرة، مشيرا إلى أن هناك مناخا جديدا تشكل.
وبين أن هناك تكتما حول المعلومات عن المفاوضات وجولتها لإنجاحها، معتقدا أن هذا المناخ الجيد في ظل بحث الدولتين عن المصالح المشتركة، سوف يسمح بتحريك وإنجاز المفاوضات في المدة المحددة.
أستاذ العلوم السياسية رأى أيضا أن حقوق القاهرة ثابتة ومستمرة وآمنة، ولا يوجد ما يهددها في هذا التوقيت رغم إعلان الجانب الإثيوبي بداية الملء الرابع، مؤكدا أن موقف القاهرة واضح وقوي في ظل دعم عربي ومواقف دولية تدعم حقوقها.
اتفاق قانوني ملزم
ومن جانبه، أكد المتخصص في القانون الدولي العام، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، محمد محمود مهران، على ضرورة التعاون، وإبداء حسن النوايا، والوصول لتفاهمات بين كافة الأطراف لإبرام اتفاق قانوني ملزم للجميع بشأن مواعيد ملء وتشغيل السد، والنص بالاتفاق على اللجوء إلى التحكيم الدولي لتسوية أي نزاعات قد تنشأ مستقبلا.
مهران طالب في حديث لـ"العين الإخبارية" بضرورة وقف أي تصرفات أحادية من الجانب الإثيوبي، وتطبيق ما جاء باتفاقية المبادئ لعام ٢٠١٥، والتي نصت على مبادئ عامة معمول بها في الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية تؤكد على التزامات الدول في مثل هذه النزاعات.
وتابع أن أبرز هذه المبادئ والمتمثلة في مبدأ التعاون، ومبدأ عدم التسبب في الإضرار بالدول الأطراف، ومبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، والتعاون في ملء وإدارة السد، وأمان السد، ومبدأ التسوية السلمية للمنازعات
وأشار إلى أن جميع هذه المبادئ مشروحة بشكل كاف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتّحدة لعام 1997 بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية.
واستكمل أستاذ القانون الدولي، "أقر التحكيم الدولي كذلك، مبادئ هامة في هذه القضية مثل مبدأ السيادة الإقليمية المحدودة للدول المتشاطئة والذي يحظر على دول المنبع إجراء أي تغيير في مجرى النهر بطريقة تشكل أضراراً للدول المشتركة معها فيه".
وأوضح أن العدالة المائية ترتبط بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول وهذا المبدأ مستقر عليه في القانون الدولي، ويعني أن تستخدم الدول مواردها المائية المشتركة في أقاليمها بأسلوب منصف ومناسب وأن تتشارك الدول مع بعضها البعض المياه بشكل عادل وبأقل ضرر للجميع.
وعقب لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في شهر يوليو/تموز الماضي، أصدرا بيانا التزمت فيه إثيوبيا، بأنه "أثناء ملء السد خلال العام الهيدرولوجي 2023-2024، لن يتم إلحاق ضرر ذي شأن بمصر والسودان، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين".
ويثير سدّ النهضة منذ بدء بنائه خلافاً إقليمياً، إذ تتخوّف دولتا المصب، مصر والسودان، من تبعات السد على أمنهما المائي، فيما تشدّد أديس أبابا على أهميته لتوليد الكهرباء والتنمية في البلاد.
وفي فبراير/شباط 2022، بدأت إثيوبيا إنتاج الطاقة من سد النهضة، إذ تعول أديس أبابا على السد ليكون قاطرة التنمية في البلاد، مستهدفة الوصول إلى أكثر من 6 آلاف ميجا وات عند الانتهاء من بنائه.
aXA6IDEzLjU4LjQwLjE3MSA= جزيرة ام اند امز