بعد فشل جولته الأوروبية.. هل تخلى الغرب عن فايز السراج؟
جهود حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج في الحصول على دعم أوروبي ضد الجيش الليبي باءت بالفشل.
فشلت الجولة الأوروبية التي أجراها رئيس حكومة الوفاق الليبية بطرابلس فايز السراج، وطموحه في الحصول على دعم لمواجهة العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الوطني الليبي المعروفة باسم "طوفان الكرامة".
ولم يحصل السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، على ما طمح إليه أثناء جولته الخارجية برفقة وزير خارجيته محمد سيالة ووزير داخليته فتحي باشاغا التي شملت إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، في الفترة من 7 إلى 10 مايو/أيار الجاري.
وكان السراج يأمل، وفقا لبياناته التي اطلعت "العين الإخبارية" عليها، في الحصول على دول أوروبية للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، وحشد التأييد لموقفها وإدانة عملية الجيش الليبي لتطهير العاصمة من الجماعات الإرهابية والمليشيات واستصدار قرار من مجلس الأمن بإيقاف تقدم الجيش الليبي دون المكتسبات التي حصل عليها من إزاحة هذه الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة الإجرامية من مناطق واسعة بطرابلس.
وكان الجيش الوطني الليبي أطلق في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، عملية طوفان الكرامة لتطهير العاصمة الليبية طرابلس من المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، وأحرزت القوات المسلحة تقدما ملحوظا، تم تتويجه بالسيطرة على 8 محاور للمدينة.
دلالات فشل جولة السراج
وتعددت دلالات فشل جولة السراج، حيث وصفت صحف أجنبية، خاصة موقع Africa intelligence زيارة السراج "بالفرصة الأخيرة للرئاسي وأنها كانت جولة فاشلة".
وقال الموقع: "بداية لم يحصل السراج على شيء من مطالبه، واكتفى القادة الأوروبيون بالإعراب عن قلقهم إزاء الأوضاع الأمنية بالقرب من طرابلس، والدعوة إلى وقف إطلاق النار من الطرفين وإلى العودة إلى المسار السياسي، وفقاً لاتفاق أبوظبي، الأمر الذي يرفضه السراج لأنه يعني العودة إلى الحوار مع المشير خليفة حفتر، بصفته القائد العام للجيش الوطني الليبي".
وكان موقف فرنسا في حقيقته مخيبا لآمال حكومة السراج، إذ دعت إلى إجراء تقييم لسلوك المجموعات المسلحة في ليبيا (بما فيها التي تخضع مباشرة لحكومة السراج) بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة، وهو ما يعد ترويضا للمليشيات الإجرامية في طرابلس، وهو ما لم يسعَ إليه السراج من زيارته.
وتوج هذا الفشل بعجز مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ قرار موحد أو الخروج في بيان رسمي موحد تجاه الأحداث في طرابلس، مكتفين بالخروج بتصريحات صحفية من كل بعثة في الجلسة.
هذا الفشل دفع حكومة السراج إلى اتخاذ قرارات عشوائية على القارة العجوز، كردة فعل على فشل جولته، فأصدر وزير الاقتصاد والصناعة في حكومته علي العيساوي، الخميس الماضي، قراراً بوقف التعامل مع 40 شركة أوروبية، أبرزها شركة "توتال" النفطية الفرنسية، و"سيمنس" الألمانية الرائدة في قطاع الكهرباء، والمشرفة على غالبية مشاريع الطاقة في ليبيا؛ بحجة انتهاء التصاريح الممنوحة لها، على الرغم من أن تاريخ بعضها انتهى منذ سنتين أو أربع سنوات، ولم تعتبره حكومة الوفاق طيلة هذه الفترة مخالفة.
استقبال صوري
ويرى بعض المراقبين أن استقبال القادة الأوروبيين للسراج في الفترة الأخيرة لم يكن بهدف دعمه وحكومته، بقدر المحافظة على مصالح بلادهم في ليبيا، والاحتفاظ بمسافة قريبة من الأحداث، والإبقاء لشرعيته الصورية، المفروضة دوليا، كونها الحكومة التي شكلتها الأمم المتحدة، وفق اتفاق الصخيرات 2015.
إذ إن المجتمع الدولي عانى كثيرا من فوضى السلاح وانتشار المليشيات متعددة الرؤوس والتوجهات في ليبيا عامة والعاصمة طرابلس، تحديدا، وما تلا ذلك من انتشار التنظيمات الإرهابية في ليبيا التي تهدد مصالحها في المنطقة، وتحول الصحراء الليبية الشاسعة إلى معامل تفريخ وتدريب لتنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين.
وتبحث دول العالم عن شريك قوي في ليبيا يقضي على الجماعات الإرهابية، ويوقف تيارات الهجرة غير الشرعية، دون المشاركة المسلحة على الأرض، خاصة بعد تورط حلف الناتو في دعم الإرهابيين بالسلاح بالخطأ عام 2011، من خلال دعم من سموهم "الثوار".
وفشل السراج وحكومته خلال 4 سنوات في تكوين مؤسسة عسكرية نظامية تفرض هيبة الدولة وتحمي مؤسساتها السيادية على الأقل، بل فشلت حكومته في تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الخاصة بالترتيبات الأمنية القاضية بإخراج المليشيات من المدن وترك أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، وإعادة تأهيلهم ودمجهم أفرادا في المؤسسات الوطنية.
كما تورطت حكومة الوفاق خلال عملية طوفان الكرامة في دعم وإيواء إرهابيي هذه التنظيمات الإرهابية، وكذلك تعاقدت مع مرتزقة أجانب لتنفيذ عمليات قصف على المدنيين، وتحاول الدول الأوروبية دفع هذه التهم عن نفسها.
وبالتزامن مع هذا الفشل تمكن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في أقل من 4 سنوات من تكوين نواة حقيقية لجيش ليبي موحد، ومؤسسة عسكرية نظامية، تتكون بشكل أساسي من النظاميين خريجي الكليات العسكرية، الذين يحملون أرقاما عسكرية، ويعرفون التراتبية، وإطاعة الأوامر والنظام.
وأسهم الجيش الليبي في القضاء على الإرهاب في العديد من المدن الليبية، بداية من بنغازي وأجدابيا ودرنة ومنطقة الهلال النفطي والجنوب الليبي التي كانت جميعها معاقل للتنظيمات الإرهابية، خاصة القاعدة وداعش، والتنظيمات الموالية لهما.
aXA6IDE4LjE5MS44Ny4xNTcg جزيرة ام اند امز