الأكيد أن تلك المباراة هي الأهم في مسيرة أي لاعب في كرواتيا أو فرنسا.. لأن لديك فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة وربما مرتين لو كنت محظوظاً
أنام مثل الأطفال.. كنت هكذا منذ الصغر، ويمكنكم سؤال أمي، بإمكاني النوم لمدة 12 ساعة قبل أي مباراة كبرى، لكن في مرة وحيدة لم أكن قادراً على النوم بتلك الأريحية، وهي ليلة نهائي كأس العالم 2010.
إن مدريد قد تكون مدينة صعبة على لاعبي برشلونة لكن عندما تفوز مع إسبانيا لا يهم وقتها أين تلعب لمدريد أم برشلونة أم إشبيلية أم فالنسيا.. أنت إسباني وجميعنا معاً إنه أمر خرافي أن تجمع بلدك كلها معاً
بالنسبة للاعب كرة القدم التتويج بكأس العالم هو أكبر إنجاز في تاريخك، وتبقى تمريرة هدف الفوز التي أرسلتها لأندريس إنييستا هي اللحظة الأهم في مسيرتي الكروية.. النصيحة التي حصلنا عليها في الطائرة خلال الرحلة التي استغرقت 10 ساعات للعودة إلى مدريد أن نحاول الحصول على قسط من النوم لأن الاحتفالات في إسبانيا ستكون أطول وأصعب.
الكأس كانت معنا على الطائرة، فكيف لنا أن ننام؟ الوحيد الذي تمكن من النوم كان كارليس بويول، نام بعمق بعد ساعة أو ساعتين على الطائرة، أخذنا جميعنا صورة خلفه لأننا لم نصدق أنه نام في تلك اللحظة.
كنا نعلم مدى الاستقبال الذي سيكون لنا في مدريد، كنا أبطال أمم أوروبا قبل عامين، والاستقبال كان خرافياً، لقد احتجنا وقتها إلى 3 ساعات من المطار إلى مركز الاحتفالات، كنا نعلم أن الحفل لن يكون أكبر لكنه كان على مستوى آخر يليق بكأس العالم.
الشوارع كانت مكتظة بملايين من الناس، كانت أفضل حفلة على الإطلاق، عندما تفوز بلقب كبير مع بلدك يتغير كل شيء.. لم يكن هناك مكان للون آخر إلا أحمر إسبانيا.
إن مدريد قد تكون مدينة صعبة للاعبين يلعبون في برشلونة، لكن عندما تفوز مع إسبانيا لا يهم وقتها أين تلعب، لمدريد أم برشلونة أم إشبيلية أم فالنسيا.. أنت إسباني وجميعنا معاً، إنه أمر خرافي أن تجمع بلدك كلها معاً، نحن فعلنا ذلك في ست سنوات متتالية بـ3 ألقاب على التوالي.
ربما لم نكن نقدر بالمعنى الحقيقي حجم ما قمنا به وقتها، لأننا كنا مشغولين بالاحتفالات والعمل على البطولات الأخرى، لكن عندما تكبر تدرك كم الإنجاز الكبير الذي حققته ومعناه لبلد بأسره.
تسمع قصصا عن جماهير قدمت من كل حدب وصوب في إسبانيا ودفعت مبالغ باهظة وساعات من عمرها من أجل تشجيعك سواء في المباريات أو في الاحتفالات عند العودة، ستعلم وقتها أهمية الإنجاز، حتى حين أقدم إلى مدريد الآن أحظى بنفس الحفاوة، والسؤال يكون عن أمرين، ركلة الجزاء التي سددتها ضد إيطاليا في كأس أمم أوروبا وتمريرتي لإنييستا في نهائي كأس العالم.
هناك صورة لي في منزلي وأنا أحتفل بالتتويج باليورو، ولديّ صورة رسمها لي صديق لي وأنا أرفع كأس العالم، وضعتها مؤخراً على "إنستقرام" وهي خاصة جدا لي.
كان بإمكاني قبل هدف إنييستا بـ5 دقائق أن أسجل بنفسي، وكان إنييستا هو الممرر وقتها، لكني حتى منذ الطفولة تكمن مهارتي في صناعة الأهداف.
ما زلت في غاية الفخر لأنني كان لي دور حاسم وفعال، وسيكون لشخص آخر نفس التأثير في لقاء فرنسا وكرواتيا يوم الأحد، لكن عليّ أن اعترف بأنني رغم مشاهدتي لكل مباريات البطولة تقريباً فإنني لا أعتقد أنني سأشاهد النهائي.
منذ حملي لكأس العالم، التي هي أثقل مما قد تتخيل، لا أحب أن أرى فريقاً يحمل الكأس، ربما لو كانت إنجلترا قد تأهلت للنهائي لكان الوضع سيختلف، لأنها بلدي الثاني وأعلم كم سيكون مثيراً للعديد من أصدقائي لو فازت بلادهم بالمونديال.
شاهدت مباراة نصف النهائي في منزل صديق إنجليزي، كانوا يرتدون قمصان الأسود الثلاثة وكانت الأجواء رائعة، وحتى بعد فوز كرواتيا لم يوجه أحد اللوم، الجميع فقط كانوا يؤازرون جاريث ساوثجيت ولاعبيه وأعتقد أنه كان أمرا جيدا.. على كل حال لا أشاهد النهائي حين لا تلعب فيه إسبانيا، قد أفترض أنه خرافة.
لكن الأكيد أن تلك المباراة هي الأهم في مسيرة أي لاعب في كرواتيا أو فرنسا.. لأن لديك فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة وربما مرتين لو كنت محظوظاً في حياتك.
• نقلاً عن صحيفة "تليجراف" البريطانية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة