على وقع فشل التأليف.. لبنان يتجه إلى تعزيز حكومة تصريف الأعمال
توسيع مفهوم حكومة تصريف الأعمال سيكون بشكل يمكّنها من الاجتماع لإقرار بعض المشاريع الضرورية ومنها مشروع الموازنة ومشاريع أخرى.
مع تراجع نسب التفاؤل بتشكيل الحكومة قريبا وفي ظلّ الاستحقاقات الاقتصادية التي تنتظر لبنان ومنها إقرار موازنة تسيير، والاستفادة من أموال مؤتمر "سيدر"، عاد الحديث مجددا على الساحة الداخليّة حول إمكانيّة توسيع مفهوم حكومة تصريف الأعمال.
وسيكون توسيع مفهوم حكومة تصريف الأعمال بشكل يمكّنها من الاجتماع لإقرار بعض المشاريع الضرورية ومنها مشروع الموازنة ومشاريع أخرى ترتبط بحياة المواطن مباشرة.
وكما في الملف الحكومي لم يتفق اللبنانيون على السير في موضوع توسيع مفهوم تصريف الأعمال، بل على العكس تحوّل الموضوع إلى خلاف سياسي جديد يضاف إلى الخلافات الموجودة أصلا.
فكتلة "التنمية والتحرير" ومن خلفها رئيس مجلس النواب نبيه برّي لا ترى مانعا في الأمر منطلقة من ضرورة إقرار الموازنة، فيما يعارض "التيّار الوطني الحر" ومن خلفه رئيس الجمهوريّة ميشال عون بشدّة تفعيل حكومة تصريف الأعمال انطلاقا من أمور عدّة منها أنّ السير في هذا الأمر يعني بطريقة غير مباشرة زيادة تباطؤ المشاورات الحكومية وأنّه لا يمكن لحكومة "تصريف الأعمال" إقرار موازنة تلزم بها الحكومة.
أمّا الطرف المعني مباشرة بالتأليف أي رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، فلا يبدو ممانعا لتفعيل تصريف الأعمال، إذ قال مصدر من تيار المستقبل، لـ"العين الإخبارية" إنّه يفضّل وفي الدرجة الأولى تشكيل حكومة، ولكن في حال الاستمرار في تعثّر التأليف ستفرض ضرورات القضايا الملحة ولاسيّما المتعلقة بحياة المواطنين وتحريك الوضع الاقتصادي تفعيل تصريف الأعمال.
وعلى الرّغم من عدم دستوريّة توسيع معنى تصريف الأعمال أصبحت هذه الخطوة حاجة ملحّة حاليا برأي الخبير الدستوري الدكتور بول مرقص.
وقال مرقص في حديث لـ"العين الإخبارية" إنه قبل الطائف وعشية الحرب اجتمعت حكومة تصريف الأعمال وأقرّت مشاريع، إلّا أنّ مفهوم تصريف الأعمال بعد اتفاق الطائف أصبح "بالمعنى الضيّق فقط" وبالطبع الموازنة لا تدخل ضمن هذا المعنى، مضيفا القول: "لكن لأنّ لبنان يعيش في فوضى دستورية وبسبب الواقع السياسي والإطالة في تشكيل الحكومة التي تخطّت المهل المعقولة أصبح لا بدّ من تسيير شؤون الناس وأصبح تفعيل تصريف الأعمال حاجة".
وذكر مرقص أن المجلس النيابي وفي الوقت الذي كان عليه أن يجتمع لإعطاء الثقة في حال تشكيل الحكومة اجتمع لإقرار تشريعات سميّت ضرورية وهذا مخالف للدستور أيضا.
وفي الوقت الذي يتخوّف البعض من تحوّل توسيع مفهوم تصريف الأعمال إلى عرف، وأن يسهم بطريقة غير مباشرة بزيادة أمد تشكيل الحكومة يرى أمين سر كتلة "الجمهورية القوية" النائب السابق فادي كرم أنّ هذا الأمر ليس بديلا عن تأليف الحكومة، ولكنّه حلّ لتسيير شؤون البلد والناس.
وقال كرم في حديث لـ"العين الإخبارية" إنّ "حزب القوات" كان من أوّل الأحزاب التي دعت إلى تفعيل دور حكومة تصريف الأعمال؛ لأنّها رأت أنّ العقد كبيرة وأنّها مرتبطة بأمور خارجية في ظلّ وجود قرار عرقلة من أجل العرقلة تبيّن بعدما تنازل "القوّات" تسهيلا لتشكيل الحكومة فظهرت عقدة جديدة.
وأضاف كرم أنّه لا بدّ من تفعيل تصريف الأعمال للتعامل مع الأمور الطارئة والملفات الاقتصادية ولمنع الانهيارات، موضحا أنّه من الضروري اللجوء إلى قرارات استثنائية لها صفة تشريع الضرورة؛ لأنّ أفق التشكيل يبدو مسدودا، فبات اجتماع الحكومة تحت بنود الضرورة حاجة لاستمرار الوطن وليس لتثبيت الأمر كعرف.