بعد آلاف السنوات من نزول الكتب السماوية المقدسة، ظهرت طائفة من البشر أرادت استعمال الدين لاستنهاض الغرائز والشر
مرت عقود الرخاء وعصور الانحطاط، وتقاتل الناس وتصالحوا وتهادنوا. لكن ما تمر به البشرية اليوم لم يسبق له مثيل وعلى كل المستويات. وأهم ما شغل الفلاسفة القدامى والإنسانية عموما هو "المعرفة" سرا ومعنى، واليوم ومع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعية وأدوات الترجمة المتاحة للجميع، أصبحت معرفة أي شيء عن كل شيء متوفرة.
وهنا قد يرى الأغلبية أن هذا أمر محمود ومطلوب، لكن الحقيقة غير ذلك، فالمعرفة التي تم ضخها في كل الوسائل التعليمية والإعلامية ووسائطها التكنولوجية هي أساسا ما يراد لنا أن نعرفه وليس الحقيقة.
غفا العالم على حلم الحضارة واستقلال المستعمرات، وإنشاء منظومة تقوم على الدبلوماسية الدولية، واتفاقيات السلام التي حققها الفكر البشري ليصل إلى الخريطة التي درسناها وتعلمنا الحدود والدول فيها إلى أن ظهرت الحركات الإرهابية المتطرفة لتصدم العالم الغربي والإسلامي بسلوكيات بشرية بشعة ذهب ضحيتها مدنيون، وخلقت عقولا وشخصيات تعيش الإسلاموفوبيا.
وهنا يعاد طرح المسألة التي طرحها الفلاسفة ولقرون عدة في كل دول العالم وهي مسألة "المعرفة"، و"الحقيقة".
لقد تمكن العقل الإنساني، خاصة الفلاسفة والمفكرين ذوي الاتجاهات الوجودية من التوصل إلى أن الحقيقة لمن سخروا حياتهم لها قد يسبب مأساة وعائقا، وبالتالي من المستحسن الاكتفاء بدور المعرفة المتوفرة عبر الكتب والمصادر المتاحة بدون التعمق والتنقيب عن تفاصيل قد توصل الشخص إلى مرحلة المأساة كما هو الأمر مثلا في أسطورة أوديب الشهيرة وغيرها مما تعلمنا.
وكان القتال في بداية الخلق بعيدا عن التفسيرات والحقائق الدينية من أجل البقاء وتوفير الغذاء والحاجيات الأساسية. فكانت الغريزة هي التي تقود الإنسان للدفاع أو الهجوم، للاستقرار أو الانتقال والهجرة.
وجاءت الديانات السماوية تباعا لتنظم الغرائز وتسيطر عليها، وتعلم البشرية وتذكرهم بوجود الخالق ومصدر الخلق والنهاية، فكانت رادعا دفع الأنبياء والرسل ضريبة إيصاله، لأن الإنسان عنيد بطبعه ويسعى لمحاربة كل ما يقف ضد رغباته.
وبعد آلاف السنوات من نزول الكتب السماوية المقدسة، والتي انتهت مع خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم، ظهرت طائفة من البشر أرادت استعمال الدين لاستنهاض الغرائز والشر.
إنهم الإخونجية أو "الإخوان المسلمون" الذين ومنذ نشأتهم فتتوا الأمة وفرقوا المسلمين، وباسم الدين عملوا منذ قرابة القرن وعادوا اليوم ليعملوا على استغلال الدين عكسيا لزرع الكراهية، وتأجيج الطائفية والخلافات في ديننا الإسلامي الحنيف، وبقية الديانات.
أرادوا الدماء أن تسيل أنهارا لتأخذ وجدان البشرية وتبعد بصيرتها عنهم ليمتلكوا ما يريدون في هذه الأرض.
تغير التاريخ وتغيرت الأمم بين صعود ونزول، واقتحم "الإخوان" تاريخنا الحديث بأيديولوجيات أوهموا الناس أنهم إن اتبعوها فإنهم سيكسبون الآخرة وما بعد الحياة، لأنهم أرادوا ويرغبون في سرقة الحياة واحتكار العالم لأنفسهم ومصالحهم.
غفا العالم على حلم الحضارة واستقلال المستعمرات، وإنشاء منظومة تقوم على الدبلوماسية الدولية، واتفاقيات السلام التي حققها الفكر البشري ليصل إلى الخريطة التي درسناها وتعلمنا الحدود والدول فيها إلى أن ظهرت الحركات الإرهابية المتطرفة لتصدم العالم الغربي والإسلامي بسلوكيات بشرية بشعة ذهب ضحيتها مدنيون، وخلقت عقولا وشخصيات تعيش الإسلاموفوبيا ورعب الدين وربطته بالإرهاب.
ولم تأتِ "القاعدة" ولا "داعش" من فراغ بل هما ثمار لجذور الشر التي زرعها الفكر الإخونجي ضد كل من يخالفه ولا ينضم تحت لوائه الأسود.
لقد حان الوقت لأن يدرك المجتمع الدولي أن الإرهاب هو نتاج للأيديولوجيات الإخوانية، فبالتالي الحروب الميدانية للإرهابيين لن تؤتي أكلها ولن تحقق السلام. فالسلام الدولي يحتاج إلى إدراك فعلي بخطورة الفكر الإخواني، وضرورة التعاون وتكاتف الجهود لاقتلاع جذوره التي تعيش كما الحرباء، فتزهر حينا وتختبئ أحيانا تحت الرماد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة