أكاديمي إسرائيلي لـ"العين الإخبارية": حرب أوكرانيا نقطة تحوّل بالعلاقات الدولية
ملامح جديدة للعلاقات الدولية والنظام العالمي ترسمها حرب أوكرانيا؛ الصراع الذي يشكل نقطة تحول تبعثر المقاربات القائمة.
مقاربة استشرافية مبنية على ارتدادات الحرب الروسية الأوكرانية منذ نحو 3 أسابيع، يقدمها الأكاديمي الإسرائيلي إيتان جلبوع، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بار إيلان.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، تناول الأكاديمي، وهو زميل أول في معهد القدس للإستراتيجية والأمن، حيثيات الحرب في أوكرانيا مستشرفا ملامح التحولات التي ستحدثها على النطاق العالمي.
وأشار إلى أن الأوضاع تتجه نحو 3 قوى عظمى متنافسة هي الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين، معربا عن قناعته بولادة نظام دولي جديد تتنافس فيه واشنطن وأوروبا والصين، فيما تتراجع روسيا بحيث "لن تكون تلك القوة العظمى التي كانت عليها في الماضي".
وخلص البروفيسور -وهو زميل أول في مركز الدبلوماسية العامة بجامعة جنوب كاليفورنيا- إلى أن مرحلة القطب الواحد انتهت على الصعيد الدولي.
وفي ما يلي نص المقابلة:
*ما قراءتكم لتأثير الحرب الجارية في أوكرانيا على النظام العالمي؟
أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، بمعنى أوروبا الشرقية والغربية، والصين سترغب بتقليص قوة روسيا في الشؤون الدولية.
أقول ذلك لأن الصين ليست بحاجة إلى منافس آخر، تريد الصين أن تكون قوة عظمى في العالم، وأن تتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية وربما أوروبا ولكن ليس روسيا.
نعلم أن روسيا طلبت من الصين دعمها في الحرب، وهي تريد مساعدتها قليلا وليس كثيرا، لأنها تريد أيضا إضعاف الولايات المتحدة الأمريكية.
أعتقد أن مرحلة القطب الواحد قد انتهت، وهذا ليس فقط بسبب الحرب في أوكرانيا وإنما أيضا -على الأقل- منذ فترة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وسلفه دونالد ترامب وأيضا جو بايدن، جميعهم لا يريدون أن تبقى واشنطن شرطي العالم.
وتبعا لذلك، سنرى -برأيي- نظاما دوليا جديدا، أعتقد أن الولايات المتحدة وأوروبا والصين ستتنافس مع بعضها البعض في حين أن روسيا ستتراجع ولن تكون تلك القوة العظمى التي كانت عليها في الماضي.
*هل تعتقدون أن الحرب تدور فعليا بين واشنطن وموسكو؟
الموضوع الحقيقي هو طموح الرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين بأن يتم احترامه كقوة عظمى، وأيضا استعادة الاتحاد السوفيتي السابق، هذه هي أهدافه، والسؤال هو ما إذا كانت روسيا ستقوى وتحسن وضعها كقوة كبرى نتيجة للحرب في أوكرانيا أم أنها لن تتمكن من ذلك وستضعف.
السؤال أيضا هو إذا ما كان هدف العودة إلى الاتحاد السوفيتي سيتضرر بشدة وما إذا كان (حلف شمال الأطلسي) الناتو بزعامة الولايات المتحدة سيقوى نتيجة للحرب.
أعتقد أنه طالما بقي بوتين هناك واستمرت الحرب فإنه سيخسر، لقد أساء تقدير أمرين: الأول العزم الأوكراني على القتال، وثانيا قدرة الولايات المتحدة والغرب على الوحدة ضده.
*أي تأثير ترونه للعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على روسيا؟
هذا أمر يخضع لتقديرات مختلفة في أوساط السياسيين والخبراء، إنها المرة الأولى بالتاريخ التي يتم فيها فرض نوع مماثل من العقوبات على قوة كبيرة جاهزة بشكل جيد لمواجهتها.
أعتقد أن هذه العقوبات ستبقى لفترة طويلة ولن يتم رفعها قريبا وكلما بقيت قائمة زادت الأوضاع الاقتصادية في روسيا سوءا، وسيقوم الروس بمقارنة أوضاعهم الاقتصادية قبل الحرب وبعدها.
والسؤال هو إلى أي مدى ستؤثر هذه العقوبات على الرئيس الروسي داخليا؟
هذا ما كانت تأمله إدارة ترامب ضد النظام الإيراني، فهي اعتقدت أن العقوبات الشديدة ستقوض هذا النظام ولكن هذا لم يحدث، ومع ذلك فإن الأوضاع في إيران مختلفة عن تلك الموجودة في روسيا.
ربما ستتعزز قوة المعارضة في روسيا ولا ندري كيف سيؤثر هذا على نظام بوتين، إنها أسئلة لا نملك إجابات عنها، ولكن أعتقد أن الحرب تمثل نقطة تحول في العلاقات الدولية.
أعتقد أننا نرى حربا لم يتوقع أحد أن تحدث، إنها مثل الحرب العالمية الثانية حيث ملايين اللاجئين والمدن المدمرة، نعم لدينا ما جرى في سوريا حيث قتل نصف مليون شخص وهناك ملايين اللاجئين ولكن هي بالمنظور حرب أهلية، بينما هنا نحن نتحدث عن غزو روسي والحديث عن مستوى الحرب وهي في داخل أوروبا وبالتالي هذه قصة أخرى.
*إذا ما تداعيات ذلك على أوروبا؟
برأيي أن الغرب يشهد صحوة خاصة أوروبا التي كانت تعتقد أن حربا مماثلة لا يمكن أن تحدث وتجاهلوا كل أنواع الإشارات عن نوايا بوتين اللجوء إلى القوة لتحقيق أهدافه، ولم يكونوا مستعدين عسكريا.
في أوروبا كان هناك نوع من الاسترخاء وتم خفض الميزانيات العسكرية بشكل كبير وأخطأت ألمانيا بشكل كبير بالاعتماد على الغاز الروسي.
الغرب يشهد صحوة حتى إن ألمانيا أعلنت عن استثمار أموال كبيرة للأغراض العسكرية وأعتقد أنهم أعلنوا عن تخصيص مليار يورو لأهداف عسكرية، ولذا أعتقد أن كل الغرب، الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، سيسعون لأن يصبحوا أكثر قوة من روسيا وهذا ما يقودني إلى الاعتقاد بأن بوتين خسر الحرب فعلا ببعدها الاستراتيجي، فقد يفوز بها في أوكرانيا ولكنه خسرها في النظام العالمي.
*لماذا يطالب الرئيس الأوكراني بإجراء مفاوضات وقف إطلاق النار في إسرائيل؟
برأيي أن كل ما يجري حاليا من مفاوضات بين أوكرانيا وروسيا يتعامل مع قضايا إنسانية وهي منخفضة المستوى، ولا أعتقد أن الطرفين جاهزان لاتفاق حقيقي، تعلمنا من التاريخ أن الأطراف تتفاوض بجدية لنهاية صراع أو حرب عندما يعانيان من ضرر كبير جدا، من الواضح أن الطرفين يعانيان من كل أنواع المشاكل والأضرار وخاصة أوكرانيا، ولكن السؤال الآن هو ليس أين ستجري المفاوضات وإنما من الذي سيتفاوض وما هي المواضيع على جدول الأعمال؟
روسيا تريد من أوكرانيا أن تخضع لها، وهذا لن يحدث، على الأقل ليس الآن، لذلك لا يهم أين ستجري المفاوضات وإنما المهم أن تكون الأطراف جاهزة للتفاوض على حل.
*هل تستشرفون قرب وقف إطلاق النار في أوكرانيا؟
لا أرى وقف إطلاق نار الآن، أوكرانيا تريد وقف إطلاق من أجل وقف الضرر والدمار ولكن بوتين ليس معنيا لأن هذا سيوقف الزخم الذي أطلقه، فهو يريد الاستمرار ولذا فهو غير معني بوقف إطلاق النار ويكفي أن يكون هناك طرف واحد لا يريد ذلك لكي لا يحدث وقف إطلاق النار، فهو قد يكون مستعدا لوقف إطلاق نار حالما يحقق بعض أهدافه.
*رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يضطلع بوساطة بين كييف وموسكو. كيف تقيمون هذا الدور؟
بخصوص المحادثات والاتصالات التي تجري بين رئيس الوزراء نفتالي بينيت وكل من الرئيسين الروسي والأوكراني، فإن بينيت ليس وسيطا بمعنى الكلمة وإنما ينقل الرسائل.
فالوسيط ينشط في بحث اقتراحات وعروض ويعرض أفكاره الخاصة، وحسب معلوماتي فإن هذا لم يحدث، ففي محادثاته مع بوتين ورئيس أوكرانيا وقادة غربيين، أعتقد أن بينيت كان يعمل كناقل رسائل، فهو ينقل الرسائل من طرف إلى آخر بدون إحراز تقدم كبير.
aXA6IDE4LjExOS4xNDMuNDUg جزيرة ام اند امز