تريد جماعة الحوثي سلاما مبنيا على إرهابهم القمعي، وإدارتهم العنصرية لكيان سلطتهم، لا يرغبون في شراكة أو تحالفات.
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية رسالة من القيادي الحوثي ورئيس لجنتها الثورية اليد العليا لبسط نفوذ القمع في مناطق سيطرتهم، موجهة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مفادها رؤيتهم لإحلال السلام وبسط الاستقرار والدعوة للمصالحة في اليمن، وتفاصيل كثيرة تتصل بالدعوة للانتخابات وانتخاب رئيس وبرلمان جديد.
هذه التفاصيل التي احتوتها المذكرة من جمل وكلمات وفقرات تثير وعلى أقل تقدير السخرية، فعندما تدعوك جماعة من العصور الوسطى، فكراً ومنهجاً وتطرفاً، وتؤمن بأن عرقاً عنصرياً ونسلاً جاهلياً جديراً بأن يحكم الناس ويعبث بحياتهم ويمارس كل أنواع القمع والاعتقال والإرهاب الاجتماعي والسياسي بهم، لا يكون أمامنا سوى السخرية من أقدار سوداوية أوصلت اليمنيين إلى أزمان غابرة من الجهل والتخلف.
الجانب الأهم في هذه الرسالة ما تقصده هذه الجماعة من دعوات يروج لها ليبراليو التطرف المساند لهم في منظمات ودول مختلفة في العالم، يقصدون بها الإيعاز بأنهم دعاة سلام، محاولين جبر الضرر الذي سيتجرع اليمنيون ويلاته عقوداً طويلة، في ظل تعمد إغراق المجتمع في فرقة وخلاف وتحكم موجه للفكر والدين والحياة الاجتماعية.
تريد جماعة الحوثي سلاماً مبنياً على إرهابهم القمعي، وإدارتهم العنصرية لكيان سلطتهم، لا يرغبون في شراكة أو تحالفات، هم حتى قتلوا ونكلوا برئيس فريقهم للتفاوض، قتلوا صالح والزوكا وهما صاحبا الغطاء والتأثير السياسي الذي كانت جماعة الحوثي تتستر فيه، سلامهم متطرف عبثي لا جدوى منهم سوى إعادة ترتيب أوراقهم، وجمع ما تفرق من شتات أنصارهم.
الجبهات المفتوحة اليوم باتت بحاجة إلى قدرة فائقة من التنسيق المتكامل، خصوصاً في ظل مواجهة جماعتي الحوثي في شمال الشمال، و"القاعدة" الإرهابية
تدرك هذه الجماعة أنها باتت تغرق وتخسر الكثير من الأنصار والحضور السياسي والاجتماعي والعسكري والجغرافي، وهذا ما أعلنته بعض قياداتهم صراحةً، وهي الآن في حالة تخبط، فهي لم تتمكن من استكمال مخطط الاستحواذ على مناطق سيطرتهم رغم قمعهم المتطرف بل تخسرها كل يوم، وفشلت تماماً في مخطط الدعوة للتجنيد، فحتى أنصارهم أصبحوا يدركون أنهم دعاة الموت دون هدف حقيقي ذي قيمة، فالبناء عنصري والدعوة جاهلية.
هذه الشواهد تحتاج إلى تكاتف الحضور الشرعي للدولة اليمنية وتقوية يدها في مختلف المناطق، في حضور فعال ومساند قوي من قوات التحالف العربي، تتجاوز خلافات التفاصيل الصغيرة، والعابرة وغير المؤثرة، فالمشروع والهدف واحد وحقيقي ومصيري، يأتي في مقدمته الحفاظ على الأمن القومي العربي في عموميته، والأمن القومي لليمن ودول مجلس التعاون الخليجي في خصوصية، وديمومية أهدافه الاستراتيجية، وأهمية أهدافه التكتيكية، فالجبهات المفتوحة اليوم باتت بحاجة إلى قدرة فائقة من التنسيق المتكامل، خصوصاً في ظل مواجهة جماعتي الحوثي في شمال الشمال، و"القاعدة" الإرهابي وما تبقى له من حضور وثغور في مناطق مختلفة من حضرموت، وهي ذات التوجهات التدميرية والفوضوية والأفكار المتطرفة الداعية للموت والقتل والتدمير على مر تاريخ تأسيسها وحضورها في اليمن والمنطقة.
الشاهد الأهم أن التوجه الحقيقي لأهداف مشتركة لابد أن يستكمل طريقه نحو النفاذ والتحقيق، لغاية سامية سيشهد لها التاريخ دون شك، فإبقاء اليمن تاريخياً عربياً شامخاً ضرورة لليمن والخليج والمنطقة، وأنا على يقين أن الجميع يدرك ذلك بإيمان وقناعات تمامة كاملة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة