أقول وبشكل مختصر: لو تحققت تلك الوعود، وتحقق كل ما في القرآن حرفياً، فقد انتفى الهدف الرئيسي للدين والإيمان
منذ ديكارت أصبح العقل والعقلانية يتجلَّيان في المنهج الرياضي الحسابي، فحتى نحكم على أي أمر ما بأنه عقلاني فلابد أن تنطبق عليه الطرق الرياضية، وكل ما هو موجود فهو موجود بمقدار كمي يمكن قياسه، وإذا لم تنطبق عليه تلك المعايير فهو خارج نطاق العقلانية. أنا مؤيد تماماً لهذه النظرية، ولكني مُتَّبِع لمنهج الفيلسوف جان جاك روسو.
الحقائق الدينية "الإيمان" مصدرها القلب، فهي وإن كان فيها جوانب عقلانية إلا أنها تكاد تكون وجدانية في أساسها ومظهرها وتجلياتها. وأنه لمن الظُلم الكبير والجُرم العظيم إخضاع الإنسان بروحه وعقله وجسده لعقلانية صارمة! إنه منهج يُجرِّد الإنسان من كل قيمة روحية هي الأساس لكرامته وكينونته الطاهرة.
إن ما يجهله البعض أن هناك حقائق وعلوما ليست عقلانية بصورتها الرياضية "العلوم الإنسانية على سبيل المثال" نجد أن الكيف فيها يغلب على الكم.
الحقائق الدينية "الإيمان" مصدرها القلب، فهي وإن كان فيها جوانب عقلانية إلا أنها تكاد تكون وجدانية في أساسها ومظهرها وتجلياتها. وأنه لمن الظُلم الكبير والجُرم العظيم إخضاع الإنسان بروحه وعقله وجسده لعقلانية صارمة! إنه منهج يُجرِّد الإنسان من كل قيمة روحية هي الأساس لكرامته وكينونته الطاهرة.
إن الإشكالية لدى غير المؤمن تكمن في عدم فهمه لمسألة أن الدين والإيمان ليسا رياضيات، ففي الرياضيات نجد مثلاً أن: ٢س+س=3س، في الدين ليس الأمر كذلك، سأضرب مثالا مُبسَّطا ليتَّضح المقصود.
يقول الله تعالى: "إن تنصروا الله ينصركم"، فيأتي البعض بعقله الرياضي ويقول: لماذا لا ينصر الله المسلمين والمظلومين؟
آية أخرى: "ادعوني أستجب لكم"، يأتي أيضاً ويقول: أين وعد الله ولماذا لا يستجيب دعاء المسلمين والمظلومين؟
أقول وبشكل مختصر: لو تحققت تلك الوعود، وتحقق كل ما في القرآن حرفياً، فقد انتفى الهدف الرئيسي للدين والإيمان، لأن الكل سوف يؤمن لا محالة، وهنا نستحضر قول الله تعالى: "حتَّى يميز الخبيث من الطيب"، وقوله: "وليُمَحِّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين"، فالدين والإيمان جوهرتان ثمينتان لا يستحقهما إلا من ينالهما عن جدارة، كجائزة نوبل مثلاً لا يمكن الحصول عليها إلا بجهد جبار.
يقول الفيلسوف وعالم الرياضيات باسكال: "الإيمان هو هبة من الله، لا تظنوا أننا نقول إن الإيمان هو هبة التفكير".
ويقول "روسو" متحدثاً عن قضية كثيراً ما يدندن حولها غير المؤمنين والمعترضين على وجود إله مدبر للكون وخالق لكل شيء: "الإنسان فاعل حر، فعله إذاً منه، وما يفعله بإرادة حرة لا يدخل في النظام الذي اختاره الخالق بتدبيره وحكمته، الرب المدبر للكون والساهر عليه لا يريد الشر الذي يقترفه الإنسان بالإسراف في استغلال الحرية المخولة إليه.. من يتذمر من أن الرب لا يثني الإنسان عن فعل الشر يعترض في الواقع على أنه حباه بطبيعة ممتازة وأضفى على أفعاله صفة الأخلاق التي تزيدها شرفاً وتكريماً.. وحتى نستحق تلك الغبطة وضعنا فوق هذهِ الأرض أحراراً لنختار، وبلانا بالشهوات ليمتحننا ووهبنا الضمير لنقاومها...ويحك أيها المُتذمِّر! حتى لا يكون الإنسان شريراً أكان على الباري أن يسجنه في حدود الغريزة ويجعل منه بهيمة؟ حاشاك ربي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة