سوء إدارة فادح يعيق برنامج الغواصات النووية البريطاني
تواجه بريطانيا أزمة غير مسبوقة في برنامج غواصاتها النووية، حيث كشفت تقارير عن تدهور معدلات الجاهزية، وإخفاق إداري ومالي طويل الأمد.
جاء التحذير على لسان نخبة من الخبراء والمسؤولين السابقين، الذين حذّروا من أن البلاد "لم تعد قادرة على إدارة برنامج غواصات نووية"، في إشارة إلى وضع قد يُهدد أحد أركان الردع الاستراتيجي البريطاني المتبقي.
ووصف الأدميرال فيليب ماثياس، المدير السابق للسياسة النووية بوزارة الدفاع، وضع أسطول الغواصات بأنه يعاني من معدلات جاهزية "منخفضة بشكل صادم". وأرجع هذا التدهور إلى عقود من سوء الإدارة والتخطيط، قائلاً: "يستمر الأداء في جميع جوانب البرنامج بالتدهور في كل بُعد... إنه فشل كارثي في التخطيط للخلافة والقيادة".
وقد عزز هذا التحذيرَ تصريحٌ سابق لسيمون كيس، المسؤول عن خطة بناء الغواصات، أمام لجنة الدفاع البرلمانية في نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث وصف الوضع بأنه نتيجة "عقود من الإهمال" أضعفت الصناعة، وخلص إلى القول: "بطريقة ما، أصبحنا أكثر دولة نووية محرجة في العالم".
برامج متعثرة
تتركز الأزمة في برنامجي الغواصات الرئيسيين للبحرية الملكية تتمثل في غواصات الهجوم من فئة أستيوت التي عانت من تجاوزات هائلة في التكاليف والتأخير.

ورغم دخول الغواصة السادسة، إتش إم إس أجاممنون، الخدمة في سبتمبر/ أيلول، إلا أن بنائها استغرق أكثر من 13 عاماً، وهي أطول مدة في تاريخ البحرية البريطانية. كما يعاني الأسطول الحالي من مشاكل فنية مستمرة تشمل عدم القدرة على بلوغ السرعات القصوى المقررة، والتسريبات، والتآكل، مما يحد من فعالية الغواصات التشغيلية.
وكذلك غواصات الصواريخ الباليستية من فئة دريدنوت التي يواجه تطوير الجيل الجديد منها أيضاً تأخيرات وتكاليف متصاعدة، مما يهدد تحديث الركن الأساسي للردع النووي البريطاني.
تحديات ضخمة وتطلعات غير واقعية
في مواجهة هذا التراجع، كشفت وزارة الدفاع في يونيو/ حزيران عن خطة طموحة لتوسيع أسطول غواصات الهجوم النووية إلى أكثر من الضعف، بهدف الوصول إلى 12 غواصة هجومية من الجيل التالي. إلا أن هذا الهدف يُنظر إليه على أنه غير واقعي في ضوء الإرث الحالي من الإخفاقات.
فتكلفة الغواصة الواحدة من فئة أستيوت تجاوزت ملياري دولار، بينما يتوقع أن تصل تكلفة الغواصة الواحدة من الجيل القادم (المعروف باسم إس إس إن-أوكوس) إلى نحو أربعة مليارات دولار مع الأخذ بالاعتبار التقنيات المتطورة.
هذا الاتجاه من تجاوز الميزانيات ليس جديداً؛ فهو يُذكر بالمشاكل التي واجهتها برامج أسلحة كبرى سابقة مثل المدمرات من فئة تايب 45، التي خُفض أسطولها المخطط إلى النصف، وطائرات إف-35 بي، التي من غير المتوقع أن تصل إلى نصف العدد المخطط الأصلي وهو 138 طائرة.
دعوات لإعادة النظر في الأولويات والشراكات
في ضوء هذه التعقيدات، دعا الأدميرال ماثياس الحكومة البريطانية إلى إعادة تقييم جذرية لالتزاماتها، مشيراً على وجه الخصوص إلى ضرورة "الانسحاب من اتفاقية أوكوس" الثلاثية مع أستراليا والولايات المتحدة، والتي تهدف إلى تزويد البحرية الملكية بما يصل إلى 12 غواصة نووية جديدة.
واقترح، بدلاً من ذلك، التركيز على أنظمة أكثر فاعلية من حيث التكلفة، مثل الغواصات الصغيرة غير المأهولة.
يأتي هذا في وقت أصبح فيه أسطول الغواصات النووية، إلى جانب القوات الخاصة، أحد المجالات القليلة التي لا تزال المملكة المتحدة تحتفظ فيها بقدرات تنافسية على المستوى العالمي، وسط تراجع حاد في أسطولها السطحي وقدراتها الجوية والبرية التقليدية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA==
جزيرة ام اند امز