لبنان مهدد ماليا واقتصاديا.. والسبب حكومته
"موديز" خفضت أيضا التصنيف السيادي للبنان إلى (Caa1) وعدلت نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية
في الوقت الذي تتأرجح فيه أسهم الحكومة بين تفاؤل بتشكيل وتشاؤم بتأجيل تسير المؤشرات الاقتصادية في طريق انحداري واحد تزداد معه التحذيرات يوما بعد يوم، وكان آخرها إعلان وكالة "موديز" تخفيض التصنيف الائتماني للودائع طويلة الأجل لثلاثة مصارف لبنانية هي "بنك عودة" و"بلوم" و"بيبلوس" من (B3) إلى (Caa1) والتي تعتبر درجة مخاطرة عالية.
"موديز" خفضت أيضا التصنيف السيادي للبنان إلى (Caa1) وعدلت نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، الأمر الذي يعكس ارتفاع المخاطر الناجمة عن استجابة الحكومة لتوفير السيولة والاستقرار المالي، وإعادة جدولة الدين أو أي إجراءات أخرى تؤدي إلى تخلف عن السداد وفق ما تقول الوكالة.
- البنك الدولي: اقتصاد لبنان هش ويحتاج إلى إصلاح
- لبنان يكشف عن خطة لإنقاذ الاقتصاد من "تطورات دراماتيكية"
الخبير الاقتصادي سامي نادر، في حديث لـ"العين الإخبارية" شرح أنه عادة ما يؤدي خفض التصنيف إلى رفع معدل الفوائد على سندات الدين، ما يعني أيضا تباطؤ النمو الاقتصادي والذي بطبيعة الحال يعني أزمة اقتصادية وزيادة نسبة البطالة والمزيد من هجرة الشباب.
وفيما خص تصنيف "موديز" للمصارف الثلاثة، يوضح نادر أن الأمر مرتبط بتصنيف البلد وسندات الخزينة التي تحملها البنوك أيضا.
وفي الوقت الذي تحدثت فيه وكالة "موديز" عن أن ارتفاع احتمال التخلف عن السداد سببه غياب الحكومة التي من المفترض أن تعمل على الاستقرار النقدي والحد من العجز المالي، وأن تضع الخطط لاحتواء الدين العام وارتفاع أسعار الفوائد في ظل تدهور ظروف التمويل المحلية والخارجية، اعتبر نادر أنه من الطبيعي أن يكون التعويل على تشكيل حكومة تستفيد من أموال "سيدر" وتضع خططا للنهوض الاقتصادي، موضحا أن السؤال الأبرز هو "نوع الحكومة" لأن تشكيل حكومة على نسق الحكومات السابقة وحسب المعطيات الموجودة لن تغير شيئا في الوضع الاقتصادي.
وأضاف نادر أن تراجع تصنيف لبنان بدأ في زمن كانت فيها حكومات لم تضع خططا للنهوض الاقتصادي ولم تسهم في تقليل الدين العام، بل على العكس اعتمدت سياسات اقتصادية خاطئة وغير علمية، راكمت الدين وأوصلت البلد إلى ما نحن عليه اليوم.
تصنيف "موديز" لم يشكّل مفاجأة بالنسبة للمطلعين على الاقتصاد اللبناني، انطلاقا من المؤشرات الاقتصادية والمالية السيئة في بلد لم يتجاوز فيه النمو أقلّ 1% مع نهاية العام الماضي، في وقت تجاوز فيه العجز 10% من حجم الاقتصاد، أمّا الدين العام فوصل إلى 85 مليار دولار أي 155% من حجم الناتج المحلي.
كما أنّ هذا التصنيف لم يفاجئ مراكز القرار في مصرف لبنان المركزي وفي جمعية المصارف، إذ أكدت تقارير صحفية أن "موديز" أبلغت المسؤولين الماليين في لبنان بأنها ستضطر الى إعلان هذا الإجراء في حال تواصل التعثر في موضوع تأليف الحكومة، وأن الوكالة استجابت لأشهر طويلة لتمنيات مسؤولين ماليين محليين طلبت تأجيل هذا الإجراء.
ويبدو أن "موديز" أجلت إجراء تخفيض تصنيف لبنان أيضا استجابة لتمنيات وكالتي "ستاندرد أند بورز" و"فيتش" إثر تزويدهما "موديز" بمعلومات إيجابية متعلقة بالملف الحكومي.
خفض التصنيف جاء بعد تصريحات لوزير المال علي حسن خليل، تحدث فيها عن "إعادة هيكلة الدين العام" والتي تراجع عنها لاحقا موضحا أن القصد كان "إعادة جدولة الدين العام بالتنسيق مع مصرف لبنان والمصارف"، كما أتى التصنيف أيضا بعدما أصدر مصرف لبنان قرارا بإلزام المؤسسات المالية غير المصرفية على تسديد الحوالات الآتية من الخارج بالليرة اللبنانية.
وكانت "موديز" أكدت في ديسمبر/كانون الأول الماضي في تقريرها الدوري والذي غيّر الرؤية المستقبلية من "مستقرة" إلى "سلبية"، أن تأكيد التصنيف عند B3 يشترط تشكيل حكومة في المدى القريب وتنفيذ الإصلاحات التي من شأنها أن تحسن أوضاع المالية العامة في إطار الحصول على قروض "سيدر".
aXA6IDMuMTM4LjM3LjQzIA== جزيرة ام اند امز